بيان غريب صدر اليوم باسم دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس يمكن أن يفهم منه تجاوز قرارات مجلس الأوقاف الإسلامية، وإغلاق مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى المبارك بحجة الترميم وهذا عين ما كانت تتكلم عنه الصحف ووسائل الإعلام الصهيونية حول اتفاق مزعوم لإغلاق المصلى بحجة الترميم
في ما يتعلق بالمسجد الأقصى وحمايته لا يمكننا أن نحابي أحداً ولا نقول إلا الحق، فبغض النظر عن دوافع هذا البيان الغريب فإنه يجب أن تتم الإشارة لعدة نقاط أساسية:
١- أي محاولة لإغلاق مصلى باب الرحمة بحجة الترميم تعتبر انقلاباً على #هبة_باب_الرحمةورضوخاً مرفوضاً للإجراءات التي أعلنتها وسائل الإعلام الصهيونية حول اتفاقيات مزعومة للالتفاف على انتصار شعبنا في هبة باب الرحمة.. وهو ما يجب عدم السماح به حتى لو اعتبرنا موضوع الترميم كان بحسن نية..!
٢- ترميم مصلى باب الرحمة لابد أن يتم أثناء فتح المكان أسوةً بكافة المصليات التي تم ترميمها وهي مفتوحة، فلم يسبق أن تم إغلاق أي مكان في الأقصى خلال الترميم.. وحتى قبة الصخرة التي خضعت لترميم طويل مدته ست سنوات، بقيت خلال تلك الفترة مفتوحةً للمصلين، ولم يكن يتم إغلاق أي جزء باستثناء المنطقة التي يعمل فيها المرممون فقط، فإغلاق المصلى بحجة الترميم مرفوض جملةً وتفصيلاً، ويمكن العمل على ترميم أجزاء المصلى جزءاً جزءاً بينما تبقى بقية الأجزاء مفتوحةً للمصلين. ونذكِّر هنا برأي الخبير في الترميم المهندس موسى حجازي الذي بين أن المكان لا يحتاج ترميماً بمعنى الترميم المتكامل وإنما إصلاح البلاطات العليا وإعدادات الكهرباء، وكل هذا يمكن أن يتم دون إغلاقه.
٣- قرار مجلس الأوقاف الإسلامية - وهو أعلى هيئة إسلامية في القدس - كان واضحاً وهو بقاء مصلى باب الرحمة مفتوحاً للصلاة أسوةً ببقية المصليات كقبة الصخرة والمصلى المرواني.. أما هذا البيان الغريب الذي صدر اليوم فإنه يقارن بين مصلى باب الرحمة والمكتبة الختنية والمتحف الإسلامي، وهذا قد يفهم منه أن النية تتجه لتغيير كون المكان مصلى وتحويله لشيء آخر! وهذا الأمر قد أعلن شعبنا بوضوح رفضه وإصراره على بقاء المكان مصلى مفتوحاُ للصلاة.. علماً بأن الوزير الصهيوني الإرهابي جلعاد أردان أعلن أكثر من مرة اعتراض دولة الاحتلال على كون هذا المكان مصلى.. وبالتالي فإن أي تساوق مع الاحتلال في استعمال هذا المكان باعتباره شيئاً آخر غير المصلى هو رضوخ لرغبة الاحتلال وهو بالتالي مرفوض.
٤- إزالة بوابات مصلى باب الرحمة يوم أمس الجمعة 15/3/2019 كانت إجراءً اتخذه الشبان المقدسيون، وذلك لتجاوز ما يفعله الاحتلال الصهيوني من اعتقالٍ يوميٍّ لأي حارس يفتح مصلى باب الرحمة صباحاً، وذلك بعد أن عجزت دائرة الأوقاف الإسلامية عن حماية موظفيها من سياسة الإبعاد الصهيونية خارج المسجد الأقصى، وإعادة إغلاق المصلى دون إيجاد حل لحماية الحراس هو ضغط إضافي على الحراس بدلاً من التعامل مع قضيتهم وحلها وحمايتهم.
٥- ما ورد في هذا البيان الغريب حول ادعاء أن المستوطنين والمتطرفين الصهاينة يرغبون بإبقاء المصلى مفتوحاً ليسهل لهم دخوله هو كلام غير صحيح مطلقاً.. فهؤلاء يريدون المكان مغلقاً لأسباب دينية (وهو ما رأيناه بأم أعيننا عندما قرأنا النص الذي كتبه أحد المتطرفين خارج الباب من أن المكان يجب إغلاقه بانتظار المسيح المنتظر).. ومن كان منهم يطالب بتحويل المصلى إلى كنيس لليهود لا ينتظر في الحقيقة أن يبقى الباب مفتوحاً ليفعل ذلك.. وإلا فإن علينا إغلاق كافة المصليات في المسجد الأقصى في وقت دخول المستوطنين، لأنهم يريدون تحويل قبة الصخرة إلى كنيس، والاستيلاء على المصلى المرواني.. فهل إغلاق المصلى هو الحل؟! أبداً...!
رأينا المتطرفين يقتحمون المسجد الأقصى كل يوم صباحاً بينما المسجد الأقصى بكافة مصلياته مفتوح وليس فيه أحد من الناس إلا القليل.. ولم يجرؤ أحد منهم على دخول المصليات خوفاً من ردة الفعل الشعبية المقدسية وليس لأن المصليات مغلقة أو مفتوحة.. ولذلك فإن أي تجاوز لهذه النقطة يمكن أن يفهم بشكل عكسي من قبل الشعب في القدس.
٦- قلنا وأكدنا دائماً أن الاحتلال الصهيوني يحاول دق إسفين وخلاف بين المقدسيين.. والتساوق مع أطروحاته - مع افتراض حسن النية - ليس أكثر من إنجاحٍ لمساعي الاحتلال في شق الصف الإسلامي في القدس.. وقلنا كثيراً إن الهيئات الإسلامية وعلى رأسها دائرة الأوقاف ومجلس الأوقاف الإسلامية - علماً أن المجلس هو أعلى هيئة إسلامية في القدس - يجب أن تنحاز دائماً للموقف الشعبي، لأن الحاضنة الشعبية المقدسية هي فقط ما يحمي هذه الهيئات في وجه الاحتلال.. وليس من المعقول الوقوف في وجه الإرادة الشعبية في نفس الوقت الذي يطالب فيه المتطرفون الصهاينة حكومتهم بإخراج مجلس الأوقاف الإسلامية عن القانون.
كلنا يجب أن نكون جزءاً من قرار الشعب.. فالشعب في القدس يفهم حقيقة الموقف ويعرف من العامل ومن المتخاذل.. ومحاولة تجاوز الشارع المقدسي لن تفيد من يقوم بها بأكثر من أن يتجاوزه الشارع المقدسي نفسه، لأن القرار دائماً كان وما زال وسيبقى قرار الشعب.. وهو ما أفرزته هبة باب الأسباط وأكدته هبة باب الرحمة.. فاحتموا بالشعب ولا تحاولوا تجاوزه، فهو وحده من يحميكم من الاحتلال.. هو فقط لا غيره!