شبكة قدس الإخبارية

الناس للناس ..

حملة اليامون.. عائلات مستورة كانت سبّاقة للخير رغم أنّها المستهدَفة

t5z3u5jlhc61

جنين - خاص بقدس الإخبارية: “فاجأني ذاك الطفل الذي أعرف أنه من عائلة مستورة جداً، ليقدّم بعض المال الذي لديه، لم يتردد أبدًا، بل علّه يقول في نفسه “الناس للناس”، وإذا قدّمت لله شيئا سألاقيه غدًا فالله لا ينسى أحدًا”، هذا مشهد من مشاهد حملة تبرعات في بلدة اليامون شمالي مدينة جنين بالضفة المحتلة.

لم يفاجئهم حجم التفاعل مع التبرعات، بقدر ما فاجأتهم الفئات التي قدّمت ما لديها من أجل الخير والخير فقط، والأطفال الذين وضعوا حصّالاتهم من أجل مساعدة آخرين في بلدتهم.

“حملة اليامون الخير” فكرة انطلقت الخميس الماضي، في محاولة لإغاثة الفئات المتضررة من جائحة كورونا وفي ظل عدم وجود بدائل، فلا يوجد أي جهة تقدّم أي شيء للعائلات المتضررة في البلدة بحسب عضو الحملة أحمد أبو الهيجا.

وأضاف: “بعدما طُرحت الفكرة، عقدنا لقاءً على مستوى البلدة، وشكلنا لجنة لجمع التبرعات لكن بشكل غير تقليدي، على أن يكون كل شيء على مرأى ومسمع الناس من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.

وأشار إلى أن الحملة بدأت الخميس الماضي وحتى أمس، رغم أن المخطط كان ليوم واحد، لكنّ أهل الخير استمرّوا في التبرع فمددنا لعدّة أيام بغية تحقيق الأهداف المرجوة.

ولفت إلى أن عملية التبرعات كانت تُنشر أولًا بأول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تشجيعًا للناس على دعم ومساندة بعضهم البعض، لذلك تم إنشاء صفحة “حملة اليامون الخير”، وكانت تُفتح صناديق التبرعات عبر خاصية البث المباشر عبر الفيسبوك.

أكد أبو الهيجا أن التبرعات “لم تكن من العائلات الميسورة وإنما من العائلات المتوسطة التي قدّمت ما لديها دون تردد، إلى جانب المفاجأة الكبيرة التي أثّرت بنا كثيرًا، وهي تبرعات العائلات المستورة التي نودّ نحن تقديم العون لها”.

إضافة إلى ذلك، فقد شارك الأطفال في التبرع بحصالاتهم وتشجيع ذويهم على تقديم المال بعدما تم نشر صور لأطفال مع آبائهم وهو يضعون تبرعاتهم في الصناديق.

وبحسب أبو الهيجا، هناك بعض العائلات الفقيرة وجدنا أنها شاركت في الحملة، بمبلغ بسيط لكنه بالنسبة لنا كان له أثرًا كبيرًا، فكانوا يعطون المبلغ لأبنائهم كي يضعوه في الصناديق.

وقال: “فاجأنا أحد الأطفال حينما جاء وضع مبلغاً بسيطًا في الصندوق، أعلم تمامًا بأنه من عائلة فقيرة، لكنه لم يتردد في تقديمه في سبيل العون والمساعدة، وكأن لسان حاله يقول الله لن ينسانا”.

وكذلك وصلت رسالة داخل صندوق التبرعات بداخلها 50 شيقلًا، وكانت بدون اسم، وكُتب فيها: “شكراً لكم على جهودكم، أنا لا أملك سوى مائة شيقل، وليكن نصفها للحملة”.

يبين أبو الهيجا أنهم يبحثون عن مثل هذا الشخص ويا ليتهم يعرفون من هو كي يقدّموا له المساعدة، مضيفًا أن هناك العديد من العائلات المستورة التي لا تملك المال لكنها قدّمت الزيت أو الزيتون وغير ذلك مما توفّر لديهم.

استطاعت الحملة نشر المحبة والخير، وجمع 335 ألف شيقل خلال الأيام الماضية، حيث سيتم توزيعها على 600 عائلة في البلدة كالآتي: 350 شيقلًا، وطرد غذائي بقيمة 150 شيقلًا إلى جانب كوبون طبي لمن يحتاجه من تلك العائلات مقدّم من أحد المراكز الطبية في البلدة.

أمّا عملية التوزيع ستكون ضمن آلية بحث وتدقيق في الأسماء والمعلومات حتى يتم إيصال التبرعات بالشكل السليم ولمن يحتاج حقًا ضمن لجنة فرعية، يقول أبو الهيجا: “نحن نستهدف ثلاث فئات؛ الأولى هي لفقراء البلدة المعروفين لدينا، والثانية للفقراء الجدد وهم من تضرروا بفعل أزمة كورونا مثل عمال المياومة والبسطات والمطاعم وغيرها، والفئة الثالثة هي العائلات المتعففة التي تُظهر للناس بأنها غير محتاجة لكنها فعليًا الأحوج”.

ويؤكد أن الناس بدأت ترسل رسائل عبر صفحتهم على “فيسبوك” عن احتياجاتها، لكن نصف الرسائل لا يطلب أصحابها المساعدة لهم وإنما لجيرانهم أو أصدقائهم أو أشخاص يعرفون كيف تغيّرت الأوضاع عليهم بفعل الأزمة، وهذا أمر رائع أن تطلب لغيرك لا لنفسك”.