الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة هي الدرع الواقي للشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني، وهي التي تحافظ على الثوابت الفلسطينية، وتدافع عن مكتسبات شعبنا التي تحققت بفعل العمل المشترك، كما أنها هي القوة الرادعة للعدو إذا ما فكر في العدوان، فالعمل العسكري المشترك يشكل موقعاً متقدّماً في تكتيكات الفعل العسكري للفصائل الفلسطينيّة، فبعد أن كانت المقاومة بالأدوات البسيطة مثل الحجر والمقلاع والعمليات الفدائية؛ انتقلت إلى مرحلة الصواريخ والقذائف وصراع الأدمغة، وذلك بعد أن لاقت الرعاية والاحتضان والدعم والمساندة في ظل حكم "حماس".
وفّرت غزة بيئة مريحة وظروف مناسبة لعمل المقاومة الفلسطينية بكافة أذرعها وحمت ظهر المقاومة رجالها ومقدراتها بأجهزة أمنية مقاومة، وسمحت لها بتصنيع وتطوير وسائلها القتالية والعسكرية، ووفرت لها أماكن التدريب والتطوير، كل ذلك أسهم في تطور وتصاعد الأداء العسكري المؤثر للمقاومة بصورة أربكت حسابات العدو الصهيوني، وجعلت قادة جيش الاحتلال يعدّون للألف قبل أية عملية عسكرية يُقْدِمون عليها لعلمهم بقدرة المقاومة واهمية العمل المشترك وتأثيره، من هنا يسعى العدو بكل الوسائل لضرب وحدة العمل العسكري المشترك.
فراهن الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير باغتياله القائد بهاء ابو العطا عبر نشر الإشاعة والاستهداف المحدد لسرايا القدس، لتجزئة وتحيد الفصائل عن بعضها وانفراط عقد الغرفة المشتركة وتجزئتها لإضعاف المقاومة عبر خطة إسرائيلية للوقيعة بين حركات المقاومة الفلسطينية في غزة وعلى وجه الخصوص بين حماس والجهاد، محاولاً تحييد حماس عن المواجهة بعدم إشراكها فيها، إلا أنّ الواقع أثبت غير ذلك وأنّ ما يقوم الاحتلال يأتي بنتائج عكسية تدفع للالتفاف حول العمل المشترك أكثر فأكثر.
من هنا تكمن أهمية الغرفة المشتركة في تحقيق أوسع قاعدة فصائليّة شعبيّة داعمة للمقاومة، ودمج كلّ القوى فيها، بما يعنيه ذلك توافر أغلبيّة جماهيريّة تتبنّى هذا الخيار كمشروع مشترك، أعطى ذلك عمقا أكبر للفصائل المسلحة في تبنى خططا جديدة لمواجهة الجيش الإسرائيلي، أحدثت نقلة نوعية في طبيعة العمل المقاوم وهذا ما توضح من خلال الانجازات التي تحققت خلال جولات التصعيد مع العدو وقدرة الغرفة المشتركة على تثبيت قواعد اشتباك وردع العدو، على عكس ما كان يجري في السابق، فأصبحت الغرفة العسكرية المشتركة للمقاومة هي المسؤولة عن تنظيم إدارة وتوجيه العمل العسكري للمقاومة، ولها أهمية كبيرة في تحقيق النصر ونجاح العمليات العسكرية للمقاومة .
كل ذلك يزيد من حجم المهام الملقاة عليها وتنوعها، فظروف العمليات المشتركة تتطلب مبادأة وابتكارا أكبر وتفويضاً بمعالجة المعضلات والمشكلات والتحضير المسبق لمواجهة الواقع الراهن على الارض والاحتمالات المرتقبة على أساس التنبؤ العملياتي الدقيق المبني على الجهد الاستخباري للمقاومة، بحيث تؤدى المهام المطلوبة وتعطى الحلول السليمة في ظل مواقف يكتنفها الغموض والارتباك والاحداث المتسارعة والتوتر النفسي والجسدي الشديد لدى الجميع.
أثبت ميدان المواجهة مع الاحتلال أن التشاور والتشارك من سمات القرار السليم، نظراً لما يتوفر عنهما من رؤية واسعة ونظرة شاملة لمختلف جوانب الأمر، وتشكلان ضرورة لسلامة القرار ورشده، ومن ثم بلوغه غايته وأهدافه، وذلك مطلوب توافره في القرارات المتعلقة بغرفة العمليات العسكرية، فإذا كانت العوامل السياسية هي التي تحدد بداية الحرب وسيرها وتوقفها فهي تعني دراسة العوامل والشروط السياسية المحلية والاقليمية والعالمية التي تؤثر فيها وتتأثر بها من خلال وضع استراتيجية عسكرية متكاملة.
كما أظهرت المعركة الأخيرة ضرورة تطوير وتجويد الغرفة المشتركة للمقاومة بحيث تفي هذه الغرفة بمتطلبات ومستويات المواجهة مع العدو بالاعتماد الى ثلاثة أنواع (أساسية، بيئية، تنظيمية) أساسية توضح نظرة القيادة السياسية للمقاومة في استخدام القوة العسكرية، وبيئية تبين كيفية توظيف القوة العسكرية للمقاومة في بيئات العمل المختلفة بتغير السلاح ومداه ونوعيته وقوام التشكيلات وطبيعة التهديد وكيفية الرد عليه ومدى القدرة على إدامة المجهود القتالي وغير ذلك من الأمور الخاصة بالفصائل المقاومة، والثالثة تنظيمية ترشد وتوجه استخدام التنظيمات والوحدات العسكرية على اختلاف أنواعها نحو تحقيق أهدافها.
اعتقد باننا جميعا نتفق ونشعر حالياً بأهمية الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية لاسترداد بلادنا ومقدساتنا وتحرير أسرانا وصون حق شعبنا في العيش بحرية وكرامة فوق وطنهم وارضهم ، سرايا القدس سيفنا البتار والقسام درعنا الحصين، وممارسة المقاومة واجب وحق والمطلوب الاستفادة من المواجهة الأخيرة في فتح المزيد من الثغرات لأجل تجديد البناء، وتحقيق اعلى درجات الوحدة على أرض المعركة، والمساهمة في رفع الوعي الجماهيري، وصياغة العلاقة مع العدو المستعمِر على أساس من العداء الجذري، وصد كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه على انفكاك الحاضنة الشعبية عن المقاومة والانقضاض عليها، وتشويه وعيها وخلط أولوياتها .
صراعنا مع العدو يعتمد على التراكم وليس الضربة القاضية، والذي قد لا تتضح أثناءه الإنجازات التي تحققها المقاومة، وهنا يمكننا أن نتخيل حالنا اليوم في هذا القطاع الصغير لو لم تكن هناك سرايا القدس والقسام والفصائل مجتمعة في الغرفة المشتركة التي باتت تهديد وجودي للكيان الصهيوني فغزة إذا هي الساحة الفلسطينية التي سينطلق منها نواة جيش التحرير الفلسطيني لتحرير القدس والأراضي المحتلة عام 48 وستدحر بأجنحتها العسكرية وفصائلها المسلحة هذا الكيان ومستوطنيه عن الأرض والمقدسات، ونحن كفلسطينيون نترقب هذه اللحظات بشغف فلدينا مقاومة راشدة قادرة تعد العدة وتجهز نفسها للحظة النصر التاريخية.