شبكة قدس الإخبارية

"أحمد كلخ".. مريضٌ من غزة تتنفس رئتاه المتعبتان هواء الخليل

699

غزة/الخليل- خاص قُدس الإخبارية: نفسٌ عال، يخرج من صدر لاهث متعب، كأنه ركض لأعوام دون توقف، تعلوه لاصقات جراحية وأنابيب أدوية ومسكنات، على سرير بالمستشفى الأهلي بمحافظة الخليل جنوب الضفة، يرقد "أحمد" هناك، "يقتات الأمل" ليحيا.

منذ 6 شهور، انتقل المريض أحمد كلخ (22 عامًا) من مستشفى "هداسا" الإسرائيلي، بعد رحلة علاج طويلة، إلى مستشفى الأهلي بالخليل، نظرًا لتوقف التحويلات الطبية إلى الداخل المحتل، وتوقف ملفه هناك.

وفي التفاصيل، أوضح والده عماد كلخ، أن حالة نجله تسوء أحواله تدريجيًا يومًا بعد يوم، وقد أخبرنا الأطباء في "هداسا" أن الحل الأخير والوحيد له هو زراعة الرئتين، لكنها لا تستقبل أي حالة زراعة لغير مواطنيها.

وفي حديثه لـ"قدس الإخبارية"، قال إن نجله يعاني منذ  نحو سنوات، من تدهور حالته الصحية، حيث أصيب في البداية بمرض "لوكيميا" وجرى زراعة نخاع له بتبرع من شقيقته، كما جرى حقنه بخلايا جذعية، لكن لاحقًا ساءت حالته نظرًا لعدم قيام الرئتين بوظيفتهما.

ويتابع والده: الحقيقة أن حالة ابني معقدة جدًا، والرئتان قد تبدوان غير "مهتكتان" لكنهما لا تقومان بوظائفهما المطلوبة، ما يجعل جسدًا عاطلًا عن الحركة أو أي فعل، وبالرغم من ذلك لم يدخل في غيبوبة، مضيفًا: "أحمد يعي كلّ شيء، يفتح عيناه، ويتكلم بصعوبة، يتحدث بأمل، جسمه يقاوم بقوة، يرفض أن يموت".

يستذكر والده مواقف عديدة معه، وأبرز الأحاديث التي دارت بينهما، "ذات مرة قلتُ له: سامحني يابا، لو بايدي أخليك تشفى وأساعدك، بس فش إشي بايدي، لكنه ردّ علي: لا يابا أنا غلبتك وأنت معي حياتك بالمستشفيات وبعيد عن بيتك وأهلك مشاني"، مستدركًا الأب: "لا يعرف أنه أحسنهم عندي، وأن العالم في كفة وهو في كفة لوحده".

"يشتكي أحمد من عدم قدرته على الحركة والمشي بشكلٍ عادي، قلت له اعتبر نفسك مقعدًا منذ زمن وتقبل"، لكنّه ردّ عليّ بالقول: "المقعد لا يتألم، أنا يقتلني الوجع"، يحدثنا والده.

وبحسب حديث والده، فإن نجله يعيش الآن على أقوى أنواع المسكنات التي يجري تغييرها كلّ فترة، لأن استجابة الجسم لها تقلّ مع الزمن، ويجري تبديلها لأنواع أخرى أيضًا، ولا علاج حقيقي لحالته، سوى المسكنات في الوضع الراهن، وذلك حتى زراعة رئتين له.

ويتابع بقوله: "أنا أعرف أن زراعة الرئتين عملية صعبة، ودقيقة، ونعرف أيضًا أن احتمالات إنجازها ضعيفة، خاصة وأن الاحتلال ودول العالم أوقفت استقبال حالات الزراعة لغير مواطنيها في الفترة الأخيرة، ولا يمكننا إجراؤها، كما أن الحالات التي تجري العملية ليست جميعها ناجحة، كثيرون فقدوا حياتهم بعدها مباشرة".

وأشار الأب: "لا أريد الخوض في مهاترات إعلامية مع الصحة أو غيرها، المهم أن يبقى ابني حيًا أمامي، وقبل أشهر قليلة أخبرنا الأطباء أنه يمكنه زراعة الرئتين والشفاء، ولا ضمان أنه سيكون بخير لو عدنا إلى غزة".

لكن الرسالة التي يجب أن نقولها وأن تصل، -وفقًا لوالده-، " هي أنه طالما هو حي ويتنفس ويفتح عينيه ويعي ما نقول، فإن من واجبنا أن نسعى لعلاجه، وأننا مسؤولون عنه".

وتابع بقوله: "ابني حي، ويجب علاجه، هذا أقل حق لأي مريض في الدنيا، هو يعيش على الأمل، بأنه سيشفى حتى لو كان ذلك صعبًا، لكننا نحاول، يأمل أن يتخلص من السرير والكرسي، وأن يتنفس على الأقل لو لمرة واحدة، بشكلٍ طبيعي". مضيفًا "قال لي أحمد مرة: ساعدني عشان أعيش، نفسي أزرع وأعيش زي أول".