شبكة قدس الإخبارية

"مجانًا ولكن!".. سياسات "إعلانية مضللة" لمراكز تعليمية في غزّة

888
منى الأميطل

غزة- خاص قدس الإخبارية: بينما يتصفح موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"،  قفز أمام محمد إعلان مغرٍ، لدورة مجانية في تصميم جذاب، فقرر التوجه للمركز المعلن للانضمام ولكن كانت المفاجأة أثناء تعبئة البيانات، بصوت السكرتيرة: "فيه رسوم تسجيل إن سمحت".

أجابها الطالب: "لقد قرأتُ في إعلانكم بأن الدورة مجانية ولكن حسنًا"، رضخ محمد لهذا المركز واحتياله، واستخدامه لأسلوب الإعلان المضلل لجذب أكبر قدر من الطلاب، ولكنه ذُهل أيضًا في نهاية دورته التي كان من المفترض أن تكون مجانية بالكامل، برسومٍ إضافية أيضًا ولكن هذه المرة للشهادة.     

محمد واحد من مئات الطلاب الذين وقعوا في فخ بعض المراكز التعليمية، التي تتّبع هذا الأسلوب، بعضهم من استمر للنهاية مثله، والبعض الآخر رفض الرضوخ للنصب والاحتيال وانسحب منذ البداية.

تضليل واحتيال

حالات عدة من الطلبة يروون تجربتهم مع فخ إعلانات المراكز التعليمية، وسط تبرير مراكز تعليمية، وتعقيب من وزارة التربية والتعليم.

سمر عايش لم تختلف كثيرًا عن تجربة محمد ولكنها من الناحية المادية خسرت أكثر، تقول: "في مرة وصلتني رسالة عبر هاتفي المحمول أنه توجد دورة مستويات لغة إنجليزية ال 12 بسعر مخفض ذهبت للمركز على أساس هذا المبلغ فقط في أول مستوى طلب مني دفع رسوم تسجيل ورسوم الكتب، تغاضيت ودفعت". 

تضيف: " لم تكن الدورة بالمستوى المطلوب وبنفس ما ذكر بالإعلان بأن مدرسيها ذو خبرة سنوات، فقد كان المدرس لم يتجاوز الـ22 عامًا، ثم في نهاية المستوى الأول طلب مني أيضًا دفع رسوم شهادة مختلفة، وهذا كله لم يتم توضيحه بالإعلان".      

سمر من أولئك الذين استمروا بالوقوع بالفخ لمستوى واحد فقط مع دفع مبلغ أكثر من المبلغ المعلن عنه، لم تواصل التعامل مع المركز انسحبت وتركت لهم الشهادة مستنكرة سياسة التضليل والاحتيال على الطلاب.

أما حسين عليان، فقد كان على دراية بأساليب بعض المراكز التعليمية، في فرض رسوم غير معلن عنها في إعلاناتهم من رسوم تسجيل وشهادة وكتب، فلم يقع في هذا الفخ ولا مرّة.

يقول" لقد تعرض العديد من أصدقائي للنصب من قبل بعض هذه المراكز، فمنهم لا تسمح له إمكاناته المادية بالتسجيل للدورات فحين تصلهم رسالة عبر هاتفهم أنه توجد دورة مجانية بالكامل يذهبون للتسجيل ليفاجئوا بأن هناك رسوم تسجيل وكتب وشهادة مع العلم أنه لم يوضح هذا في الإعلان".

المراكز ترد  

من جهتها، قالت مديرة مركز "م.ع"، الذي يرسل رسائل إعلانية على الهواتف المحمولة بخصوص دوراته: " نحن نعلن عن دورات مجانية، ولكن نخبر الطالب عند الحضور أنه سيتم دفع رسوم شهادة بقيمة 20-30 شاقلًا".     

وعند سؤال المديرة هبة حويلة، عن إعلانهم الأخير عن مستويات اللغة الإنجليزية الـ 12 مجانًا، ولم يوضح بالإعلان أنه سيتم استلام رسوم شهادة وكتب، أجابت بشكل مقتضب لـ"قدس":" يتم التوضيح للطالب عند الحضور، أن المستوى مجاني ما عدا الكتب والشهادة يتم دفع 50 شاقلًا للمستوى الواحد".

أما مركز "بكسل"، فنفى قيامه بإعلان مضلل أبدًا، مؤكدًا أنه يوضح كل التفاصيل في إعلاناتنا على الفيس بوك ونوضح للطالب كل الرسوم التي سيدفعها قبل بدء الدورة".

واستنكر المدير يوسف النخالة لـ"قدس"، سياسة بعض المراكز بالإعلان عن دورات مجانية والتي سرعان ما يتم اكتشاف أنها مدفوعة بشكل ملتوٍ، إضافة لقبولهم عدد كبير جدًا من الطلاب في الدورة الواحدة".

وأرجع النخالة، أن المراكز تتجه للإعلان المضلل والغير واضح أبدًا، إلى كثرة عدد المراكز في السنوات الاخيرة، حيث أن كل مركز يريد جذب عدد كبير له، وبالتالي يستخدم الإعلان عن مجانية الدورة ليسجل بها أكبر قدر.

ودعا الطالب إلى توخي الحذر والدقة عند التسجيل بأي مركز والتأكد من المعلومات المعلن عنها بالإعلان وعدم الاستمرار في أي مركز مارس سياسة الاحتيال والنصب، مهما كانت سمعته، وحتى لو كان مركزه.

شكاوى الطلاب      

توجهت شبكة قدس إلى وزارة التربية والتعليم والتقت بالمدير العام للتعليم العالي محمد صيام ليحدثنا عن دورهم في مكافحة هذه الظاهرة.   

واعتبر صيام:" هذا الأمر ليس ظاهرة، توجد حالات عديدة ولكنها لم ترقى لمستوى الظاهرة"، مؤكدًا أن على أن الوزارة وصلتها عدد من الشكاوى من قبل طلاب بأن بعض المراكز تطلب رسومًا خارج نطاق الدورة المعلن عنها، مبينًا أنه يتم التواصل مع المركز مباشرة لمراجعته وتحذيره لتصويب أوضاعه.

وأكد  في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، أن الوزارة تتابع المراكز التعليمية بشكلٍ مستمر"، مضيفًا: "لن نسمح لأي مركز بتجاوز التعليمات ومن يقوم بخرقها تتخذ التربية والتعليم ضده إجراءات مباشرة".       

وأشار إلى أن الوزارة تعمم على جميع المراكز بالالتزام بالقوانين وعدم مخالفتها، حيث تم الطلب بشكل مباشر منهم أن يلتزموا بسعر الدورة المعلن عنها وعدم فرض رسوم تسجيل على الطلاب.

ونوّه إلى أن الوزارة تسعى وتحرص على الجودة، مشددًا "لا نقوم بالترخيص لأي مركز، إلا بعد استيفائه كافة الشروط، ونتابع فيما بعد سير العمل معهم من جميع النواحي".       

ودعا الطلاب إلى التأكد من كافة المعلومات الواردة في إعلانات المراكز التعليمية قبل التسجيل، إضافة إلى أنه في حين تعرضهم للاحتيال بإمكانهم التوجه لوزارة التربية والتعليم وتقديم شكوى ليتم التعامل مع المركز المخالف للتعليمات بما يتناسب مع رؤية الوزارة.

ما هو الإعلان المضلل؟

وفيما يتعلق بمفهوم الإعلان المضلل، قال أستاذ العلاقات العامة في الجامعة الإسلامية جمعة أبو العينين، إن الإعلان هو التعريف بالشيء بشكل واضح وشامل، وهذا يعتبر إعلان حقيقي أما إن لم ينطبق عليه الوضوح، فهو إعلان مضلل.         

وأضاف في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، "أنه إن كان الأمر متعمد لجذب عدد أكبر من الطلاب فهذا يعتبر خداع وتضليل، وغالبًا لا يكتشف أحد أن هذا الإعلان قائم على النصب إلا بعد الوقوع في المصيدة".       

وأكد أبو العينين على شرط الوضوح في الإعلان وأنه يجب على الطالب عند اكتشافه للإعلان المخادع أن يأخذ خطوة للوراء ولا يستمر في الحضور إلى المركز المضلل. 

وأوضح أنه من الضروري أن تأخذ الأطراف المسؤولة عن تلك المراكز دورها للحد من تلك الظاهرة وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم العالي. وطالب من يتبع سياسة الإعلان المضلل والمخادع بالتوقف عن استخدام وسائل كهذه كونها تعد نصب واحتيال وغش وأنهى قوله بحديث الرسول "من غشنا فليس منا".