رام الله- قُدس الإخبارية: أكد المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي "حملة"، بحثًا جديدًا بعنوان "شبكة مُسْكتَة"، أن ثلثي الشباب الفلسطينيّ، لا يشعرون بالأمان للمشاركة السياسيّة عبر الإنترنت.
وتناول البحث تأثيرات الردع على المشاركة السياسيّة للشباب الفلسطينيّ في وسائل التواصل الاجتماعيّ" حول استخدام الشباب الفلسطينيّ للإنترنت والمشاركة السياسيّة من خلال وسائل التواصل الاجتماعيّ. تكوّن البحث من جزأين متكاملين: استطلاع رأي وجاهيّ شارك فيه 1200 شاب فلسطينيّ من الضفة الغربيّة وغزّة والداخل من الفئة العمريّة 30-16 عامًا، وبحث ميدانيّ لمجموعات نقاش بؤريّة من ذات المناطق ومن الفئة العمريّة 15-25 عامًا.
وأوضحت "حملة" في بحثها، أن %76 من الشباب الفلسطينيّ يستخدم الإنترنت من الهاتف الذكي بمعدل 5.5 ساعات يوميًا، فيما تعرّض ثلث الشباب الفلسطينيّ للمساءلة القانونيّة نتيجة مشاركتهم آرائهم السياسيّة على الانترنت.
ووفقًا للبحث الذي أعدته "حملة"، فإن شابًا من بين كل ثلاثة شباب في فلسطين يتعرض للعقاب من الأسرة بسبب مشاركة آرائهم السياسية. وبالنسبة لاستخدام الإنترنت ووسائله وأنماطه، أظهر الاستطلاع أنّ 100٪ من الشباب الفلسطينيّ يستخدمون الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعيّ، 43.1% منهم يستخدمه بشكل كبير، 43.3% بشكل متوسط، 13.6% بشكل قليل، ويستخدم 76.3% من الشباب الفلسطيني الانترنت بواسطة الهاتف الذكي، يليه 16.8% بواسطة حاسوب شخصيّ، 12.2% حاسوب مشترك مع العائلة، 11.7% جهاز لوحيّ (تابلت).
وتقضي العينة المستطلعة حوالي 5.5 ساعات يوميًا في استخدام الانترنت، وحوالي 39.7% يستخدمه لمدة 6 ساعات فأكثر، و 33.5% يستخدمه من 4 إلى 5 ساعات يوميًا، بينما 21.7% من المستطلعة آراؤهم يستخدمونه من ساعتين إلى ثلاث ساعات، وحوالي 5.2% يستخدمونه ساعة فأقل. كما أظهر البحث أنّ منصة فيسبوك هي أكثر المنصات والتطبيقات استخدامًا، حيث تصل نسبة استخدامها إلى 71.3% من الشباب الفلسطينيّ، يليها واتسآب بنسبة 66%، ومن ثم يوتيوب 51.1%، أمّا إنستغرام 45.7%، سناب تشات 32.7%، فايبر 16.4%، وتصل نسبة استخدام تويتر إلى 15.8%، أما تيك توك فتصل إلى 15%، سكايب 10.1%، تيليغرام 8.1%، سيغنال 3.5%، ولينكدإن بنسبة 3.8%.
أما بالنسبة للمشاركة السياسيّة والتعبير عن الرأي في الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعيّ، فإنّ حوالي 37.2% من المستطلعين يشاركون بآرائهم السياسيّة عبر الإنترنت مقابل 62.8% أجابوا أنّهم لا يشاركون بالآراء السياسيّة. وفي السياق ذاته، أجاب 33.6% بتعرّضهم للمساءلة القانونيّة نتيجة المشاركة بالآراء السياسيّة، بينما أظهر البحث أن 66.4% لم يتعرّضوا للمساءلة. وقد أظهر الاستطلاع نتائج مثيرة كأن يتعرض 35.3٪ من الشباب لعقاب من الأسرة بسبب المشاركة السياسيّة على الانترنت.
من خلال المجموعات البؤريّة، انكشفت مجموعة من الأسباب التي تدفع الشباب الفلسطينيّ لعدم المشاركة والتعبير عن الرأي من خلال وسائل التواصل الاجتماعيّ. ويُظهر تقرير "شبكة مُسْكَتَة: تأثيرات الردع على المشاركة السياسيّة للشباب الفلسطينيّ في وسائل التواصل الاجتماعيّ"، الذي يلخّص ويحلّل محتوى المجموعات البؤريّة، أنّ الشباب يشكّك في جدوى المشاركة السياسيّة عبر الإنترنت حيث يشعرون أنّ مشاركتهم السياسيّة لا تُحدث فرقًا عندما يتعلق الأمر بإحداث تغيير فعليّ، وأنّ هذه المشاركة انتقائيّة في القضايا والمواضيع وغالبًا ما تميل أن تكون ضمن "ترند" أو حملة يشاركون فيها.
ويوكّد التقرير بالأساس أنّ للبيئة القانونيّة والسياسيّة الحالية تأثير كبير على النشاط السياسيّ للشباب الفلسطينيّ على الإنترنت، خصوصًا بعد أن واجه العديد من الفلسطينيّين تجربة إزالة المحتوى، والمضايقات، والاستجوابات والاعتقالات بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير في الإنترنت.
عامة، يساهم هذا فيما يعرف بمصطلح "Chilling Effect" الذي تُرجم بالتقرير إلى: تأثيرات الردع، حيث يخشى الشباب من ممارسة حقوقهم ويمارسون الرقابة الذاتيّة والردع الذاتيّ، مما يقلّل من نشاطهم عبر الإنترنت ويساهم في تقليص مساحة المشاركة السياسيّة بشكل عام.
ووفقًا للبحث، فإنه من خلال اقتباسات عديدة للشباب المشاركين في مجموعات النقاش، يصف التقرير تأثيرات الردع، على محاورها المختلفة ويقوم بشرحها، خصوصًا تلك المرتبطة بمخاوف الشباب الناتجة عن سياسات وممارسات السلطات، إذ يستمر، منذ عقود حتى اليوم، اعتقال الفلسطينيّين لمشاركتهم السياسيّة وقمعهم، حيث تعتقل السلطات بشكل روتيني الفلسطينيّين الذين ينشرون على شبكات التواصل الاجتماعيّ، وتستخدم الاستجواب والاعتقال والملاحقة القانونيّة كأدوات لردعهم، وردع غيرهم، من مشاركة المحتوى عبر الإنترنت.
كما أن هناك مجموعة من التشريعات الإسرائيليّة الجديدة التي تهدّد الحق في حرية التعبير والحق في الخصوصية. وهذا يشمل "مشروع قانون فيسبوك". كذلك الأمر بالنسبة للسلطة الفلسطينيّة وحكومة حماس حيث هناك قيود على حرية التعبير في الفضاء الرقميّ في التشريعات الفلسطينيّة والتعديلات التي أجريت عليها مؤخرًا. ويشير تقرير "شبكة مسكتة" إلى أنّ الضغط والرقابة من جانب أفراد الأسرة والعائلة الموسّعة يساهمان في قمع المشاركة السياسيّة للشباب وحرية التعبير عن الرأي في الإنترنت.
كذلك فإنّ ردع الآخرين، نتيجة للمشاركة السياسيّة، يخيف الشباب ويدفعهم إلى عدم التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت، وهو ما يُسمّى في أدبيات الحقوق الرقميّة "تأثيرات ردع ثانوية" حيث تُردع نشاطات المستخدمين عبر الإنترنت، حتى عندما لا يتعرضون بأنفسهم لذلك الردع، إنّما عندما يتعرض آخرون في شبكاتهم الاجتماعيّة للقمع.
وقد وجد هذا التقرير أنّ الفلسطينيّين حدّدوا أنواعًا من تأثيرات الردع، وشملت مخاوف من القمع الذي تعرّض له صحفيّين وكتّاب، أو صديق أو فرد من الأسرة، من اعتقالات واستجوابات ومضايقات عبر الإنترنت.
كذلك، أظهرت نتائج مجموعات النقاش أنّ التنمّر عبر الإنترنت يؤثّر بشكل كبير على المشاركة السياسيّة.