فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: بعث الأسير ناصر أبو سرور المحكوم بالسجن المؤبد، رسالة مؤثرة يروي فيها تجربته في إبلاغ الأسرى بوفاة أحبتهم، وقد كانت تجربته الأخيرة مع الأسير كمال يحيى الذي توفت والدته حديثاً.
والأسير كمال من قرية العرقة قضاء جنين، معتقل في سجون الاحتلال منذ عام 2006 ومحكوم بالسجن 28 عاماً، ويقبع حاليا في سجن هدريم.
النص الكامل لرسالة الأسير ناصر أبو سرور:
هل "بشّرتم" مرة أسيراً بموت أمه؟ أنا فعلت، وليست المرة الأولى".
انتظرنا كمال حتى أنهى إفطاره الرمضاني، دخلنا إلى زنزانته بخجل تماماً كما فعلت ملائكة الموت حين اقتحمت فراش أم كمال. قاومت أم كمال موتها وأغلقت الباب في وجه زوارها الملائكة، لكنهم دخلوا.
طلبت وقتاً إضافياً حتى الزيارة القادمة، نظرت في عيون زوارها: عيد واحد أخير ثم عودوا، طلب مني كمال بعض الثياب ولم اشترها بعد، عودوا بعد شهر، يكره كمال تأخري عن طلباته، ولا أريد روحي أن تتأخر عليه.
عودوا بعد شهر نسيت في زيارتنا الأخيرة أن أحفظ كل ما خلفته على وجه 17 عاما من الحديد. عودوا بعد شهر، لأحبه مرة أخيرة، وأدعو له ببكاء قصير بعد موتي.
غطت ملائكة الموت وجهها وقضت أمرها سريعا خشية أن تتردد.
دخلنا إلى زنزانة كمال وغطينا وجوهنا حتى لا يرى فيها جنازة أمه، جلسنا صامتين. أنهى كمال غسيل الأطباق الفارغة وجلس إلى جانبي يسأل عن صحتي. بدأت الوجوه المغطاة حديثاً قصيراً عن حتمية الموت وعن الصبر، ثم خصصت حديثها عن صبر كمال وجلده.
نظر إليهم باستغراب: تحدثوا أكثر من الذي مات؟ سألني كمال. أمك، أجبته. لم أتأخر أو أتردد لم أُغطي وجهي الخجول ولم انتظر شهراً أو زيارة أخيرة قادمة.
تأخرت ثيابك يا كمال، ولا عيد تُنهي فيه صيامك الحديدي الطويل.
غطى كمال وجهه ولم يفعل ذلك خجلاً، عانق الحديد وبكى حتى اختنق. حدثناه عن رب رحيم أخذ قبل ساعة أمّه، لم يجب علينا ولا أظنه سمع حديثنا. " يمّه" ظل كمال يصرخ أمه ويعانق حديده.
هل بشرتم مرة أسيراً بموت أمه؟ أنا فعلت، ولن تكون مرّتي الأخيرة.
ترفّق أيا ملك الموت، ترفّق فوالله ما اخترت منا أحدا اعز علينا من هذا. ترفّق أي ملك الموت، ترفّق نِعم الآخذ ونعم المأخوذ.
ننعى نحن الأسرى أمّنا وأم الأسير كمال يحيى الحاجّة " هناء سلامة مصطفى"، ونسأل الله لها الرحمة وفسيح الجنان ولابنها كمال طول الصبر والجلد.
عن الأسرى جميعاً
الأسير ناصر أبو سرور