تشتعل الشبكات الاجتماعية الآن بخبر حجب فايبر في السعودية، وهي خطوة مثيرة للجدل ولها جوانب عديدة سنأخذ منها في هذا الموضوع الجانب الأمني، ولنبدأ بالسؤال الأكثر إثارةً للجدل:
هل فايبر Viper برنامج تجسس؟!
الإجابة تحتاج منّا بدايةً أن نعرض هذه الحقائق الهامة:
الشركة التي صمّمت، طوّرت وتدير برنامج فايبر هي شركة فايبر ميديا Viber Media ، وهي شركة إسرائيلية ناشئة مقرّها الرئيسي في قبرص (..) ولها مراكز تطوير في بيلاروسيا وإسرائيل.
أما صاحبها فهو تالمون ماركو وهو رائد أعمال إسرائيلي-أمريكي، تخرج من جامعة تل أبيب وخدم في الجيش الإسرائيلي 4 سنوات.
أي أننا نستطيع القول أن برنامج فايبر هو بالتأكيد برنامج إسرائيلي، وهو على رأس قائمة أفضل 10 برامج إسرائيلية على أجهزة الموبايل !!
لكن هل يعني ذلك بالضرورة أنه يستخدم للتجسس؟!
يصعب إيجاد إجابة علمية مؤكدة لهذا السؤال لأن من الصعب بطبيعة الحال معرفة أو إثبات ما يحدث خلف كواليس الشركة، لكن لدينا بعض المؤشرات التي تستدعي القلق:
1. البرنامج مجّاني ولا يوجد عليه إعلانات !!
وهي نقطة مثيرة للريبة جداً لأن برامج الاتصال عبر الإنترنت VoIP تحتاج لموارد ضخمة، بدءاً من البنية التحتية من سيرفرات وأجهزة ربط واتصال، مروراً بفريق التطوير الضخم من مبرمجين ومصممين وفنيين.
فمن أين تحصل شركة فايبر ميديا على هذه المصاريف الكبيرة؟!!
من فاعلي الخير بالتأكيد !
ببساطة برنامج فايبر هو برنامج مجهول التمويل ولا نعلم من يقف وراءه، وليس من المنطقي أن شركة ناشئة تستطيع إدارة وتمويل مشروع ضخم يستخدمه 200 مليون شخص حول العالم!
2. سياسة الاستخدام.
لا يقرأها عادةً أي شخص فينا حين يقوم بتحميل أي برنامج (ظاهرة عالمية
)، لكن إذا قمت
بقراءتها جيداً ستلاحظ أن الشركة تقول أنها لا تبيع أو تشارك معلوماتك مع أي جهة، إلا أنها قد تكشف عن معلوماتك إذا كان ذلك “ضرورياً” للحالات التالية:
- الامتثال للقانون !! (ليس من الواضح أي قانون بالضبط!)
- حماية حقوق الشركة !
- حماية أمن المستخدم أو أمن العامة !! (ليس من الواضح أيضاً ما المقصود بالأمن هنا!)
بالطبع هي شروط فضفاضة جداً تسمح للشركة بالكشف عن معلوماتك لأي جهة دون إخطارك، بما في ذلك قائمة أصدقائك وأرقامهم وسجل مكالماتك ورسائلك عبر البرنامج !!
3. احتفاظ الشركة بسجلات المكالمات لمدة 30 شهر !
هي أيضاً نقطة مقلقة جداً خاصةً أن سجلات المكالمات تضم أرقام المتحدثين، مدة المكالمة، تاريخها وتوقيتها، الجهاز المستخدم للاتصال، مكان المتحدثين وغيرها من البيانات الخطيرة.
لماذا تحتفظ الشركة بسجلات المكالمات؟
من أجل أسباب كثيرة لفت انتباهي منها: أسباب خاصة بالأمن العام !!
4. الشركة تحتفظ بنسخة من سجلات أرقامك وأسماء أصدقائك على خوادمها !
وهو أمر طبيعي في كثير من برامج الاتصال على أجهزة الموبايل، لكن حين نضيفها للنقاط السابقة تصبح نقطة مقلقة جداً !
إذن فخلاصة ما سبق هو:
صحيح أننا لا نعلم ما يحدث وراء كواليس الشركة وليس لدينا دليل يثبت استخدام قواعد بيانات الشركة للتجسس، لكن بالتأكيد لدينا العديد من المؤشرات التي تقول أن البرنامج خطر عليك وعلى من تعرف.
من الجدير بالذكر أن هناك جانباً آخر للمشكلة (تحديداً في السعودية وبعض الدول التي تحظره)، وهو الجانب الاقتصادي كالاستغلال من شركات الاتصالات لتقييد برامج الاتصال المجّاني وزيادة أرباحهم، لكن تبقى لدينا خيارات أكثر أمناً لحماية أنفسنا مثل سكايب أو حتى تطبيقات مثل Google Hang out .
“لكن ما أقوله من معلومات في مكالماتي ليس مُهماً !”
هذه الجملة هي أخطر ما في هذه البرامج، لأن أغلبنا يستهتر بقيمة المعلومات الصغيرة التي يتبادلها مع أصدقائه أو معارفه.
تخيل معي مثلاً الموقف التالي:
حادث سيارات كبير يقع في أحد جوانب المدينة التي تعيش فيها.
كل ما ستفعله وأنت تتحدث مع صديقك بفايبر هو أنك ستخبره بأن حادثة مؤسفة وقعت في منطقة كذا.
قد تبدو معلومة غير ذات قيمة ويمكن لأي كان أن يعرفها عبر الإنترنت، لكن أتدري لو كنت جهازاً استخبارياً كيف سأستفيد مما ذكرت؟
ستتحدث أنت بوقوع حادثة في مكان ما، وسيتحدث آخر مع صديقه عن توقف الطريق لمسافة كذا بسبب الحادثة، وسيتحدث آخر عن أن الإسعاف والشرطة تأخروا بفترة كذا قبل أن يصلوا !
هذه المعلومات وحدها كافية لحساب عدد السيارات التي توقف بسبب الحادثة، وبالتالي الكتلة السكانية التي تتحرك عبر هذه المنطقة في هذا الوقت. ومع تحليل مناطق العمل والمدارس يمكن وضع دراسة لأماكن حيوية لحركة السكان في هذه المنطقة. يضاف إليها سرعة استجابةا لشرطة والإسعاف وقوتها في هذه المنطقة.
كل هذه المعلومات يمكن معرفتها من محادثتك العامة مع صديقك. تفاصيل صغيرة كثيرة يتم جمعها لعمل صورة كبيرة ومعقدة. فما رأيك فيما يمكن جمعه من مكالمات 200 مليون مشترك في البرنامج؟
إذا كنت مسؤولاً في جهاز استخبارات فأفضل طريقة للتجسس هي عمل برنامج اتصالات “مجاني”!، وسيقوم “الزبون” بنشر وسيلة التجسس بنفسه بين أصدقائه ومعارفه !
الكاتب : إبراهيم محمد - عالم الإبداع