غزة – خاص قدس الإخبارية: شاء القدر أن تبتعد وفاء طومان عن منطقة سكناها وعملها في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يوم الخميس، لتحضر احتفالاً رسميًا بمناسبة يوم المرأة العالمي والذي يصادف الثامن من آذار، نظمته وزارة التنمية الاجتماعية في غرب مدينة غزة.
كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة والرُبع مساءً، حينما نادت عريفة الحفل على اسمها لتصعد إلى المنصة ليتم تكريمها ضمن قائمة الموظفات المتميزات؛ كونها تعمل مديرة للمكتب الفرعي لوزارة التنمية في مخيم النصيرات.
في لحظة صعود طومان إلى المنصة، رنّ هاتفها، من حضانة طفليها ونبضات قلبها بدأت بالتسارع، وقالت إن عليها الحضور حالاً لأخذهما خشية أن يلحق بهما ضرر نتيجة الحرائق التي تقترب من المكان، بفعل انفجار ضخم وقع إلى جانب المركز في سوق النصيرات.
أغلقت الهاتف ولزم القلق قلبها على طفليها الذين جاءا إلى الدنيا بعد طول انتظار، وبعجالة قضت لحظة استلام شهادة التميز، لتنطلق صوب المخيم.
وتوفي 11 فلسطينيًا، بينهم 4 أطفال و3 سيدات إضافة لـ 4 رجال فيما أصيب 58 آخرون بجروح بينهم 14 جروحهم خطيرة لحرجة، في حريق ضخم في سوق مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ناجم عن تسريب للغاز داخل أحد المخابز، ما أدى لاشتعال النيران في المكان، تلاه انفجار لعدد من اسطوانات الغاز، وامتداد للحريق إلى المرافق والمحلات الملاصقة، حسب المصادر الرسمية الفلسطينية.
"لو تُطوى الطريق"
بدت الطريق بين غزة ومخيم النصيرات التي لا تتعدى النصف ساعة طويلة على قلب وفاء طومان (36 عامًا)، وهي تتمتم داخل السيارة التي استقلتها: "يارب سلّم جعفر وجمانة يارب سلم".
بعد وصول ثقيل، رست وسكنت عجلات السيارة على أبواب صيدلية بالقرب من مكان الحريق، فراود ذهنها حينها أن تشتري منها علاجًا للكحة لتوأمها المريضين الذين يبلغان عامًا ونصف.
طلبت الدواء بسرعة، وانطلقت، لكن ما إن فتحت الباب ومشت عدة خطوات حتى وقع انفجار، فزادها الخوف خوفًا، لتسرع في نقل طفليها لمنزلها البعيد عن الحدث، كما تروي شقيقاتها لمراسل "قدس الإخبارية"، وهن يحاولن إطعامها وسقيها بالشفاطة.
كانت تجري وفاء والنيران تلحق بها، وتلتهم جلبابها، دون أن تدري، وطالت أطرافها، ووصلت إلى وجهها، حتى التقفتها الطواقم الطبية ونقلتها لمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، ثم حُولت إلى مجمع الشفاء في غزة.
بعد مرور ساعات من مساء ذلك اليوم، أُخرجت من المستشفى إلى المنزل، لكثرة أعداد المصابين، وحينها احتضنت أطفالها، ولكن بحروق في أطرافها "من الدرجة الثانية" وفي الوجه "من الدرجة الأولى"، وبات صعبًا عليها التحدث أو فتحه؛ لكون أن الحرق يشد وجهها، ويؤلمها.