فلسطين المحتلة- خاص قدس الإخبارية: بين جدران منزلها تجلس الشابة نور سلطان (20 عامًا)، تحيك شالًا من خيوط الصوف بين يديها، في الوقت الذي يفترض فيه أن تجلس على المقاعد الدراسية، برفقة زميلاتها، لكنها توقفت عن استكمال دراستها كونها لا تستطيع إيفاء الرسوم الجامعية التي باتت تشكل كابوسًا مؤرقًا لها.
نور التي التحقت قبل عام، بدراسة تخصص التعليم الأساسي، بعد أن أنهت الثانوية العامة، لم تكمل مشوارها التعليمي بسبب تراكم الرسوم الجامعية التي شكلت عائقًا كبيرًا أمام استكمال مشوارها التعليمي.
وتقول نور -التي يعمل والدها سائقًا لتاكسي ويعيل ثمانية أفراد- لـ"قدس الإخبارية": "لم يعد باستطاعة عائلتي توفير مصاريف الجامعة من ثمن كتب، رسوم، مواصلات، رغم أن تحصيلي الدراسي جيد، لكن ذلك لم يسعفني بالحصول على إعفاء من الرسوم، هذا ما دفعني للتوقف عن الدراسة لحين ميسرة"،
وأضافت "أعيش معاناة حقيقية؛ لأني لم ألتحق هذا الفصل بالتسجيل وأرى حلمي أمامي لا يتحقق، فالجامعة تشترط استكمال الرسوم كحد أدنى ست ساعات، وتصل قيمة الساعة 17 دينار، وفي حال لم أسدد الرسوم لن أتمكن من تقديم الامتحانات النهائية".
وتتابع: "يشترط عليّ أيضًا دفع الرسوم المتبقية، حيث لا تسمح للطلاب دخول قاعة الامتحان النهائية قبل تسديده الرسوم المستحقة عليه".
ولا يختلف الحال كثيرًا مع الطالب عبدالله فؤاد (20 عامًا) هو الآخر لم تسعفه أوضاعه المعيشية الصعبة التي يعيشها من استكمال دراسته الجامعية بتخصص هندسة حاسوب لدى جامعة بيرزيت والتي يبلغ ثمن الساعة الدراسية للمادة الواحدة 50 دينارًا أردنيًا، حتى بات منقطعًا عن دراسته وفضل العمل في إحدى المطاعم الشعبية لحين توفير الرسوم الفصلية
ولا يشجع والد عبدالله، الذي يعمل في ورشة حدادة متواضعة على استئناف دراسة ابنه بسبب الارتفاع المتزايد في نسب البطالة بين صفوف الخريجين إذ لا يعلق أمالا كبيرة على الدراسة الجامعية كون أن الجامعات تهدف لتحقيق أرباح تجارية بدلا من مراعاة ظروف الطالب، وفق رأيه، فيما يحاول الطالب من جانبه الإصرار على تحقيق حلمه ويعمل من أجل ذلك.
ظروف الطلبة
باسل البرغوثي منسق القطب الطلابي بجامعة بيرزيت يقول إنّ بعض الطلاب ينقطعون لفصل أو أكثر عن الدراسة، يتوجهون للعمل لتوفير رسوم الفصل الدراسي ثم يعودون لاستئناف دراستهم؛ وذلك بسبب ظروفهم المادية الصعبة، لكن هذا بالتأكيد قد يؤثر على المحصل التعليمي له.
ويشير إلى أن الجامعة تحاول العمل وفق الإمكانات المتاحة على تقديم مساعدات للطلبة وامتيازات تعتمد فيها على البحث الاجتماعي الذي يقدمه الطالب ويدرس حالته، بناءً عليه يتم تقييم حصوله على المنح والمساعدات.
من جانبه يرى حسام المدهون منسق الشبيبة في الجامعة الإسلامية في غزة أن الجامعات الفلسطينية تعاني أزمات حادة أثرت على المرافق التعليمية بشكل عام ولكن تعمل الجامعة قدر المستطاع توفير التعليم للطلبة، مشيرًا إلى أن هنالك تراجع كبير بنسب الطلاب المسجلين لدى الجامعة الاسلامية إلى60 بالمئة إضافة إلى أن 40% انقطعوا عن الدراسة بسبب تردي الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها أهالي القطاع، بما يؤثر سلبًا على الجامعة كونها تمول أيضا من قبل الرسوم.
أرقام كبيرة
جدير بالذكر أن حوالي 35% من طلاب جامعات قطاع غزة، أجلوا دراستهم الجامعية العام 2019، لعدم قدرتهم علي دفع الرسوم، وذلك وفقًا لورقة حقائق أعدتها الباحثة شادية الغول.
وأظهرت نتائج مسح أجراه الإحصاء الفلسطيني إلى أن نسبة الفقراء في الضفة المحتلة، وصلت 13.9%، بينما وصلت نسبة الفقراء الى ما يزيد عن نصف السكان في قطاع غزة، فقد بلغت 53%، أي تفوق نسبة الفقر في الضفة الغربية بحوالي أربعة أضعاف.
وطالبت الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية بضرورة تطبيق قانون مجانية التعليم الفلسطيني، حتى تكون الفرصة متاحة للجميع في التعليم الجامعي، لتكون متوائمة مع الظروف المعيشية القاسية التي يعيشها الطلاب وعوائلهم.
وقال منسق الحملة إبراهيم الغندور "إن الحملة جاءت كضغط على المؤسسات التعليمية لدق ناقوس الخطر في ظل وجود مؤشرات على انهيار المنظومة التعليمية، لا سيما بسبب المناكفات السياسية بين حكومتي غزة ورام والله والتي أدت الى تراجع الدعم الحكومي عن الجامعات الفلسطينية، وكذلك الحصار أدى لتراجع التمويل الخارجي، قرصنة أموال المقاصة."
ووجهت الحملة مناشدة لضرورة تحييد الجامعات عن الانقسام السياسي وتفعيل صندوق وطني لدعم الطالب الجامعي يكون حسب معايير مهنية تتيح الفرص أمام الطلاب للدراسة وعدم حرمانهم من حقهم في التعلم.
كما دعت الحملة الوطنية، وزارة التعليم العالي والجامعات إلى تشكيل مجلس أعلى مشترك للتعليم الجامعي، ينسجم في عمله مع معايير التعليم الدولية، ويعمل على بلورة خطة استراتيجية مكتملة، مهمتها الارتقاء بنوعية وجودة التعليم وتخفيض الرسوم الجامعية.
ويبلغ عدد الجامعات في الأراضي الفلسطينية 14 جامعة (2 حكومية، 3 خاصة، 9 عامة) فيما يبلغ عدد الكليات الجامعية 15 كلية والكليات المتوسطة 20 وبذلك يبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي بفلسطين 49 مؤسسة وذلك وفقا لقاعدة بيانات التعليم العالي.