كان لافتًا أن يتضمّن خطاب الرئيس الأميركيّ دونالد ترمب لدى إعلانه عن صفقة القرن إشارة واضحة إلى حماس بالقول: إنّ تطبيق الصفقة يتطلّب وقف أنشطتها، في حين طالب رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في اليوم ذاته بنزع سلاحها في غزّة.
ليست المرة الأولى التي تعلن فيها "إسرائيل" رغبتها بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، فقد حاولت مرارًا، لكنّها لم تنجح، لكن الإتيان على ذكر هذا السلاح في ذات يوم إعلان الصفقة يجعل هواجس حماس بمخاطر التوجّه الإسرائيليّ والأميركيّ لنزع سلاحها مفهومة ومنطقيّة، لكنّه لن يتمّ، إلاّ بحرب إسرائيليّة على غزّة.
مع العلم أنَّ السلاح الأكثر خطورة في نظر "إسرائيل"، والمطلوب نزعه من حماس هو الصواريخ والمدفعيّة، وكلّ ما يطلق عن بعد، وعابر للحدود، مع أنّ الحركة قد تعوّض الأسلحة التي تخسرها في أيّ حرب بالصناعات المحليّة، والتهريب من خارج غزّة.
يتداول الفلسطينيون ما يمكن وصفها سيناريوهات إسرائيلية لنزع سلاح المقاومة تطبيقًا للصفقة، سواء بحرب طاحنة، أو بأدوات ناعمة كالازدهار الاقتصاديّ، أو هدنة طويلة، وإغلاق المنافذ التي تمدّ المقاومة بأسلحتها.
مع العلم أنّ أوساطًا إسرائيليّة تعتقد بعدم واقعيّة هدف نزع سلاح حماس، صحيح أنّ الصفقة تتحدّث عن ذلك، لكنّه حلم فارغ لن يتحقّق، لأنّه يثير سؤالًا عمّن سيفكّكه، وهذا وحده يقدّم بشائر سيّئة للصفقة.
هذا لا يعني التعامل مع التهديدات الإسرائيلية باستهتار، ولا مبالاة، مما يجعل المقاومة تأخذ في الاعتبار أسوأ الاحتمالات، وتبدي جاهزيتها لكلّ سيناريو، بما في ذلك توقّع حرب إسرائيليّة طاحنة ضدّ غزّة لنزع سلاحها، رغم أن الجيش الإسرائيليّ لن يستطيع نزعه بالكلية، ولأن الحديث عن آليّات لتسليم السلاح غير واقعية، فلا يمكن لإسرائيل أن تحصل على تسليم طوعيّ له، لكنّها قد تواصل إرسال الوسطاء لإقناع المقاومة بذلك.
ما من شك بأن "إسرائيل" معنيّة بأن تشمل الصفقة تفكيك سلاح حماس المتطوّر والعادي، لكنّ السؤال حول إمكانيّة حصول ذلك، فقد يتمّ بعمليّة عسكريّة إسرائيليّة، أو إعادة السلطة إلى غزّة، وتكون هي المطالبة بنزع السلاح، أو ظهور تدخّلات عربيّة لتفكيك سلاح حماس، أو تشديد حصار غزّة، ومساومة حماس على نزع سلاحها، وربّما زيادة ضغط مصر على حماس".
لا يتوقّع أحد من الإسرائيليّين أو الأميركيّين أن تبادر حماس من تلقاء نفسها لتسليم سلاحها، مما قد يرجّح فرضيّة أن تسعى "إسرائيل" لنزع سلاح الحركة بالخيار العسكريّ والحرب الشاملة، رغم أنّ هذا السيناريو قد يحمل مفاجآت كبيرة من حماس، ووقوع خسائر إسرائيليّة فادحة غير محتملة، مما لا يوفر إجماعا إسرائيليّا على الحرب لعدم ضمان تحقّق أهدافها منها، وإمكانيّة أن تأتي بنتائج غير مضمونة.