رام الله المحتلة -خاص قدس الإخبارية: "لا أشعر بالفرحة بعد"... جملته الأولى التي افتتح بها حديثه بعد انتزاعه حريته من سجون الاحتلال بعد ١٥ عاماً من اعتقال تسلل خلاله الموت خاطفاً والدته، ليعود زائراً إلى قبرها. ساجداً عليه، قبل أن يرتمي قربه عسى أن يشعر بحضن سعى دوماً في سنوات اعتقاله أن يعود إليه، فعاد، ولم يجده.
ذات المشهد يتكرر مجدداً، مشهد يجسد الوجهة الأولى للأسير بعد انتزاعه حريته، إلى المقابر، باحثاً عن قبر والدة، لم يكن بجانبها لحظة ألمها، لم يودعها الوداع الأخير. فقد طرقات أصابعها على نافذة الزيارة، لم تعد همساتها تصله عبر سماعة تلك النافذة، ولم يعد يرى دموع فرحتها كما كل زيارة.
يقف شحادة علي حامد (36 عاماً) على مشارف بلدته سلواد شرق رام الله، منتزعاً حريته، منتصراً كما ربته والدته وأرادته دوماً، خاطباً بالجماهير: "من هنا انطلقنا حيث أرادوا دوماً أن يكسرونا.. أرادوه كسراً فأبدلناه نصراً". مشيراً إلى أن نصره ورفاقه الأسرى هو صمودهم السنين الطوال داخل سجون الاحتلال، عاصين عن الكسر، عاصين عن الاستسلام، رافضين التراجع.
لم تُسمع زغاريد والدة شحادة التي حضرتها يوماً، لم تُسمع أغانيها، فأُبدلت بالرصاص، وبكلمات شحادة الثابتة والحازمة أمام الجمع. كلمات لم يغب عن اسم واحد من أسرى البلدة من أحكام المؤبدات والأحكام العالية، مؤكداً على أنهم الانتصار الحالي في معركتنا المستمرة مع المحتل، "تمكنت هذه البلدة من إخراج إعصاراً لم يستطيعوا له صدا".
شحادة الذي تحرر من سجن النقب، أحد الأسرى المرضى الذين سبق أن خضع لعمليتين جراحيتين خلال اعتقاله، يقول لـ قدس الإخبارية، "لا كلمات ولا حتى مجلدات تتسع للحديث عن الأوضاع داخل السجون وخاصة منذ الحرب الصامتة التي تشن على الأسرى بعيداً عن الإعلام ضمن برنامج ممنهج ينفذ يومياً".
لم يُحمل الأسرى شحادة الكثير من رسائلهم التي لا تطالب سوى الالتفاف حولهم وحول مطالبهم في المعركة التي يخوضونها مع إدارة سجون الاحتلال، "رسائل الأسرى لا يريدون سوى الالتفاف حول قضيتهم والعمل الجاد لصد هجمة الاحتلال". متابعاً، "إذا الشعب والثورة غير قادرين على تحرير الأسرى، فلا نطلب منهم اليوم سوى صد الهجمة التي تشن ضدنا داخل السجون".