الخليل - خاص بقدس الإخبارية: لم تتوان "مها" عن تقديم الأفضل لطالباتها اللواتي يخضعن كغيرهنّ من أبناء فلسطين للحجر الإلزامي في ظل انتشار وباء كورونا، لكنها لم تستغنِ أبدًا عن “السبّورة والطبشورة” التي لطالما كانت تستخدمهما في الشرح المفصّل أوقات الدراسة قبل إعلان حالة الطوارئ في البلاد.
مها أبو منشار (28 عامًا) إحدى معلمات الجغرافيا في مدرسة ياسر عامر الثانوية للبنات في الخليل، بحثتْ، عمِلت بجدّ، وقدّمتْ كلّ ما لديها من إمكانيات بكل حب من أجل طالباتها.
تقول مها أبو منشار في حديثها لـ”قدس الإخبارية” إن الظروف التي مررنا بها وما زلنا بالطبع صعبة، فنحن كمعلمين تقع علينا مسؤولية كبيرة اتجاه الطلبة، خاصة طلاب الثانوية العامة “التوجيهي”، فهناك مادّة يجب أن ننهي شرحها، ولم نكن نعلم مصير هؤلاء الطلاب”.
وتضيف أنها بحثت في عدّة تطبيقات، لكنها وجدت أحدها وهو “My u” الأفضل والأقرب لطريقة التعليم التي تتعامل بها مع طالباتها في العادة، ووجدت أنه عن طريقه تستطيع رفع أي مادة مكتوبة أو مصوّرة لطالباتها، إلى جانب الامتحانات وأوراق العمل بكل يسر وسهولة للطرفين.
منذ إعلان حالة الطوارئ أنشأت أبو منشار حسابًا لها على هذا التطبيق المرِن، وأنشأت ثلاثة صفوف (العاشر، الحادي عشر، الثاني عشر “التوجيهي”)، فعرضت على الطالبات التطبيق وحظي بإعجابهن بعد عدّة دروس تشرح لهنّ آلية عمله.
وتوضح أنها استعانت باللوح والطباشير في عملية الشرح من منزلها وكأنّها في الصف، فتقوم بتثبيت هاتفها الذكي في مكان معيّن ثم تبدأ بتصوير نفسها وهي تشرح مادّة محددة لمدة لا تتجاوز العشر دقائق.
وتُلفت إلى أن مادة الجغرافيا مادة جامدة، وإذا لم يتم شرحها بطريقة محبّبة لن تستوعبها الطالبات، وتقول: “بداية كنت أشرح لهن صفحة من الكتاب مثلاً، فأستعين باللوح وأضع النقاط الرئيسية ملخّصة والصورة المطلوبة (شرح بسيط من دقيقة إلى خمس دقائق)، من هنا بدأن الطالبات يستوعبن الفكرة بشكل أكبر وبالتالي كثّفتُ الشرح لكن بطريقة سهلة لهنّ في الوقت ذاته، إلى جانب طلب الواجب منهنّ وتقديمه لي في وقت معيّن أو دون تحديد وقت”.
وعن الصعوبات في هذا المجال، تبين أبو منشار أن عدم وجود الخرائط في المنزل كان أحد أهم المُعيقات التي واجهتها خلال العملية التعليمية الإلكترونية، فجميعها في المدرسة، لكنها تخطّتها من خلال رسم الخارطة.
كانت تعمل خلال الليل على رسم القارات، تختار قارة معيّنة، ترسمها وتحدّد المطلوب منها، مع التركيز على ما سيدخل في امتحانات الثانوية العامة، ثم تصحو باكرًا لتجهّز الفيديو الشارح وترسله للطالبات عبر التطبيق، مع العلم بأن الأمر ليس سهلاً فهذا الرسم يحتاج من ساعة إلى ساعتين ليخرج بالشكل المتقن، ولكنها تقول بأنها جدّاً سعيدة بذلك وضميرها مُرتاح.
أما الصف العاشر، فتتعامل معهم بذات الطريقة التعليمية، إلّا أنها تُضيف لهم بعض حلقات النقاش من خلال مقاطع مُفيدة وتربوية وتعليمية واجتماعية عبر اليوتيوب أو متابعة برامج سياسية وربط الطالبات بأرض الواقع، إلى جانب ما يحدث في العالم بسبب فيروس كورونا، فيقدّمون إمّا تقريرًا أو ملخّصاً أو رأيًا حول أمر معيّن.
هناك 110 طالبات يُشاركن في الحصص التي تقدّمها المعلمة أبو منشار، في المقابل هناك نحو عشرين طالبة لم يتمكنّ من ذلك، بسبب أوضاعهنّ المادية أو عدم توفّر الانترنت في المنزل.
تتوقع أبو منشار لـ"قدس" بأن يتم تعويض هؤلاء الطالبات من خلال حضورهنّ لمدارسهنّ قبل بدء العام الدراسي الجديد، على أن يتم تلخيص أهم المواد التي يُمكن أن يحتجنها في الصفوف التالية، وعمل امتحان فيها، لكن ما زالت الأمور غير معروفة.
لكن هناك أيضًا طالبات يُساعدن بعضهنّ البعض في هذا المجال، فمقاطع الفيديو تبقى مخزّنة في التطبيق ويُمكن الاطّلاع عليها في أي وقت، فمن يتوفّر الانترنت لديها تُساعد صديقتها (غير المتوفر عندها) في مشاهدته والحصول على المعلومات في أسمى معاني المُشاركة والمساعدة والتعاون.