غزة- خاص قُدس الإخبارية: أثار إعلان الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، عن نجاح المقاومة في اختراق مئات الهواتف للجنود الإسرائيليين، تساؤلات عدة عن المرحلة التي وصلت إليها المعركة التكنولوجية مع الاحتلال، والطرق التي تلجأ إليها المقاومة الفلسطينية على أكثر من صعيد.
وكان جيش الاحتلال أعلن عن نجاح المقاومة في اختراق هواتف جنوده، عبر تطبيقات خاصة وروابط، وحسابات وهمية لفتيات ورسائل صوتية استخدمت بها الهندسة الاجتماعية للوصول إلى ثقة العنصر المستهدف وصولًا إلى مصادرة محتوى هاتفه إلى خادوم تابعٍ للمقاومة.
وتبرز العمليات التقنية إلى جانب العسكرية والشعبية، في الأساليب التي تنتهجها المقاومة الفلسطينية، في معركتها مع الاحتلال على أكثر من صعيد، إذ تقدم الوحدات التقنية جهدًا مستمرًا للحصول على المعلومات التي تشكل لبنة أساسية لخدمة جوانب أخرى.
من جهته، قال الناشط في أمن المعلومات، محمود أبو غوش، إن "المقاومة تواكب التطور التكنولوجي، بشكلٍ كبير، خاصة في السنوات الأخيرة، وتحاول مجاراة التطور الذي يحدث بشكل لحظي وهائل، لا يستطيع أحد ملاحقته".
ورأى في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، أن المقاومة طورت من أساليبها في عمليات السايبر، خاصة أن الأساليب السابقة التي استخدمت بها حسابات وهمية فقط لجمع المعلومات من الشخصيات جرى اكتشافها بالفعل، فاستخدمت المقاومة اليوم ما يسمى بالهندسة الاجتماعية الذي يبني على الأسلوب السابق لكن بشكلٍ متطور يعتمد على كسب ثقة الشخص ثم جمع المعلومات".
ووفقًا لأبو غوش، فإنّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لها تأثير قوي جدًا في ايصال المعلومات بسهولة، إضافة إلى الترويج لمشروع المقاومة خصوصًا أنها منصات يتابعها الجميع من كافة الأطياف والأجناس عالميًا، من بينهم الاحتلال، حيث يجري تصدير الرسائل عبر وسائل علنية مدروسة، وبدون قيود.
واستخدمت المقاومة وسائل التواصل في عمليات السايبر، باعتبارها منصات مفتوحة، وبيئة خصبة للاختراق عبر ربطها بتطبيقات أو تبادل الروابط من خلالها، ثم يجري الاقتياد إلى الايقاع بهاتف الجندي المراد جمع محتواه. بالرغم من أنه أسلوب قديم حذر الاحتلال جنوده منه مسبقًا.
ولفت أبو غوش إلى أن "حرب السايبر" لا يمكن توقعها، وهناك احتمالية قوية لسلب الاحتلال للمعلومات مرة أخرى واختراقها، مضيفًا: "لكننا نؤمن بقدرات المقاومة بالحفاظ على المعلومات".
للاحتلال مآرب والمقاومة تملك معلومات
في السياق، قال المختص في الشأن الأمني إسلام شهوان إن ما يحدث حالياً يعكس التطور الحاصل لدى المقاومة الفلسطينية عامة وكتائب القسام على وجه التحديد في حرب الأدمغة وصراع العقول الدائر مع الاحتلال الإسرائيلي. وما يحدث الآن يستوقف كل المحللين خاصة المختصين في الشأن الأمني لأسبابٍ عدة.
وأوضح شهوان في حديث لـ "قدس الإخبارية" أنه عندما اخترق الاحتلال منصات تابعة للمقاومة وكتائب القسام على وجه التحديد لم تكن خطوة عبثية فهو يدرك طبيعة عمل هذه المؤسسات وخطورتها عليه. مضيفًا "ما كشف عنه الاحتلال يدلل أن المقاومة الفلسطينية وصلت إلى مسارات متطورة جديدة، وتمتلك مقومات في صراع الأدمغة حيث استطاعت اختراق حواسيب وأجهزة وشبكات لاسلكية واستطاعت الوصول إلى معلومات".
وأضاف: "ما كشف عنه الاحتلال يعكس التطور الكبير لدى المقاومة في معركة كانت تغلف بالسرية"، مستطرداً: "الاحتلال له مآرب بإعلانه الأخير تهدف للتشويش على المقاومة، خاصة في ظل ملاحقة العملاء والمتخابرين، وصعوبة الحصول على المعلومات".
واعتبر شهوان أن ما أربك الحسابات الأمنية لدى الاحتلال هو أن المنصات التابعة للمقاومة الفلسطينية تحديداً الأمنية ساهمت في رفع الوعي الأمني لدى الفلسطينيين وانتقلت بتأثيراتها للضفة المحتلة وجعل الاحتلال يشعر أنها تُستخدم لترتيب بعض العمليات في الضفة المحتلة كما يتحدث قادة الاحتلال.
وأشار المختص في الشأن الأمني إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي قادرة على جمع المعلومات خصوصاً أن الكثير من الوقت يُقضى على هذه المواقع من قبل المستخدمين، مواصلاً: "التواصل سهل عبر هذه المنصات فكان لا بد من المقاومة استخدامها ضمن لعبة الأدمغة وحرب التقنيات".
وأكد شهوان على أن المقاومة سجلت نجاحات كثيرة جداً وما يعلن عنه الاحتلال هو جزء فقط، مضيفاً: "المقاومة لديها الكثير من المعلومات حيث قامت باختراق حواسيب للمخابرات وقادة الاحتلال وهواتف خاصة والوصول إلى تشكيلات المحطات والوصول إلى الشيفرة الخاصة بالمراسلات واختراق حسابات الواتساب، وضرب القنوات الفضائية، وشبكة الاتصالات الأرضية".
المقاومة وسلاح السايبر
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي محمود مرداوي، أن ما كشف عنه من قبل الشاباك ووحدة 8002 يعكس التطور الحاصل في سلاح السايبر التابع لكتائب القسام، ويؤكد أن هذه الجهات مهنية تتقدم وتحسن من أدائها وتستطيع أن تحقق أهدافاً مؤثرة، كما يدلل على قدرة مجابهة وحدة مهمة للاحتلال تشكل 30% من ميزانية "الشاباك".
وأضاف لـ"قدس الإخبارية": "السايبر والجيش الإلكتروني الخاص بجيش الاحتلال يواجه من قبل حماس بموارد بسيطة، لكنه يعد شيء كبير جداً ومهم"، مشيرًا إلى أن "هذه الحملة التي عملت على جمع المعلومات واستدراج الجنود شارك بها ما بين 6 إلى 8 أشخاص مدربين على أعلى مستوى وفقاً لإعلان الاحتلال، فيما يقف وراءهم جيش انتحلوا شخصيات مهاجرات جدد أو مصابات بالصم والبكم حتى لا يضطر للحديث مع من يدخلون إلى أجهزتهم."
وأردف: "هؤلاء استطاعوا التحكم وتوجيه الجنود وصوروا وسجلوا وسحبوا بيانات كبيرة بالرغم من حديث الاحتلال عن عدم وجود خطورة أمنية كبيرة"، مبيناً أن القدرة الهجومية للمقاومة جعلت الاحتلال يريد أن يحصن نفسه بعد هذا الهجوم.
وتابع بقوله إن "الاحتلال لا يخفي الفشل الاستخباري نظراً لأنه يقرّ بذلك، ولهذا الإقرار دواعٍ مهمة، ولو استطاع أن يخفي ذلك، ويعالج الأمر بصمتٍ لفعل، لكن الاحتلال أعلن ذلك لسبيبين هما: تعميم الحدث للوصول إلى كل صهيوني، ومحاولة تحقيق الردع في الطرف الفلسطيني".
وحول دوافع حركة حماس والمقاومة من الهجوم، قال مرداوي، إن "حماس تريد أن تحصل على المعلومات وقد حصلت في الهجوم السابق على معلومات هائلة من خلال الصور، ما اضطر العدو لتغيير بعض الإجراءات الأمنية لديه".
وأشار إلى أن المقاومة في الهجوم السابق الذي كشف عنه الاحتلال وجهاز الشاباك استطاعت التصوير في المدن الصناعية والمواقع العسكرية، ولربما تمكنت من التصوير داخل مبنى "الكرياه" وزارة الحرب وغيره من المؤسسات الحساسة، مبيناً أن حجم الضربة في الهجوم السابق كان عنيفاً وشمل الآلاف من جنود الاحتلال.
وأوضح أن الجنود والضباط حينما يصورون في مواقعهم فهم يظهرون ما بداخلها، إلى جانب بعض الحواسيب التابعة للجيش والتي قد يكون أصابها الفايروس وتحوي خطط عسكرية ومواعيد تدريب وتشكل خطورة وقيمة أمنية عالية من ناحية معلوماتية ومن ناحية نفسية ضد جيش الاحتلال".