رام الله – خاص قدس الإخبارية: شكّلت التصريحات الأخيرة التي صدرت عن القيادي بحركة حماس محمود الزهار بشأن العلاقة مع النظام السوري وإمكانية إعادتها من جديد، حالة من الجدل في الأوساط الفلسطينية والسورية.
ويرى البعض أن حديث الزهار يتعارض مع موقف حماس المعلن والذي اختار الانسحاب من سوريا بالرغم من الامتيازات التي كان يوفرها نظام الأسد خلال فترة تواجدها قبيل اندلاع الثورة السورية، بعد رفضهم الانزلاق في الشأن الداخلي السوري.
في حين رأى آخرين أن استعادة العلاقات يأتي في إطار المحاور التي تصاغ في المنطقة ضمن سياق طبيعي في ضوء استعادة حماس لعلاقتها مع إيران وحزب الله اللبناني، والتي شهدت تراجعاً خلال الفترة التي أعقبت الثورة السورية.
واتفق محللان في أحاديث منفصلة لـ "شبكة قدس" أنه من المبكر الحديث عن عودة العلاقات الثنائية بين حماس والنظام السوري، سيّما وأن حجم الفجوة بعيد للغاية بالرغم من وجود مقاربات تحاول أطراف القيام بها وعلى رأسها حزب الله وإيران.
الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي قال لـ "شبكة قدس" إن هناك توجهين داخل حركة حماس، والتصريحات الأخيرة بشأن استعادة العلاقة مع بشار الأسد ونظامه تعكس حالة السجال الداخلي الدائر في أوساط الحركة بشأن ذلك.
وأضاف عرابي قائلاً: "هذه ليست تصريحات شخصية بل تعكس مواقف داخلية فهناك تياران التيار الأول يرى أن تعاد العلاقات مع النظام السوري، خصوصاً وأن الحركة تعاني من حصار إقليمي في وقت تبحث فيه عن بناء حلفاء".
مضيفاً: "الطرف الآخر يرى أن إعادة العلاقات مع النظام السوري لا يوجد به جدوى خصوصاً أن الجمهور العربي والمنظومة العربية والدولية غير منفصلة عن الموضوع الفلسطيني، وإذا كان مفهوماً إعادة حماس للعلاقات مع إيران على اعتبار الدعم المالي والعسكري فلن يكون مفهوماً استعادة العلاقة مع النظام السوري، الذي لا يزال يعاني هشاشة".
ورأى الكاتب أن الأطراف الوازنة داخل حركة حماس تدفع باتجاه عودة العلاقة مع النظام السوري، خصوصاً في ظل تحكم قيادة حماس بغزة بالقرار إلى حد كبير أمام تراجع دور إقليم الخارج وغياب إقليم الضفة المحتلة.
واستدرك قائلاً: "الفجوة كبيرة بين الطرفين وليس من السهل أن تعود العلاقات كما كانت في السابق، إضافة إلى وجود أطراف فاعلين في المشهد، ويبدو أن الأطراف الفاعلة تريد من حماس موقفاً جماعياً بشأن العلاقة مع النظام وهو غير متوفر حالياً".
وأشار إلى أن حماس معرضة لحالة إحراج حقيقية كغيرها من الفصائل والحركات الفلسطينية، خاصة في ظل ارتباط القضية الفلسطينية بالقضايا العربية والإسلامية، منوهاً إلى أن الخروج من سوريا كان مكلفاً بالنسبة لحماس ودفعت أثمان باهظة.
عودة مشروطة
في السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن عودة العلاقة مع النظام السوري ممكنة؛ رغم أن ذلك لن يكون كما كان في السابق لاعتبارات مرتبطة بالنتائج المترتبة على ما حدث في أعقاب خروج الحركة من دمشق.
وأوضح الصواف لـ "شبكة قدس" أن التحالفات التي تصاغ في المنطقة خصوصاً العلاقة مع إيران وحزب الله تجعل العلاقة مع النظام السوري قائمة لكن ليس بذات الطريقة التي كانت في السابق خصوصاً وأن العلاقة تضررت بعد خروج حماس.
وواصل قائلاً: "النظرة لحماس والإدانة من قبل العرب لا يجب أن يكون حاضراً وعليهم جميعاً أن يجيبوا عن سؤال آخر هو أين أنتم من قرارات ترامب بدلاً من أن تتهموا لحماس أو تشرحوا لها آليات صياغة التحالفات في المنطقة".
واعتبر الصواف أن حماس معنية بكسب التحالفات مع الجميع في ضوء ما تعيشه القضية الفلسطينية من تحديات خطيرة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن حماس حينما خرجت من سوريا كان موقفها واضحاً وهي داعمة لجميع أطياف الشعب السوري.
وواصل قائلاً: "حماس نصحت النظام السوري إلا أنه اختار التوجه نحو الخيار العسكري، وغادرت هي بهدوء تجنباً للصدام مع النظام السوري من أجل حماية نفسها وعناصرها رغم أنها خسرت مادية ومعنوياً امتيازات كثيرة قدمت لصالحها".
وكان الزهار قد صرح قبل أيام عن جهود بُذلت بالسابق، وتبذل حالياً لعودة العلاقات بين حركة "حماس" والنظام السوري، مشدداً على "أنه لابد من ترتيب العلاقات مع كل من وقف ويقف مع فلسطين ويعادي الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح القيادي الزهار أنَّ من مصلحة المقاومة أن تكون هناك علاقات جيدة مع جميع الدول التي تعادي "إسرائيل" ولديها موقف واضح وصريح من الاحتلال، متابعاً: "أعتقد أن هناك جهود تبذل لإعادة العلاقة بين حماس وسوريا، لكن هناك أناس مجروحة من الموقف وما آلت إليه العلاقة".
وأضاف: "الرئيس السوري بشار الأسد وقبل الأزمة فتح لنا كل الدنيا، لقد كنا نتحرك في سوريا كما لو كنا نتحرك في فلسطين وفجأة انهارت العلاقة على خلفية الأزمة السورية، وأعتقد أنه كان الأولى ألا نتركه وأنْ لا ندخل معه أو ضده في مجريات الأزمة".
في الوقت ذاته، نفى عدد من المسؤولين في النظام السوري عودة العلاقة مع حركة حماس، إذ نفى التلفزيون السوري الرسمي مؤخراً عودة العلاقة ونشر بياناً قال فيه: "لا صحة لكل ما تتم إشاعته ونشره من تصريحات حول عودة أي علاقات مع حركة حماس".