لبنان- قدس الإخبارية: يصادف اليوم الذكرى السابعة والثلاثين لمجزرة صبرا وشاتيلا، التي ارتكبت في 16 سبتمبر 1982، وراح ضحيتها 3500 شهيدا، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي وحلفائهم في لبنان.
وبلغ عدد الذين سقطوا جراء المجزرة ما بين 3000 إلى 3500 رجل وامرأة وطفل استشهدوا خلال أقل من 48 ساعة، أيام 16و17 و18 سبتمبر1982 من أصل عشرين ألف نسمة كانوا يسكنون صبرا وشاتيلا وقت حدوث المجزرة.
ووفقاً للتقديرات التي صدرت في حينه فإن ربع الضحايا هم من اللبنانيين فيما البقية من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيم.
ويعود التضارب في عدد الضحايا إلى أن القَتًلة طمروا الجثث في حفر جماعية أثناء ارتكابهم للمجازر وبالتالي لم يتمكن العثور على كل هذه الحفر، لا سيما وأن السلطات اللبنانية آنذاك لم تحقق مع الجناة اللبنانيين.
وبخلاف الضحايا الذين تم العثور على جثثهم في مكان وقوع المجزرة، هناك المئات من المفقودين، ومئات تم العثور على جثثهم في الطرقات الممتدة من بيروت إلى الجنوب الذي كانت تحتله قوات الاحتلال الإسرائيلي.
فقد اختطفت قوات الاحتلال عدة مئات من المخيمين وجرى نقلهم في شاحنات إلى جهات مجهولة، ولا يزال مصير المئات منهم مجهولاً إلى الآن.
كان الهدف الأساس للمجزرة بث الرعب في نفوس الفلسطينيين لدفعهم إلى الهجرة خارج لبنان، إضافة إلى تأجيج الفتن الداخلية في لبنان، واستكمال الضربة التي وجهها الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 للوجود الفلسطيني في لبنان، وتأليب الفلسطينيين ضد قيادتهم بذريعة أنها غادرت لبنان وتركتهم دون حماية.
ولعل المفاجأة أن سكان صبرا وشاتيلا ـ الناجون منهم ـ فور انتهاء المذبحة البشعة أخذوا يصلحون ما أفسدته الآلة الحربية الإسرائيلية في نفوسهم وبيوتهم، ضاربين أمثلة تحتذى في القدرة على الاحتمال والصبر على الأهوال وإدمان أمل العودة إلى الوطن مهما طال الزمان وتباعدت الخطوات.
ولم تكن مجزرة صبرا وشاتيلا أول المجازر الصهيونية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، ولم تكن آخرها، فقد سبقها مجازر قبية ودير ياسين والطنطورة، تلتها مجزرة مخيم جنين ومجازر غزة والضفة المستمرة والتي يمكن أن توصف على الأقل أنها "جرائم حرب" نفذها جنرالات مهووسون بالدم.
وفي كل عام، في منتصف شهر سبتمبر، يحيي الفلسطينيون ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقيادة "أريئيل شارون" وبعض المتواطئين من قادة الجيش اللبناني.
وللتذكير فقط، فإن المجزرة نفذت بحجة الانتقام لمقتل زعيم الكتائب اللبناني "بشير الجميل"، لكن المؤكد أنها نفذت انتقاماً من الفلسطينيين الذين صمدوا في مواجهة آلة الحرب الصهيونية خلال ثلاثة شهور من الصمود والحصار الذي انتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العُزل بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، لكن الدول الضامنة لم تف بالتزاماتها وتركت الأبرياء يواجهون مصيرهم قتلًا وذبحًا وبَقرًا للبطون، لا بل الاغتصاب ثم القتل.
وتتزامن هذه الذكرى مع تزايد ظاهرة هجرة أبناء المخيمات في لبنان وسورية إلى الغرب، حيث تدفع بهم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وحالة البؤس والفقر والحرمان والبطالة التي تلف حياتهم، وانسداد الأفق أمامهم، وويلات الحروب، إلى ركوب الأمواج العاتية، مخاطرين بأرواحهم بحثاً عن أمل جديد ينتهي ببعضهم في أعماق البحار.