هنالك من يعتقد بأن التنسيق الأمني هو المشروع الوطني الفلسطيني، وأن كل من ينتقد التنسيق الأمني والمطبعين مع الاحتلال وكأنه يهاجم المشروع الوطني.
لقد أخطأت حركة فتح ومناصريها خطأ فادحاً عندما أقرت وربما شاركت في الاعتداء على الشاب نزار بنات يوم أمس في بيت لحم بعد انتهاء المؤتمر الذي دعت له اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل والذي عقد في جامعة بيت لحم.
لقد أكد رئيس السلطة ورئيس حركة فتح محمود عباس قبل أيام في البحر الميت بالأردن بأن السلطة تنسق مع اسرائيل، بل أضاف: "ونحن نفتخر بذلك...الخ" كان هذا كلام الرئيس محمود عباس-كما نشرته وسائل الاعلام- وليس كلام أي أحد آخر. الناشط السياسي نزار بنات استخدم هذا الكلام الذي صدر عن الرئيس وقاله في المؤتمر مخاطباً وزير الاقتصاد الوطني د.جواد الناجي. حيث كان نزار بنات يحاول أن يقول بأن هنالك تطبيع رسمي فلسطيني فلماذا لا ينتهي هذا التطبيع الرسمي كجزء من حملة المقاطعة العالمية التي يقودها عشرات الالاف من مناصري الشعب الفلسطيني في كل مكان من العالم. إلا أن الوزير (الملتزم بالمشروع الوطني) لم يقبل مثل هذا الكلام واعتبره إساءة لمنظمة التحرير وللرئيس أبو مازن وللقيادة الفلسطينية. ووقعت مشادة كلامية طالب على أثرها مجموعة من الشبان الوزير بالمغادرة وبالفعل طُرد الوزير من المؤتمر. وكان ما كان من اعتداء همجي وغير مبرر من قبل مجموعة من البلطجية والزعران الذين وكما يبدو أن تصرُفهم راق لحركة فتح. فقد أصدرت الحركة بياناً تؤكد فيه أنها ستضرب بيد من حديد (ليس الاحتلال, ليس العملاء, ليس المطبعين, ليس المستثمرين في المستوطنات, ليس المتلاعبين في أرزاق الناس, ليس الانتهازيين والاستغلاليين, ليس من يجوع الناس ويفقرهم..ألخ) بل هاجمت الحركة كل من يمس القيادة الفلسطينية ويهاجمها. لا ندري كيف هاجم نزار القيادة عندما قام بترديد ما قالته القيادة بنفسها في هذا الشأن، ولا ندري ما هي المعايير التي يجري بموجبها تقييم الناس لدى حركة فتح! لكي يتم وصف نزار بنات في بيان الحركة بانه مأجور. ولكي يقول الوزير له: "ليش بتعوّي هيك"!إذا كانت حركة فتح ترى فيما قاله نزار بأنه مسيء للقيادة ولمنظمة التحرير فالأولى أن تنتقد قائدها الذي صدر عنه هذا الكلام.
كأن حركة فتح وهذا الوزير يرون في الشعب الفلسطيني كلاباً "تعوي". فمنهم من يعوي معهم ومنهم من يعوي عليهم. وربما تتعامل الحركة مع الشعب الفلسطيني كما يقول المثل: "كلب يعوي معي ولا يعوي علي"، لذلك يشترون من يسكت ويعتدون على من يرفض الذل. إن من يعتقد أن صراعنا مع الاحتلال لا يمر من خلال صراع ديمقراطي لا يقل شراسة وأهمية ضد أي سلطة أو نظام حكم يعادي مصالح الشعب فهو مخطئ وعليه أن يعيد النظر في فهمه للنضال. أختم بما قاله مظفر النواب منذ زمن بعيد: "لماذا أدخِلَ القَمعُ إلى القَلب! وتستولي الرقابة على صمتي وأوراقي..وخطوتي..ومتاهاتي؟ ألا أملك أن أسكت؟ أن أنطق؟ أن أمشي بغير الشارع الرسمي؟ أن أبكي؟ ألا أملك حقا من حقوق النشر والتوزيع للنيران مجانا؟ لماذا يضع السيد هذا وطني في جيبه الخلفي؟".