الضفة المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: في "كُفر اللوز" عائلات ثلاث تتصارع على "الُحكم"، ولكلٍ منها مبرره بـ"العائلة الكبيرة، والجاه، والمال" وسط قصص عائلات وحكايات اجتماعية تعكس زوايا من الواقع العربي عامة، والفلسطيني خاصة.
يُعرض مسلسل "كفر اللوز 2" في شهر رمضان الحالي، عبر قناة "فلسطين وفلسطيني" بإنتاج فلسطيني خاص، من فكرة وإنتاج وإخراج المخرج الفلسطيني بشار النجار.
يعدّ المسلسل خليطًا اجتماعيًا كوميديًا يحمل رسائل سياسية وواقعية، عبر بطولة 3 مكونات رئيسية لعائلة كل من "الدكر وأبو فجلة والنسناس" يسكنون في قرية تُسمى "كفر اللوز"، تتصارع العائلات على رئاسة المجلس القروي، وتبرز قضايا اجتماعية بالمصاهرة وفرض القانون والحاجة لتحويل المجلس القروي إلى بلدية، والكثير من القضايا الأخرى، وصولًا إلى الكورونا.
وقال المخرج الفلسطيني بشار النجار في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، إنه بدأ بكتابة نصوص حلقات المسلسل من مواقف الواقع إضافة إلى المزيد من "الفانتازيا" التي أثبت المشاهدون لاحقًا أنها تعكس واقعهم، وقصصًا يعرفونها بالفعل أيضًا، وهو ما يشير إلى قرب الحلقات من حياة الناس.
وأوضح أنه بدأ بكتابة حلقات المسلسل في وقتٍ مبكر، انتهت في 2019، لكنّه اضطر لحذف آخر حلقتين من المسلسل، واستبدالهما بالحديث عن وصول فيروس كورونا إلى فلسطين.
"كنتُ مرّة في سيارة عمومية، وعبر الإذاعة جاء اتصال من أحد الأهالي بالقرى، قائلًا -ليش ما يتحول المجلس القروي لبلدية؟ احنا بدنا بلدية للبلد"، يتحدث النجار مستذكرًا الموقف الذي انطلق منه لاستوحاء فكرة حلقة "مشروع بلدية" التي اعتبرها من الحلقات الأكثر متعة بالمسلسل.
ويشارك في العمل 26 ممثلًا رئيسيًا و20 آخرين من الضيوف موزعين على الحلقات الـ29، من أفضل الكوادر الفنية في فلسطين، وقد تطورت خبراتهم بتصويرهم لأعمال درامية مؤخرًا لاقت نجاحًا واسعًا. وفقًا للنجار.
وحول تسلسل الحلقات، قال إن الحلقات الأولى عملت على الربط مع المسلسل الأول وتذكير الناس بالشخصيات والأحداث، تمهيدًا للانطلاق بالحديث عن أفكار أخرى تربطها عوامل الشخصيات والمكان، عبر حبكة درامية سلسة. ويمكن الحكم على المسلسل بصورةٍ عامة بعد الحلقات السبع الأولى على الأقل وتحمل البقية أفكارًا وقضايا أكثر متعة وقربًا وعمقًا مثل حلقة "فحص وطني التي تتحدث عن فحص مدى الوطنية في الدم، وحلقة الاتهام والانتقام والتي تتحدث عن العشائر وإصابة أحدهم"، مؤكدًا أنه لاقى ردود أفعال داعمة.
ويمكن تفسير رسائل ومضامين المسلسل، بأوجهٍ عدة وفق ما يسمى "الإسقاط الدرامي"، موضحًا أن الاختلاف بين مخاتير كفر اللوز، يعكس حالة الانقسام الفلسطيني والأحزاب الفلسطينية ربما، وبجهة أخرى هو يمثل الطائفية والسنة والشيعة، والاختلافات السياسية عربيًا، وهو ما يمكن أخذه على أوجهٍ عدة. وقياسًا عليه يمكن النظر إلى بقية الحلقات ورسائلها أيضًا.
أما عن الفروق بين "الجزء الأول والثاني" للمسلسل، فأوضح أن الثاني أكثر عمقًا في طرح القضايا وأكثر واقعية أيضًا، كما أنه أكثر غنى بالمواقع الجغرافية، وعدد الشخصيات والضيوف.
كما أن تطور أداء الشخصيات بدى فارقًا بين الجزئين الذين جاءا بفارق 4 سنوات، وتخلل هذه الفترة أعمالًا أخرى ساعدت في زيادة الخبرة للكادر، كما زُودت الشخصيات بعدد من "الراكوزات والملابس المختلفة"، وتطورت كذلك عدة نقاط بآلية الإخراج والتصوير.
وأشار النجار إلى أن المسلسل جرى تصويره في بلدة "بورين" قضاء نابلس، بدءًا من نهاية العام 2019 تقريبًا وحتى بداية أبريل/نيسان الحالي، قبل شهر رمضان. وقد عرض بمشاهده فصولًا مختلفة "الشتاء والربيع وصولًا إلى أيام الأجواء الصيفية المشمشة مؤخرًا".
وحول اختيار المكان، أوضح أن بورين تتمتع بطبيعة جميلة وإطلالات ساحرة، وتعاني واقعًا جغرافيًا واحتلاليًا صعبًا، حيث تحيط بها 4 مستوطنات، وبها عيون الماء التي يسعى الاحتلال لسرقتها، والتصوير بها يحقق عددًا من أهداف المسلسل المتمثلة بعرض حياة الريف الفلسطيني إضافة إلى عرض الحياة البيئية الجميلة في فلسطين".
وفيما يتعلق بالتحديات التي واجهت إنجاز المسلسل، قال النجار: "الحقيقة، هذا المسلسل محفوف بالتحديات من بدايته حتى نهايته، لكن حاولنا تجاوزنا بهمة الفريق والكادر الفني الوطني الرائع، الذي يقدم الفن بمحبة وهدف وطاقة عالية، لكن تبقى مشكلة التمويل ورأس المال قائمة".
"180 ألف دولار" هي تكلفة المسلسل وتصوير حلقاته واللوجستيات ورعاية الطاقم وتكاليف التصوير والإنتاج كاملة، وبيع العمل للجهات المحلية، في الحقيقة لا يغطي أقل من ثلث هذا المبلغ، لكنه هدف ورسالة ومشاركة يجب أن يتم إبرازها". يتحدث النجار.
ولفت إلى محاولات فردية فلسطينية للتواصل والتنسيق مع جهات عربية بالخارج، ورفع الثقة بالإنتاج الدرامي الفلسطيني، لكن ما تزال المعضلة قائمة مع أصحاب رؤوس الأموال والجهات الإعلامية خارجيًا، خاصة وأن العمل الدرامي يخضع لتوجهات سياسية وبعض الجهات بدأت بترك القضية الفلسطينية، مطالبًا باهتمام رسمي ومؤسساتي بهذا الموضوع.
ووصف المخرج الفلسطيني، الكوادر الفنية العاملة بالدراما الفلسطينية بـ"الفدائية"، التي تقدم جهودًا جبارة، بالرغم من كل الظروف، ويواصلون المسير، بالرغم من السباق غير المنصف الذي يجري، وفقًا لوصفه.
وحول المستقبل، لم يخفِ سرًا بأنه يجري تجهيز عملين، الأول اسمه "نزيف التراب" وهو يعكس حال الضفة المحتلة وطنيًا واحتلاليًا، حيث يبتلعها الاستيطان كل يوم، والثاني هو عمل "أم الياسمين" ويعرض الحياة في فلسطين إبان الدولة العثمانية لكنه بحاجة للتزود بمراجع علمية وتاريخية موثوقة للتأكد من التفاصيل".
ووجّه المخرج الفلسطيني بشار النجار، رسالة للجمهور الفلسطيني، بأن يكون الداعم الأول والأساسي لإنتاجه الوطني، موضحًا أن إقبال الناس على الأعمال الوطنية وزيادة الثقة بها، يدفع أصحاب القرار والمتابعين إلى تبنيها وتطويرها وبالتالي تقديم رسائل ومضامين أقوى وتعبر عن تطلعاته.