الخليل- خاص قُدس الإخبارية: 12 يومًا مرّ على مقتل الفلسطيني نائل العويوي (45) عامًا برصاص ملثمين، في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل، والتي تخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي. وأنذرت بوجود تعقيدات وأزمات اجتماعية وأمنية بالمنطقة.
القصة بدأت ظهر يوم الثلاثاء 28/01/2020 حينا ترجل ما يقرب من عشرة مسلحين موزعين على ثلاث مركبات، وبدأوا بإطلاق النار باتجاه محل العويوي، الذي كان في تلك اللحظة يأوي في محل جاره، قبل أن يتعرف عليه أحدهم ويطلق الرصاص بشكلٍ مباشر، تجاه جسده.
في الليلة ذاتها شهدت مدينة الخليل سلسلة عمليات إطلاق نار تجاه ممتلكات ومنازل تعود لعائلتي جابر والجعبري بعد أن بدأت خطوط عملية القتل بالتفكك، لكنها ظلّت غامضة.
انتشرت أجهزة الأمن الفلسطينية في مناطق واسعة من مدينة الخليل لحفظ السلم الأهلي، في الوقت الذي لم تتم فيه حماية ممتلكات العائلات المتهمة بالمشاركة في عملية القتل، فمحال تجارية ومنازل ومركبات تعرضت لإطلاق نارٍ كثيف في مناطق تخضع للسيادة الأمنية الفلسطينية، المسماة (H1) حسب اتفاقية الخليل.
العشائر قالت إنها قدمت محاولات كثيرة لحل المشكلة ولكن الأطراف المتنازعة، كانت تنفي التهم المنسوبة إليها لتتحول مدينة الخليل إلى ما أشبه بساحة حرب تنام وتستيقظ على صوت طلقات نارية في كل مكان.
العشائر: نجتهد لكن عوامل كثيرة تعقدها
يقول عميد رجال الإصلاح في محافظة الخليل الحاج عبد الوهاب غيث، إن العشائر منذ لحظة وقوع الجريمة حاولت التوصل لاتفاقٍ مرضي لجميع الأطراف، ولكنها فشلت وذلك لعدة عوامل أبرزها أن مدينة الخليل لم تشهد مقتل شخص في وضح النهار دون معرفة القاتل واعتراف عائلته.
وأضاف غيث أن عوامل أخرى ساهمت في تعقيد المشكلة تمثلت في عدم تعاطي أحد أطراف النزاع مع العشائر وفي المقابل لم تستجب أطراف أخرى للصلح العشائري، مبينًا أن ضعف المنظومة الأمنية في المنطقة التي وقعت فيها عملية القتل بسبب خضوعها للسيطرة الإسرائيلية ساهم في زيادة تعقيد القضية.
من جانبه يرى الناشط المحلي في الخليل فايز دويك أن اللوم يقع على الأجهزة الأمنية لتقصيرها في السيطرة على الوضع الأمني في المدينة، خاصة أن الوضع أصبح يشبه حالة حرب.
ويضيف أنه في كل يوم هناك عمليات إطلاق نار وتخريب وحرق للممتلكات وفلتان أمني، الأمر الذي أدى إلى ترويع الأهالي في البيوت الآمنة، إضافة إلى الاعتداء على جزءٍ كبير من العائلات التي ليست لها علاقة في المشكلة، وهذا يتحمل مسؤوليته الأجهزة الأمنية وحدها.
وأكد أن الوضع في مدينة الخليل يتجه نحو المجهول وسلاح العشائر والعائلة، سيكون له دور كبير في زيادة خطورة الوضع، وهذا ما حذرنا منه مرارًا وتكرارًا أن يصبح سلاح العائلة هو سبب الخراب والأذى.
اتفاقيات عشائرية عديدة وقعت عليها عائلات محافظة الخليل، فيما يتعلق بقضايا الدم والقتل ولكن منذ قرابة العشرة سنوات لم يتم العمل بالقانون العشائري المتبع في محافظة الخليل، وتحول الأمر إلى منع بعض العائلات من المرور من بعض المناطق والشوارع، الأمر الذي زاد من عمليات الثأر من أهل القاتل.
ونوه دويك إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أثارت الفتنة بشكل كبير في هذه القضية وكانت العائلات تنشر بيانات، وأخرى تنفيها، وكان هناك أطراف أخرى أسهمت بشكل كبير في ذهاب عائلات كبيرة في المدينة إلى شلال دم، ما دفع الأطراف المشاركة لاتباع سياسية –تسليح العائلات- وجعلت الناس يقولون: "إذا لم تستطيع الأجهزة الأمنية حمايتي فسلاحي يحميني".
الجهات الرسمية تتحدث
بدوره قال نائب محافظ الخليل خالد دودين إن دور المحافظة يتمثل في حفظ السلم الأهلي في المدينة واعتقال المتهمين في عملية القتل ولكن عمليات الاعتقال لا تتم إلا من خلال أطر قانونية، وأن محافظ الخليل جبريل البكري طبّق ما يعرف بـ"الهدنة الأمنية" لمدة شهر بالتعاون مع عشائر الخليل.
وطرحت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، "هدنة أمنية" يمنع خلالها الاعتداءات والرد العائلي وتتوقف الجهود العشائرية، بالتزامن مع اتخاذ إجراءات أمنية للقبض على الجناة ومعرفة القاتل.
ووفقًا لدودين، فإنّه جرى اعتقال نحو 25 شخصًا مشتبهًا بهم، في عمليات إطلاق نار طالت ممتلكات وبيوت، وتم إحالتهم وتقديم ملفاتهم إلى النيابة العامة للبحث في الإجراءات اللازمة.
نائب محافظ محافظة الخليل فتح النار على العشائرية في الخليل ووصفها بالعشائرية البغيضة واعتبرها تزيد من تعقيد الأمور وقتل الناس على الهوية والنصرة، وأنه مناقض للقانون تماماً.
وأكد على أن الحالة التي تعيشها المدينة في هذه الأيام ما هي إلى نتاج العشائرية التي يعتقد الأهالي أنها تحفظ السلم الأهلي، بالرغم من علاقتها بما أسماه "الفلتان الأمني والظلم والهمجية". بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تحقق في ملابسات القضية لإلقاء القبض على الجناة ومعاقبتهم ومحاسبتهم بموجب المواد القانونية، وأن الكلمة الأولى والأخيرة ستكون للقانون.
وتواجه الأجهزة الأمنية والجهات الرسمية والعشائرية اتهامات كبيرة بالتقصير وإهمال تقديم حلٍ جذري للقضية، التي تزداد تعقيدًا بمرور الأيام، إضافة إلى توجيه أصابع الاتهام للأمن الفلسطيني بدعوى التساهل مع القتلة، وعدم حسم الأمور، إضافة إلى إطلاق سراح عدد من المتهمين بالقضية، وانتشار الاعتداءات وإطلاق الرصاص بين العائلات والممتلكات، وهو ما ينذر بمزيدٍ من "الفوضى".