تشير التطورات الأخيرة بين مصر وإسرائيل لنشوء تحالف الطاقة بينهما، فهي المرة الثانية خلال نصف عام التي يتم فيها دعوة وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس لمنتدى الغاز الطبيعي في القاهرة، ما أدى لتقوية العلاقات في هذا المجال بين تل أبيب والقاهرة، باعتباره يمثل مصلحة مشتركة للبلدين معاً، وقبل ذلك وبعده مصلحة أمريكية جوهرية.
يعتقد الإسرائيليون أن التعاون في مجال الغاز يعطي دلالات جديدة على دفء العلاقات المتنامية بين البلدين، لأن شتاينتس زار مصر في يوليو ويناير، وزيارته الثانية شملت استقبالا رسميا، وحفاوة بالغة من مضيفيه المصريين. مع أن زيادة مراسم الاستقبال المصرية بالضيف الإسرائيلي جاءت تلبية لرغبة أمريكية على خلفية التحضير لإعلان صفقة القرن، وقمة البحرين الاقتصادية، حجر الأساس للتطبيع العلني بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة، مع أن موضوع الغاز الطبيعي يشغل دول البحر المتوسط، وباتت مصر وإسرائيل لاعبتين أساسيتين في هذا المجال.
بحث شتاينتس مع مضيفيه المصريين تفاصيل الاتفاق السابق حول تصدير الغاز من الحقلين الإسرائيليين تمار ولفيتان إلى مصر، وتوسيع آفاق الاتفاق في المستقبل، وتطبيق مبادرة لإقامة محطة برية على شواطئ البحر الأحمر في سيناء، لتصدير الغاز لأغراض الطاقة لأسواق آسيا.
وفيما يبدو واضحا أن التوجه الإسرائيلي يقضي بإقامة هذه المحطة في الأراضي المصرية لأنه سيوفر فرص عمل لآلاف العمال في فترة إقامتها، ومئات الفرص الأخرى عند بدء التشغيل، فإن تكلفة إقامة هذه المحطة تصل 15 مليار دولار، وغرضها الأساس تقصير مسافة التصدير لتجاوز المعبر المتمثل بقناة السويس. وبحث الجانبان تطوير مشروع "فوسيدون" البحري الأطول في العالم، بحيث يقوم بنقل كميات الغاز الطبيعي من إسرائيل ومصر وقبرص إلى جنوب إيطاليا عبر اليونان، ما يعني أننا أمام تحالف رباعي للغاز الطبيعي بين هذه الدول.
الجدير ذكره أنه في أعقاب تبدل السلطة في مصر بعد الإطاحة بحسني مبارك خلال ثورة 2011، ومجيء الرئيس الراحل محمد مرسي في 2012، أعلنت الشركتان الحكوميتان المصريتان إلغاء الاتفاق من جانب واحد مع نظيرتهما الإسرائيلية، ما تسبب بخسائر للاقتصاد الإسرائيلي بلغت 15 مليار شيكل، بجانب عمليات التخريب لأنابيب الغاز التي قام بها بدو سيناء وبعض المجموعات الإسلامية المسلحة.
كل ذلك يعني أن الفترة السابقة لمجيء السيسي أثارت مخاوف إسرائيلية من المس بمشاريع مستقبلية مشتركة مع مصر، لكن تجديد الاتفاق اليوم في مجالات الطاقة في عهد السيسي يشير لجاهزية أمنية مصرية لتوفير المزيد من الحماية لهذه المشاريع المشتركة المصرية الإسرائيلية، وكل ذلك من الغاز الفلسطيني الذي تسرقه إسرائيل جهارا نهارا، وتبيعه في أسواق العالم، وأولها الأسواق العربية!