القدس المحتلة - خاص بقدس الإخبارية: “حاسس إني بدّي أطلع من السجن يمّا” .. هو الأمل الذي يُحييهنّ من داخل قلاع الأسر، فيُبقيهنّ صابرات ثابتات على ما يواجهنَهُ من إدارة السجون التي تتفنّن في سياسة “الممنوع” بحق الأسيرات الفلسطينيات.
نورهان عوّاد هي إحدى أسيرات سجن “الدامون” الذي بات يُعرف بأنه أسوأ من سجن “هشارون” الذي كنّ محتجزات فيه قبل نقلهنّ، كما أن إدارته تُعرف بسلوكها وانتهاكاتها بحقّ الأسيرات وتشديد الخناق عليهنّ، وعلى حياتهنّ وحريّتهنّ الشخصية.
يُصادف اليوم ذكرى ميلاد الأسيرة عواد الـ21 التي أصابها الاحتلال بثلاث رصاصات اخترقت ظهرها ورجلها واستقرّت واحدة في بطنها، وهي اليوم تقضي حكمًا بالسجن لمدة عشر سنوات بعدما اتُّهمت بـ“القتل”.
في الـ23 من شهر تشرين ثاني/ نوفمبر عام 2015، تم إطلاق النار باتجاه نورهان عواد وابنته عمّها هديل عواد (14 عاماً)، بحجة محاولتهما تنفيذ عملية طعن في شارع يافا بالقدس؛ حيث أُصيبت نورهان بجروح خطيرة، في حين استشهدت هديل وتم احتجاز جثمانها لنحو شهر.
حياة الأسر
تقول والدة الأسيرة “أم محمد” عواد لـ”قدس الإخبارية”: “يصعب علي رؤية ابنتي مرةً واحدة كل أسبوعين، لو أنها مُسافرة كنتُ سأكون سعيدة من أجلها، لكنّها في الأسر وفي ظروف سيئة للغاية”.
وتُضيف أن نورهان نجحت في الثانوية العامة وهي داخل السجن وحصلت على معدل 94، لكنّها لم تتوقف عند هذا الحدّ، فكل فترة تطلب من عائلتها أسماء كتب معيّنة وتقوم والدتها بشرائها لها وإدخالها للسجن، فهي تحبّ القراءة وتستمتع بها.
وتُشير إلى أن حياة الأسيرات في “الدامون” صعبة جداً، وخصوصيتهنّ شبه معدومة، فهنّ لا يستطعن خلع الحجاب بسبب الكاميرات الممتلئة في أرجاء السجن، حتى ساحة “الفورة” التي تُعتبر متنفّساً لهنّ، باتت تُفاقم وضعهنّ ولا يرينَ من خلالها الشمس.
تواصُل العائلة
أكثر ما يؤلم الأسيرات هو عدم قدرتهنّ على التواصل مع عائلاتهنّ “هاتفياً”، وتبقى الإذاعة هي الوسيلة الوحيدة التي يُمكن لهنّ سماع أفراد عائلاتهنّ من خلالها عبر برامج فلسطينية محدّدة.
تقول “أم محمد”: “إن نفسية نورهان تتغيّر بسبب سماع صوتنا، وإيصال سلاماتنا لها، وإمدادها بالقوّة لتصبح معنوياتها عالية فتصبر على السجن والسجّان، وفي الأيام التي لا نتحدّث فيها عبر المذياع، تراها تسأل محاميّتها عنّا، وهل أصابنا مكروه لا سمح الله، فينشغل بالها”.
وتضيف أنها تحاول هي ووالدها أن يُرسلوا لها رسائل عبر المذياع بشكل متواصل، فهم يعلمون مدى سعادتها بأصواتهم.
تتذكّر “أم محمد” ابنتها قبيل اعتقالها، وتصف الأجواء التي كانوا يعيشونها معها، فكانوا يُنادون عليها “أبو سمرة” بسبب لون بشرتها “السمراوية”، وتقول: “نفتقدها جميعنا، على الطاولة حينما نتناول طعامنا، في المناسبات والأعياد، كانت نورهان فرحة الدار”.
حرمان والدها من الزيارة
يُمكن لأفراد عائلة نورهان (الأم والأب والإخوة والأخوات) أن يزوروها كل أسبوعين، لكن الاحتلال يستفزّ والدها ولا يسمح له بالزيارة بدون الحصول على تصريح (الأب يحمل هوية فلسطينية).
وتبيّن “أم محمد” لـ"قدس الإخبارية" أن زوجها يحصل كل شهرين على إذن بالزيارة، لكنه لم يزر نورهان منذ سبعة أشهر، ويُماطل الاحتلال في استصدار تصريح له.
نورهان حدّثت والدتها عن شوقها لأبيها، صحيح أنها تسمع صوته عبر الإذاعة لكنّها أيضًا تُريد رؤيته حتى لو أبعد “الزجاج” بين جسديهما، وطلبت من والدها أن يتوجّه لمنظمة “هموكيد” (مركز الدفاع عن الفرد) لحل هذه المشكلة.
ورغم كل ما تُعانيه، إلّا أنها على أمل بالخروج من السجن، وتقول لوالدتها: “يمّا .. حاسس إني بدي أطلع من السجن”