لم يكن نيسان 1988 طبيعيًا في قرية بيتا، ففي ذلك اليوم، بدأ هجوم للمستوطنين على القرية من الجهة الشرقية، فاستنفر الأهالي وتعاهدوا على التصدي لهم، فسالت الدماء، واستشهد بعضهم ونُفي آخرون واعتُقل العشرات من أهالي القرية، ونُسفت منازل كثيرة.
يقول الحاج عبد الحليم أبو عامر أحد الشهود على الحادثة "كانت حادثة أليمة وحزينة، أول حادثة تقع في فترة الانتفاضة بحجمها، بعدد الشهداء، بهدم البيوت ونفي الناس، كانت حادثة كبيرة جداً" .
في صبيحة السادس من نيسان عام (1988) كانت الساعة بحدود العشرة، بدأت سماعة المسجد تحذر من اقتراب مجموعة من المستوطنين من القرية، فهب الناس من كل مكان لحماية قريتهم.
يقول أبو عامر "من عين روجان طلعوا على عين عوليم، طلعوا الشباب حاصروهم، لما حاصروهم نزلوا من عين عوليم للواد، هناك في الواد بدأت الشباب أعدادهم تصير أكبر وأكبر"، ويضيف "عدد المستوطين كان 16 أو 17 واحد، كانوا بجولات استفزازية، لما شافوا الأعداد كبرت صاروا يطخوا في الهوا، تصاوب موسى الفالح رحمة الله عليه في راسه من الخلف" .
"تزايدت رصاصات المستوطنين المنطلقة على الشبان، وصلت رصاصة إلى تيسير خريوش واستقرت في قدمه"، ويشير أبو عامر"هجموا الشباب عليهم وساقوهم للبلد عند دار راجح، لما أخت موسى عرفت انه أخوها استشهد مسكت حجر وضربته للمستوطن وعلى ضوء ذلك هجموا الشباب على المستوطن فاستشهد الشاب حاتم عليه رحمة الله".
اتسعت الحادثة شيئاً فشيئاً وخرجت الأمور عن السيطرة، "بدأت الأخبار تصل لليهود والاعلام حتى مونت كارلو غطت الأحداث، بلشت تجي الدبابات تعبي البلد و الجرافات، بلشت الشباب تغادر للقرى المجاورة وصاروا اليهود يوزعوا مناشير على القرى وعلى البلد اللي عنده حدا يسلمه، حسب المتدوال فحوالي (800) جندي دخلوا البلدة وجرفوا مساحات كبيرة من الزيتون و مدخل البلد".
لم يكتف الاحتلال بكل الأضرار التي أوقعها، فبحسب رواية سكان القرية، أخبرونا بأن الاحتلال اعتمد سياسة جديدة جربها للمرة الأولى على سكان بلدة بيتا ألا وهي سياسة تكسير العظام، "كانوا يمسكون بالشبان، يمدون أيديهم أو أرجلهم للأمام، يضربون عليها بالحجارة أو بعصا الفأس أو "الطورية" ويستمرهذا الرعب لحين تكسر العظام بالكامل".
أسفرت المواجهة الشهيرة عن استشهاد ثلاثة شبان، وإصابة آخرين، وفي تقرير سابق ل"وفا" نقلت رواية تفيد بنسف الاحتلال ثلاثة عشر بيتًا في القرية فيما تضرر 20 بيتًا، وأُبعد ستة شبان في البداية إلى لبنان ثم الى تونس والجزائر عاد بعضهم فيما بعد، كما اعتقل الاحتلال ما يقارب 400 شاب.
وتضيف الرواية بأن الحاكم العسكري الإسرائيلي نقل مكان إقامته إلى البلدة لمدة شهر، وإسحق رابين وزير جيش الاحتلال آنذاك، جاء بسيارته إلى مكان المواجهة وسط البلدة وحين رأى الدماء على طول الشارع، أصدر قرارًا بنسف البيوت على الفور.
اليوم وبعد ما يقارب 32 عامًا على الحادثة، رفع أهالي بلدة بيتا علم فلسطين على قمة جبل العرمة شرق البلدة، المهدد بالاستيلاء من قبل الاحتلال لصالح المستوطنين، وكأنهم يبعثون برسالة بأن هذه الأرض لا مكان فيها للغرباء، فهي لأهلها حصرًا.