نابلس-خاص قدس الإخبارية: "هبطوا بأقنعتهم من رأس الجبل، مُتسلّحين بالهراوات والغاز وزجاجات المولتوف، ما جرى أشبه بمجزرة"... هكذا حاول المزارع عبدالمهيمن عسعوس أن يختزل جريمة مستوطني "يتسهار" أمس.
يروي عسعوس لـ"قدس الإخبارية" عن بداية الجريمة قائلًا: "يوم أمس كنتُ برفقة أقاربي من قرية بورين ومتضامنين أجانب نقطف الزيتون في أطراف القرية القريبة من بلدة حوارة، وما إن ذهبتُ لإحضار أغراضٍ حتى باغت نحو 20 مستوطنًا قاطفي الزيتون وهاجموهم".
يواصل: "مستوطنون يحرقون الأرض بالزجاجات الحارقة، وبعضهم يرشقون المزارعين بالحجارة، وآخرون هاجموهم برش الغاز وبالهراوات الحديدية، إن المشهد صعب الوصف لأن الواقع أشد قسوة"، مشيرًا إلى أن هجوم المستوطنين أسفر عن سبع إصاباتٍ في صفوف مزارعي بورين، والمتضامنين الأجانب الذين حضروا لمساندتهم في موسم الزيتون.
ويوضح أن الاعتداء ليس الأول في المنطقة ولكنه الأعنف حتى اللحظة، إذ سبقه مثلًا جولات استفزازية لما يسمى "حارس أمن مستوطنة يتسهار" بغرض كشف الأراضي ورصد عدد المزارعين، مضيفًا: "هم يعرفون ماذا يفعلون، الزجاجات الحارقة لإحراق الأرض والهراوات والغاز لاستهداف الإنسان".
ينوّه المزارع إلى أن قطعة الأرض التي هاجمها المستوطنون هي الوحيدة التي تبقت صامدة في المنطقة، "الأرض الخضراء وما حولها سَوَاد" كما حبّذ عسعوس أن يصفها، إذ أحرَق المستوطنون الأراضي الأخرى حولها وكانت عرضةً لاعتداءاتهم السابقة المتكررة.
32 اعتداءً في أسبوع
يقول مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس، إن موسم الزيتون هذا العام شهد اعتداءات مكثفة من المستوطنين على المزارعين في محافظاتٍ مختلفةٍ، تنوعت ما بين إصاباتٍ جرّاء الاعتداء بالضرب المبرح تارةً، وسرقة الثمار تارةً ثانية، وإحراق الأشجار وتكسير أغصانها.
ويكشف دغلس لـ"قدس الإخبارية"، أن مزارعي الضفة، تعرضوا لـ(32) اعتداء من مستوطنين خلال أسبوع فقط منذ بداية موسم الزيتون، حظيت منطقة قرى جنوب نابلس بالحصة الأكبر منها، مشيرًا إلى أن منطقة جنوب نابلس لها خصوصية كل عام، نظرًا لوجود معقل التطرف الإسرائيلي فيها، والمتمثل بعدة مستوطناتٍ أبرزها "يتسهار" التي "تضم مدارس تُخرّج القتلة" وتُشكّل بؤرةً لعصاباتٍ يمينيةٍ مثل عصابتيْ "دفع الثمن" و"فتية التلال".
"قدس الإخبارية" رصدت سلسلةً من هجمات المستوطنين على قاطفي الزيتون خلال الأسبوع الجاري، وأبرزها: إصابة المزارع عيسى حامد رمضان بكسرٍ ورضوض جرّاء تعرضه للضرب في قرية تِل جنوب غرب نابلس، وإصابة المزارع صايل درويش بجراح في رأسه أثناء عمله داخل الأرض في قرية برقة شرق رام الله.
قطع الأشجار وسرقة ثمارها تُشكّل إحدى هوايات الإجرام عند المستوطنين، إذ رشقوا بالحجارة مزارعين في قرية الجبعة جنوب بيت لحم بعد يوميْن من اعتدائهم بالضرب على مُسن بنفس المكان، واعتدوا على مزارعين في قرية النبي إلياس شرق قلقيلية، قرب الشارع الاستيطاني، أما في قريتيْ دير شرف وبورين قضاء نابلس فقد سطى المستوطنون على ثمار الزيتون من عدة كرومٍ.
لم تنتهِ قصة عائلة عبدالمهيمن عسعوس باعتداء المستوطنين، بل حضر جيش الاحتلال متأخرًا، لتكون المفاجأة بأن الأرض المُعتدى عليها هي منطقة عسكرية مُغلقة"، اليوم لم نذهب لنقطف الزيتون هناك لأن ضابط الاحتلال منعنا بقراره"، بحسب عسعوس.
اللجان الشعبية
تفعيل اللجان الشعبية في مواجهة الاعتداءات بات ضرورة ملحّة كما يرى كثير من النشطاء، وفي هذا الصدد يتحدث مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة: "الأمر يختلف من بلدة لأخرى إذ لكل منطقة خصوصيتها، لكن بوجهٍ عامٍ ينبغي على المزارعين الحفاظ على الجهوزية واليقظة والتحلي بالحذر الدائم، والحرص على عدم الانفراد خلال قطف الزيتون، لأن المستوطنين يهجمون كجماعاتٍ".
وينوّه دغلس إلى أن التصدي للمستوطنين واجبٌ لكن مع وجود سلاح الوعي فمعظم الاعتداءات استهدفت عائلة أو مزارعين لوحدهم في مناطق غير مأهولة بالفلسطينيين.
لم تنجح أقنعة المستوطنين في إخفاء وجههم الحقيقي، فالمزارع الفلسطيني بات يعرفهم جيّدًا، وأصبح يُدرك أن موسم الزيتون هو الفرصة الذهبية للاعتداء عليه، لكن الاعتداء يتكرر كل عامٍ ولا يفر هاربًا، لماذا؟... "لأن الأرض منه وهو منها، ولا يخشى أقنعة المعتدين"!.