غزة – خاص قدس الإخبارية: يتأرجح المشهد الميداني في قطاع غزة هذه الأيام بين التصعيد تارةً والهدوء تارةً أخرى، وسط إجراءات أمنية خاصة يتبعها قادة المقاومة البارزين في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة.
وشهدت الأيام الأخيرة الماضية زيارة وفد مصري قابله انخفاض محدود في عمليات إطلاق البالونات المتفجرة إلى جانب غياب الصواريخ، فيما أعلن الاحتلال عن إعادة بعض التسهيلات كتوسعة مساحة الصيد وإعادة تصاريح خاصة بالتجار وإعادة إدخال الإسمنت للقطاع.
وفي أعقاب إطلاق الصواريخ الليلة الماضية، أعاد الاحتلال وقف هذه التسهيلات للقطاع ليعود معها سيناريو التصعيد من جديد في ظل عدم التزامه بتنفيذ التفاهمات بشكل حقيقي ومحاولة كسب الوقت إلى ما بعد الانتخابات المقبلة.
أما فصائلياً فلا تستبعد المقاومة إقدام الاحتلال على ارتكاب عدوان جديد لأيام بسيطة على غرار ما حصل مع الشهيد القيادي في سرايا القدس بهاء أبو العطا والذي جرى اغتياله قبل أيام بسيطة من الانتخابات الإسرائيلية الثانية في محاولة من رئيس وزراء الاحتلال المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو لتوظيفها لخدمته.
ويتفق محللان في أحاديث لـ "شبكة قدس" على أن السيناريو الأقرب حالياً هو التصعيد في ضوء تدهور الوضع الميداني وحالة الاحتياطات المتخذة وغياب بعض القادة عن المشهد خصوصاً قائد حماس بغزة يحيى السنوار والذي لم يظهر حتى للقاء الوفد الأمني المصري الذي زار القطاع مؤخراً.
في السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة حسام الدجني إن ما يرجّح سيناريو التصعيد أو المواجهة سواء كانت موسعة أو محدودة هو عدم الالتزام بالتفاهمات المبرمة وشغف نتنياهو بصفقة القرن وسعيه لفرضها عبر الحرب مع غزة لضمان استنزاف المقاومة إلى جانب استمرار البالونات ما تفرضه من ضغط على المسؤولين الإسرائيليين.
ويُرجّح الدجني لـ "شبكة قدس" سيناريو المواجهة على سيناريو تنفيذ التفاهمات خصوصاً وأنه لا يوجد أي اختراق حقيقي للمرحلتين الثانية والثالثة المتعلقة بالأيدي العاملة والمناطق الصناعية وغيرها وسعي الاحتلال الدائم لرهنها بالمشهد الأمني عبر معادلة الغذاء مقابل الأمن.
وأشار إلى أن من ضمن الأشياء التي تعزز سيناريو التصعيد هو غياب قيادات عسكرية وسياسية عن المشهد الداخلي والذي كان أبرزه غياب قائد “حماس” في غزة يحيى السنوار، مردفاً: "هذا الأمر قد يعني وجود معلومات لدى المقاومة عن نية الاحتلال اغتيال شخصيات قيادية بها".
في السياق ذاته، تؤكد مصادر مطلعة لـ "شبكة قدس" عدم وجود قرار بوقف إطلاق البالونات الحارقة من غزة تجاه مستوطنات الغلاف والمدن المحتلة في الداخل، وأن الضغط سيزداد أكثر في ظل تنصل الاحتلال ومماطلته ومحاولته كسب الوقت.
أما الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، فقال أيضًا لـ "شبكة قدس" إن المرحلة الحالية هي أوج المزايدات الانتخابية بين نتنياهو ورئيس حزب “أزرق أبيض” بني غانتس، ومحاولة كلٍ منهما إقناع الرأي الداخلي بقدرته على توفير الأمن خصوصاً لمستوطني غلاف غزة.
وبين الغريب أن المشهد الميداني مرتبط بالواقع السياسي حيث يجري تصعيد أعمال إطلاق البالونات إلى جانب التصعيد الميداني المتأرجح بشكل شبه يومي كل ذلك نابع من طبيعة العلاقة مع الاحتلال وعدم الالتزام بإجراءات تخفيف الحصار عن قطاع غزة.
وتابع قائلاً: "الوضع الداخلي الإسرائيلي يشير إلى أن نتنياهو يعيش أياماً ووضعاً محسوباً بعد آخر استطلاعات الرأي وهذا الجو الداخلي الإسرائيلي يجعله لا يقدم المزيد من الخطوات التسهيلية للقطاع"، مردفاً: "الأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة باتجاه إما تخفيف الحصار أو أن يعمل الميدان مجدداً وكل شيء بات مرهوناً بسلوك الاحتلال".
ولفت الغريب إلى أن التصريحات الأخيرة لنتنياهو توحي بأنه يستعد لجولة من شأنها تعزيز مكانته ومشهده الانتخابي، سيما وأن مشهد اغتيال بهاء أبو العطا الذي كان قبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية الثانية حاضراً.