حد السيف انتهت مع المقاومة على غير ما تشتهي (إسرائيل) وترجوه، وعلى غير حساباتها ، وعلى الرغم ان مشهد التغير والتبديل والاستقالات يعتبر عنصر ايجابي في استخلاص العبر وتطوير الاداء لدى الجيوش والوحدات العسكرية.
ومن متابعتي لمدى استيعاب الجيش الإسرائيلي لعديد الاستنتاجات لحروب ومعارك سابقة وخاصة دروس الأرض نلحظ وجود العديد من الثغرات والفجوات في عملية التعلم والاستجواب واستخلاص الدروس وتطبيقها، هذه الفجوات لدى العدوِّ ليست موجودةً على المُستوى الاستراتيجيِّ فقط، ولكن أيضًا في العمليّات التَّكتيكيَّة الميدانية.
فوجئَ الجيشُ الإسرائيليُّ مرارًا وتكرارًا خلال مواجهته فصائل المقاومة، وكانت المفاجأةُ بسبب الفرق بين المعرفة والفهم، وصعوبة استيعاب أهمِّيَّة التَّهديد، وعدم استعداده لذلك، ونلحظ بعد كل عمل عسكري يخوضه الجيش الصهيوني يعلق العسكريون بالجيش "لقد تم دراسة العملية واستخلاص الدروس المستفادة منها ونعمل الآن على تنفيذها" ، فهناك فجوة كبيرة بين الاعتراف بالتهديد وفهمه واستيعابه أثناء القتال، فهناك فجوةٌ بين النَّظرة السّائدة والواقع في ميدان القتال، وهناك منافسةٌ بالتَّعلُّم واستخلاص الدروس المستفادة، وتقدير الموقف، وأخذ العبر بين جيش الاحتلال وقوى المقاومة .
اعلن الاحتلال أجزاء من نتائج التحقيقات حول فشله بعملية خانيونس وهنا اعلق على ما ذكر وما لم يذكر :
مما ذكر ان رئيس الأركان أيزنكوت أمر بإرسال طائرة مروحية لإنقاذ القوة الخاصة بغزة وكان يخشى من قتل أفراد قوة الإنقاذ بمروحيتهم .
فعملية حد السيف اثبتت قدرة المقاومة على مفاجأة العدو ويقظتها واستعدادها وأنها في حالة دفاع عن النفس وتقوم بواجبها في رد العدوان عن شعبنا، ولديها الشجاعة والجرأة على الرد على عدوان الاحتلال وتثبيت المعادلات التي رسختها بالميدان، وقدرتها على تحطيم رغبة العدو بالاستمرار بالعدوان على شعبنا وأنها قادرة على تحقيق المفاجأة والمحافظة على زمام المبادرة.
من نتائج التحقيق أن العملية فشلت تماما، بسبب إخفاق عملياتي في إعداد وتنفيذ العملية، بالإضافة إلى السلوك التكتيكي الخاطئ على الأرض، كما أنه لم يتم تعزيز القوة الخاصة حسب الحاجة، وكانت هناك ثغرات تكررت في مهام مماثلة، كما أن الأخطر هو أن القوة لم تكن على مستوى المهمة.
وهذا ما قلته منذ بداية الحدث أن قيادة الاحتلال أرادت تنفيذ عمل أمني صامت داخل حدود القطاع، لكن يقظة المقاومة أفشلت مهمة العدو، وأن الثابت بهذه العملية تحوَّلها من تهديدٍ تكتيكيٍّ إلى مشكلةٍ استراتيجيَّةٍ في ساحة المعركة نتيجة الإِخفاقات الاستخباراتيَّة، والفشل في اتّخاذ القرار، والإخفاق الأهم في العملية يتمثل في الفشل الذي يعاني منه الجيش وهو التنفيذ الميداني في المواجهة العملياتية المباشرة مع المقاومة، وأن الجندي غير قادر على تنفيذ ما تدرب عليه واستعد له، وهوما يثير الشكوك في إمكانية خوضه مواجهة مفتوحة مع المقاومة وذلك سيبعد عن غزة شبح الحرب.
كما يعترف رئيس أركان جيش الاحتلال السابق غادي آيزنكوت: بأن حماس نجحت في السيطرة على وثائق عسكرية ومعدات وأجهزة للقوة الخاصة الإسرائيلية .
وهذا الاعتراف يثبت مصداقية قيادة المقاومة وهنا نذكر ما تحدث به رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مهرجان حماس 31 أن "هناك ذخر أمني وفني كبير ومهم بين أيدي مهندسي كتائب القسام، موضحا أنه "سيساهم في فهم وكشف آليات عمل هذه القوات الخاصة الإسرائيلية التي عملت في غزة والضفة ودول عربية وأماكن أخرى"
ما لم يذكره التحقيق ان فضح وكشف القوات الخاصة الصهيونية وما تبع ذلك من جهد أمني، اسهم بتقويض وتشويش عمل الشبكات الإسرائيلية التي كانت تقوم بجمع المعلومات عن المقاومة، وان خسارة الكنز الاستخباراتي سيجعل من الصعب على الاحتلال التعامل مع ما تعده المقاومة من خطط وجهد عسكري ضدها في الداخل والخارج .
كما قال أبو عبيدة سابقا: يجب على الاحتلال وأجهزته الأمنية أن تقلق كثيراً لأن الكنز المعلوماتي الذي تحصلنا عليه من القوة الخاصة سيعطينا ميزة استراتيجية على صعيد صراع العقول.
مالم يذكره التحقيق ان بنك المعلومات التي باتت تمتلكه القسام انه سيسهم في مراقبة اعمال بناء القوه اللازمة لدى العدو من تدريب وتسليح وتجهيز ومناورات واعلام وخطط وحركة و تصعيد وتحشيد ودعاية وإجراءات ضد المقاومة لأن رصد تلك الإجراءات تتيح معرفة مستوى جهوزية العدو وامكاناته بالقيام بأعمال عدائية ومديات تلك الاعمال.