فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هجمتها على الخليل المحتلة، رفقة المستوطنين الذين يتزايد عددهم في المدينة يومًا تلو يوم، وتتزايد هجماتهم وانتهاكاتهم ضد الفلسطينيين وبيوتهم ومقدساتهم، كما تتزايد محاولاتهم لإضفاء الطابع اليهودي على الأماكن التي يتسللون إليها من خلال كتاباتهم العبرية واقتحاماتهم بمزاعم الزيارات الدينية.
وقبل أيام، وفي خطوةٍ غير مسبوقة، أقدم مستوطنون بحراسة قوات الاحتلال على زيارة أرض المسكوبية، وهي الأرض التي استأجرها الروس منذ زمن الحكم العثماني –كان القانون العثماني يمنع بيع الأراضي وقتها- وتقدر مساحتها بـ 73 دونمًا.
وبدورها، استنكرت عائلة التميمي، وهي صاحبة الأرض الوقف والمسؤول عنها، على لسان مختارها حجاز التميمي إقدام المستوطنين على تدنيس أرض المسكوبية، مؤكدًا عدم معرفتهم بالزيارة إلا من وسائل الإعلام، وكشف في حديثٍ لـ قدس الإخبارية، مراجعته لراعي الكنيسة الذي أخبره أن قوات الاحتلال الخاصة أجبرته على فتح أبوابها لتمكين المستوطنين من زيارتها.
وأضاف المختار حجازي لمراسلنا أنه من المتوقع أن يصدر بتاريخ ١١/١٢/ ٢٠١٩ قرار من القضاء الفلسطيني يقضي باستعادة الأرض، وانتهاء مدة تأجيرها، وأقترح أن يتم بناء مرافق عامة وكليات ومدارس وملاعب على ما يزيد عن ٦٦ دونمًا من أراضي وقف تميم -الصحابي تميم الداري-، والبقاء على الكنيسة الروسية وحفظ حقوقها وإتاحة المجال للسياح لزيارتها.
وأكد المختار حجازي أن العائلة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه زيارات المستوطنين في المرات القادمة، وستواجهها ولن تتوانى عن حماية أرض الوقف الإسلامي.
تراث مزعوم
الخبير في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش يشير خلال حديثٍ مع قدس الإخبارية إلى أن قطعان المستوطنين رصدوا ٤٠٠ مقام ومعلم أثري وديني وتاريخي في الضفة الغربية، واعتبروها من التراث اليهودي، وباتوا يعملون على وضع حجارة قديمة للإشارة إلى أن المكان يتبع لهم أو يخصهم، كما جرى في البلدة القديمة مؤخراً.
ويضيف حنتش "بالتالي في كل منطقة يضعوا مسمار جحا لاختراق الأراضي وإقامة الطقوس وتصبح شيء روتيني وهو جزء لا يتجزأ من التنصل من اتفاقية أوسلو كونها تمنع دخول الاسرائيليين الى المنطقتين A و b".
وينوّه حنتش إلى أن قبر "عتنائيل ابن قنز" يعتبره المستوطنون جزءًا من التراث اليهودي، وأنه نبي، وفي حقيقة الأمر هي خزعبلات ولا أساس لها من الصحة، خاصة أن الموقع عبارة عن بناء قديم ولا يوجد فيه أي معالم تشير لوجود شيء بداخله وهو موجود قبل بداية الاستيطان في الخليل.
وبدوره، يؤكد مدير عام لجنة إعمار الخليل عماد حمدان أن كل محاولات المستوطنين في البحث لهم عن تاريخ في مدينة الخليل باءت بالفشل، وجميع المعالم في المدينة مزورة ومزيفة.
ولفت حمدان إلى منع وعرقلة سلطات الاحتلال وتعرضها لموظفي لجنته بالمنع والاعتداء في أحيان كثيرة أثناء عملهم، ومنع دخولهم من مناطق يسيطر عليها المستوطنون، كما ويعمل المستوطنون على تغيير الملامح العربية للبيوت وصبغها بكتابات عبرية، وتسويقها على أنها لهم.
كارثة المفاوض الفلسطيني
ولفت عضو إقليم حركة فتح وسط الخليل رياض خميس أن التصريحات الأخيرة لوزير الخاريجة الأمريكي ورئيسها "ترامب"، شجع الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين على زيادة عربدتهم واقتحاماتهم لمدينة الخليل.
وقال خميس إنّ المسيرة الحاشدة التي خرجت الأسبوع الماضي في الخليل أكدت على رفض حركة فتح اقتحامات المستوطنين للأماكن الأثرية والمقامات وبعض المواقع المنتشرة في بلدات وقرى قضاء محافظة الخليل.
وأضاف بأن حشد الأهالي للصلاة في الحرم الابراهيمي تأكيد على استمرار الحركة في حماية الأماكن الدينية والاثرية والإنسان الفلسطيني.
وطالب خميس القيادة الفلسطينية بإعادة النظر في اتفاقية الخليل كون المفاوض الفلسطيني ارتكب "كارثة" في توقيعها، الأمر الذي أدى إلى تقسيم الخليل لمنطقتين.
وكانت السلطة الفلسطينية قد وقعت مع دولة الاحتلال اتفاق الخليل (١٩٩٧)، أو ما يعرف ب "بروتوكول الخليل"، الذي يقضي بتقسيم المدينة إلى قسمين الأولى منطقة “H1” وتشكل مساحتها ٨٠% من مساحة المدينة الإجمالية، وتخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الفلسطينية، ومنطقة “H2” وتشكل مساحتها ٢٠% من مساحة المدينة، وتتركز في البلدة القديمة وسط مدينة الخليل، وتخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.
يذكر أن وتيرة الأطماع الاستيطانية في الخليل تزايدت بشكل هائل بعد مجزرة الإبراهيمي (١٩٩٤)، حيث أغلقت سلطات الاحتلال نحو ١٨٠٠ محل تجاري بالبلدة القديمة ومحيطها بالحرم الإبراهيمي، منها ٥٣٠ محل تجاري مغلقة بقرار عسكري صادر عن ما يسمى الحاكم العسكري الإسرائيلي لمدينة الخليل، وفق تقارير تجمع المدافعين عن حقوق الانسان.
ومن أبرز الأماكن التي يقصدها المستوطنون في اقتحاماتهم لمدينة الخليل، بئر حرم الرامة وبلوطة سيدنا إبراهيم (عليه السلام) وقبر عتنئيل بن قنز ومسجد النبي يونس وجبل طاروسا في دورا وأرنبا في حلحول.
ولم تفلح محاولات مراسل قدس الإخبارية خلال إعداده للتقرير الحصول على معلومات من مديرية السياحة والآثار في مدينة الخليل، لأسباب رفضوا الإفصاح عنها.
وهذه بعض المعلومات المقتبسة من الشبكة العنكبوتية عن بعض المواقع الأثرية:
بئر حرم الرامة: مكان أثري يحيط به سور قديم مبني من حجارة ضخمة مشغولة منذ أربعة آلاف عام، وأجرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حفريات للموقع عام ١٩٤٨، بهدف إثبات أي دلالة تاريخية لوجود اليهود في تلك المنطقة، ولم تنجح المحاولات الاحتلالية في إثبات أي أثر لهم، ويوجد في منطقة بئر حرم الرامة بالمدينة.
قبر "عتنئيل بن قنز": تدعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأن القبر يعدو إلى أحد اليهود، فيما لا يوجد داخل المكان أي أثر لدفن أحد، والبناء عبارة عن غرفة قديمة ليس فيها دلالات أثرية أو تاريخية، ويوجد في شارع بئر السبع بمنطقة باب الزاوية بالمدينة.
بلوطة سيدنا إبراهيم: تعتبر شجرة بلوطة سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، أقدم شجرة في العالم، ويزيد عمرها عن ٥ آلاف عام، وتوجد في منطقة الجلدة بمدينة الخليل.
مسجد النبي يونس (عليه السلام): من أقدم المساجد حول العالم، يدعي المستوطنون أن نبي الله يونس (عليه السلام) مدفون في المسجد، وقبره موجود داخله، فيما لم تشر الدراسات والأبحاث لذلك.