فلسطين المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: خسائر بالملايين تكبّدها قطاع النقل العمومي عقب إعلان حالة الطوارئ في فلسطين في ظل انتشار فيروس كورونا، ويحتاج هذا القطاع مدة عامين حتى يسترد عافيته جرّاء تعطله لشهرين، في حين يعيش السائقون أوضاعا صعبة وسط وعودات رسمية بالمساعدة وفق الإمكانات.
وقال نقيب العاملين في النقل العمومي بالضفة المحتلة أحمد جابر: "إن عدد المركبات العمومية في الضفة ما يقارب 11 ألف مركبة (سرفيس، وسفريات خاصة)، ومعدل دخل كل سيارة حوالي خمسة آلاف شيقل شهريا، أي أن خسائر قطاع النقل العمومي تُقدر بـ 100 مليون شيقل خلال الشهرين".
وبيّن جابر لـ"قدس الإخبارية"، أن نقابة النقل العمومي أرسلت كتبًا ومناشدات لوزارة النقل والمواصلات ولم تتلق ردًا، مطالبين الحكومة بدعم هذا القطاع وإعفاء السائقين من رسوم الترخيص وأجرة رقم البيرمت والضرائب لمدةّ عام، أي أن الحكومة تتحمل 50% من الأعباء المادية، والسائقون يغطون النصف الأخر.
خسائر وحلول مقترحة
وأمس الأحد اجتمع وزير النقل والمواصلات عاصم سالم، برئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد، ووفدًا من نقابات عمال النقل، وناقشوا أبرز المشاكل التي عانى منها قطاع النقل والمواصلات خلال فترة الطوارئ، والحلول المقترحة المساندة لهم.
وأشار جابر إلى أنه إذا اتخذت الحكومة قرار الدعم، فقطاع النقل العمومي سيسترد عافيته بعد سبعة شهور، أما إذا لم يتم إعفاء السائقين بنصف المبلغ، فالقطاع يحتاج إلى عامين ليعود لعمله كما كان سابقا. كما طالب أيضًا الحكومة بأخذ قرار حاسم حول المركبات الخصوصية، وعدم مزاحمتها للمركبات العمومية.
ووفقًا للمعطيات، فإن حوالي 350 مركبة عمومية في محافظة بيت لحم فقط، انتهى ترخيصها، ومن كان يملك المال لتجديد الرخصة، دفعه على التزامات عائلته، رغم أن وزارة النقل والمواصلات أصدرت قرارًا باعتبار رخص المركبات التي انتهى سريانها سارية المفعول وبشكل استثنائي خلال حالة الطوارئ، إلا أن السائق أصبح لا يملك المال، ولا يعمل حتى يجمعه. تحدث جابر.
الوزارة ترد
وحول دعم قطاع النقل العمومي، قال الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات موسى رحال، إن الأضرار لحقت بكافة القطاعات، وتم رفع بعض القيود والسماح لمكاتب السفريات الخاصة بالعمل في بعض المناطق في المحافظات الشمالية، وقام وزير النقل والمواصلات برفع توصية لمجلس الوزراء حول عودة قطاع النقل العمومي للعمل في المحافظات الشمالية سواء النقل الداخلي بين القرى أو الخارجي بين المحافظات، إضافة إلى توصية حول السماح بعودة عمل مدارس تعليم القيادة.
وأوضح لـ"قدس الإخبارية"، أنه تم إطلاق صندوق دعم ومساعدة العمال بين وزارة العمل والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، والتعويض والدعم يشمل بطبيعة الحال قطاع النقل العمومي، لكن عملية صرف المساعدات تحتاج وقتًا لتدقيق الكشوفات وفحصها.
وفيما بتعلق بإعفاء السائقين من رسوم الترخيص، بيّن رحال أن الرسوم التي تدفعها السفريات الخاصة سنويًا 400 شيقل، والسرفيس 600 شيقل، وعملية خصم نسبة من هذه الرسوم تحتاج لوقت وقرار.
وبخصوص أجرة الرقم العمومي، أشار رحال إلى أن أجرة الرقم التي يدفعها المستأجر تبلغ 2600 شيقل في السنة، أما مالك الرقم فيدفع رسوم تجديد الرخصة 100 شيقل، وعملية إعفاء السائقين بنسبة من أجرة الرقم العمومي لن تكون عادلة بين المستأجر والمالك.
وفيما يتعلق برسوم تأمين المركبات العمومية، قال أحمد جابر إن شركات التأمين لو أرادت دعم هذا القطاع، عليها أن تلغي رسوم تأمين الفترة التي توقفت فيها المركبات عن العمل. هناك ضغوط مادية على السائقين، لأن النسبة الأكبر منهم يشترون مركباتهم من خلال البنوك، وسلطة النقد تطالب بدفعها ابتداء من الرابع من هذا الشهر، ما يؤدي لتراكم الاستحقاقات المادية على السائقين.
وأضاف أن الحكومة خلال حالة الطوارئ لم تذكر قطاع النقل العمومي في الإيجازات الصحفية، ونعتبر أن هذا تهميش لنا، كما تم استثناء السائقين المتضررين من قبل لجان الطوارئ فيما يتعلق بالسلات الغذائية. هناك سائقون لا يملكون في بيتهم ما يسد رمق عائلاتهم.
وأردف أن نقابة النقل العمومي في بيت لحم تقوم بتجهيز وتوزيع سلال غذائية على السائقين المتضررين، وهو جهد نقابي وليس حكومي، فالحكومة لم تقدم لنا أي دعم حتى الآن خلال حالة الطوارئ.
تعويضات منتظرة
وعن أضرار السائقين، يقول منذر طه مدير مكتب سرفيس خط "رام الله- جامعة بيرزيت"، إن السائقين متوقفين عن العمل منذ إغلاق جامعة بيرزيت في ظل الكورونا، ونحن أكبر المتضررين منذ 53 يومًا، والخسارة بالنسبة للسائق خسارتين، خسارة المردود المادي للسائق، وخسارة تتعلق برسوم الترخيص والتأمين وأجرة مواقف المتراكمة عليه، متسائلا من أين سيدفع السائق هذه التكاليف إذا كان متوقفًا عن العمل؟
وأشار في حديثه لـ"قدس"، إلى أن خسارة 113 مركبة عمومية على هذا الخط تقدر قيمتها بثلاثة مليون شيقل، وطيلة فترة حالة الطوارئ وإغلاق جامعة بيرزيت أبوابها لم يصل السائقين أي تعويض، بالرغم من تعبئتهم للنماذج من خلال البلديات.
بدوره، قال وائل الريماوي سائق على خط "بيت ريما- رام الله" إن السائقين يعيشون أوضاعًا صعبة منذ إعلان حالة الطوارئ، وتتفاوت أوضاعهم إذا ما كان يعمل كأجير على مركبة، أو مالك مركبة، أو مستأجر رقم وجسم مركبة، والأصعب هنا الأخير، لأنه يدفع للمالك ولا يعمل حاليا.
وأضاف لـ"قدس" أن السائق يحصل على قوت يومه من خلال عمله، إذا لم يعمل لا يملك المال، هذا إضافة إلى أن السائق لا راتب تقاعدي له ولأ أي ضمان اجتماعي يساعده في كِبره. وأي حلول لا تتضمن عودة عمل السائق كما كان، فالأفضل أن تبقى مركباتنا متوقفة، لأنها حلول غير مجدية وتعادل خسارتنا خلال الطوارئ.
وأردف أنه كأجير يعمل على مركبة تقدر خسارته بثلاثة آلاف شيقل في الشهر، ويتوجب عليّ تسديد قرضين، وتوفير تكاليف المنزل وعلاج زوجتي، مستهجنًا السماح للمركبات الخصوصية بنقل الموظفين إلى المدن رغم الخطورة الصحية، وعدم السماح للمركبات العمومية بالعودة للعمل.
يشار إلى أنه تقرر فتح مديريات النقل والمواصلات في المحافظات الشمالية "نابلس وجنين وطولكرم وسلفيت وطوباس وقلقيلية" وأريحا، بناءً على تعليمات وزير النقل والمواصلات، وذلك طوال أيام الأسبوع (من الأحد إلى الخميس) على أن يتم التشديد باتباع تعليمات السلامة العامة والوقاية والالتزام بالبروتوكول الصحي. لكن القرار لا يشير إلى تحسين أوضاع السائقين العمومين أيضًا، على الأقل حتى الآن.