الخليل- خاص قدس الإخبارية: منذ عمر العامين، بدأت معاناة "آيات محفوظ"، عندما أطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز، خلال الأحداث الميدانية إبان مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1994، فأصيبت بنزيف دمٍ على شبكة العين، وأدى تأخر علاجها إلى تأثر العصب وارتخاء الجفن.
أجريت لها أول عملية جراحية فارتفع بها جفن العين بشكل شبه طبيعي، لكن العملية الثانية كشفت عن عدم الرؤية في العين، وتوالت عمليات العلاج لها في أماكن مختلفة ولعمليات متوالية، أثرت على صحتها النفسية والجسدية.
وأوضحت والدتها في حديثها لـ"قدس الإخبارية"، أن الرئيس الراحل ياسر عرفات تعهد سابقًا بعلاجها، وكان قد هاتفها قائلًا: "إذا ما تعالجت بعطيها عين من عنيا"، وأوعز حينها بعلاجها وإجراء تحويلة طبية، أدت إلى تحسنها.
أصبحت "آيات" شابة، تجاوزت الثانوية العامة بنجاح بمعدلٍ مرتفع، لكن رحلة العلاج المستمر شكلت عائقًا للإكمال، وبدأت بالتزامن بعدها اعتقالاتها الأربعة بشكلٍ متتال.
الاعتقال الأول، كان بالقرب من المسجد الإبراهيمي، حين حاصرتها قوات الاحتلال على الحاجز وفتشوها ثم قالوا إنها تحمل سكينًا في حقيتها لتنفيذ عملية طعن في المكان، وسجنت لعشرة شهور، كان ذلك في الثامن من أيلول 2013، بحسب والدتها.
اعتقلت لمرات أخرى، لم تتجاوز الشهرين، كانت تتعرض لتحقيق واتهامات بمحاولات تنفيذ عملية، ثم يتم الإفراج عنها لاحقًا. مما أثر على حالتها الصحية والنفسية بشكلٍ أسوأ.
مزقت قوات الاحتلال، تصريح الزيارة لوالدها ووالدتها، ومنعوهما من زيارتهما، لتصبح الوسيلة الوحيدة هي مشاهدتها في خلال جلسات المحاكمة في عوفر، ولاحقًا توفي والدها قهرًا وكمدًا ومرضًا.
عند خروجها من الاعتقال عام 2014، ساءت حالتها الصحية جدًا، فأصبحت بالإضافة إلى عدم الرؤية في عينها، تواجه عجزًا في الحركة والكلام وآلام في الرأس والقدمين.
وأوضحت والدتها: "ذهبنا بها إلى أطباء مختصين، قال أحدهم إن أمامها شهرًا واحدًا للحياة فقط، إذا لم تجرى لها العملية بشكل عاجل، حيث كشفت الصور المقطعية عن أكياس من الماء فوق الدماغ، كانت هي من تسببت بتدهور حالتها".
أجرت العملية بالفعل، وعندما أرادت العودة للمراجعة في مستشفى المقاصد بالقدس، كان الاحتلال قد منعها من الحصول على تصريح، فحاولت الدخول إلى المدينة بلا تصريح، وكان لها ذلك، حيث ذهبت للمراجعة، ثم إلى المسجد الأقصى لزيارته، وكانت قد عاهدت ربها أنها ستزور المسجد إذا تحسنت حالها.
لم تكن تعلم "آيات" ما سيحصل لها، حيث أوقفها جنود الاحتلال قرب الأقصى، في الخامس من أيلول 2016، وطلبوا منها هويتها فأجابت إنها من القدس ولا تحمل هوية، تعرفوا عليها ووجهوا لها تهمة محاولة الطعن، وهي التهمة التي كانت ترافقها في اعتقالاتها السابقة، وفق والدتها.
حكمت محكمة الاحتلال على "آيات" بالسجن لمدة خمس سنوات، وذلك في 2017، بتهمة محاولة تنفيذ عملية طعن في القدس، عقب الدخول غير القانوني، وهو ما تنفيه العائلة.
تواجه آيات منذ لحظة اعتقالها تدهورًا بالغًا على حالتها الصحية، حيث تحتاج إلى مرافق في الحمام وفي أداء أبسط مهامها، في وقتٍ تتعرض فيه للعقاب بدعوى تأخرها في الحمام، بدون النظر إلى صعوبة حالتها.
ووفقًا لوالدتها، فإنها بحاجة بالغة للعلاج والمراجعة الطبية المستمرة، خاصة بعد عملية أكياس الدماغ، حيث وضعوا لها أنبوبًا في رأسها، يفرز جسمها سوائل سامة يجب إخراجها، وضمان عدم انغلاق الأنبوب في الرأس.
وأكدت أن سلطات الاحتلال تعرقل علاجها، وتحولها إلى العيادة الطبية التابعة للسجن، إذ لا يمكن متابعة حالتها فيها، وهي مهددة بفقدان بصرها بشكل كامل، بعد تعب عينها الثانية.
وأشارت في حديثها، إلى تقصير المؤسسات الرسمية في دعمها والضغط لعلاجها، لافتة إلى أن نادي الأسير قد تكفل بإجراء العملية لها خلال اعتقالها السابق بخمسة آلاف شاقل، لكن حالتها لم تتم متابعتها بعد ذلك.
وتناشد والدتها، بالضغط لتمكين ابنتها آيات من حقها في العلاج، وتعزيز قضيتها حتى لا تسوء حالتها أكثر، وإفراج الاحتلال عنها بالنظر إلى التقارير الطبية المقدمة.
الأسيرة آيات يوسف محفوظ، من رأس الجورة في الخليل، وتعرضت لأربعة اعتقالات، بتهمة محاولة الطعن في الخليل والقدس، تواجه خطر فقدان بصرها بالكامل، وحكمًا بالسجن لخمس سنوات تبقى منهم عام ونصف تقريبًا.