شبكة قدس الإخبارية

عامان على استشهاد المثقف المشتبك

37

الولجة المحتلة- قُدس الإخبارية: يوافق اليوم السادس من آذار، الذكرى الثانية لاستشهاد المثقف المشتبك، الثائر باسل الأعرج، الذي ارتقى برصاص الاحتلال بعد اشتباك مسلحٍ مع قوات "اليمام" الخاصة، داخل منزل كان يتحصن فيه قرب رام الله وسط الضفة المحتلة.

واشتبك الأعرج مع قوات الاحتلال لمدة ساعتين، وبعد نفاد ذخيرته، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل الذي كان يتحصن فيه وقتلته واختطفت جثمانه، وجر تسليمه بعد شهور وتشييعه بالزغاريد في قريته الولجة.

المولد والنشأة

ولد الأعرج (31 عامًا)، في قرية الولجة قضاء بيت لحم، عام 1986، وحصل على شهادة الصيدلة وعمل في مجالها، كما برز ككاتبٍ وباحث ومدوّن، ونشط بحثه في التاريخ الفلسطيني، وتاريخ الثورة الفلسطينيّة بكافة مراحلها.

مقاومته

عرف الأعرج بثقافته الواسعة التي كرسها لمقاومة الاحتلال بكل الأشكال، بالتدوينات والمقالات الداعمة للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال ، وكان من الداعين إلى مقاطعة المحتل في الداخل والخارج، كما نشط في المقاومة الشعبية، حيث تقدم صفوف المسيرات الشعبية الرافضة للاستيطان الذي بات يأكل قريته منذ الصغر.

وكان قد شرع خلال السنوات الثلاث الماضية في مشروع «توثيق محطات الثورة الفلسطينية» منذ ثورة عام 1936 وصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام 2000، وأطلق لهذا الغرض رحلات ميدانية استهدفت زيارة المناطق التي وقعت فيها العمليات والمعارك الفدائية، مثل موقع عملية زقاق الموت التي نفذها ثلاثة من «حركة الجهاد الإسلامي» في الخليل عام 2002، ومعركة الولجة في بيت لحم، ونموذج ريف جنين في جدوى المقاومة، وغيرها.

في موازاة ذلك، حرص الأعرج على تنظيم ندوات تثقيفية في عدد من محافظات الضفة، كما نشط في «دائرة سليمان الحلبي» التي كانت تنظم محاضرات وطنية وتاريخية، وتناقش موضوعات تخص الفكر المقاوم. كذلك، كان يحرص على أن يكتب باستمرار في عدة مواقع فلسطينية عدداً من المقالات المتنوعة، التي تتمحور حول مواجهة الاحتلال، ومن بينها مقالة تعكس شخصيته كباحث ومؤرخٍ، عنوَنها بـ«عش نيصاً... وقاتل كالبرغوث».

الصراع مع التنسيق الأمني

كان  باسل الأعرج، من أشد الرافضين لسلوك السلطة الفلسطينية والتنسيق الأمني، عبر المسيرات والمظاهرات الاحتجاجيّة، واعتبرها مكونًا من مكوّنات الاحتلال، بأجهزتها الأمنية، كما كان يصفها.

وأحد الفعاليات التي سطع فيها نجم الأعرج، المظاهرات الاحتجاجية على زيارة كانت مقررة لوزير الأمن الصهيوني السابق شاؤول موفاز، خلال عام 2012 إلى الضفة، وتعرض للضرب آنذاك على يد الأمن، كما نشط في حملات مقاطعة الاحتلال.

وفي نيسان 2016 أعلن عن اختفاء الأعرج وعدد آخر من الشبان، عرفت قضيتهم آنذاك باسم "الشبان الخمسة"، والذين اعتقلوا لدى السلطة الفلسطينية عدة أشهر، كان أحدهم باسل الأعرج، وقد وجهت السلطة تهمًا لهم، بمحاولة "تنفيذ عمليات فدائية" ضد الاحتلال "الإسرائيلي"، وتهم أخرى منها "حيازة السلاح غير الشرعي".

وبعدما أطلقت السلطة سراحه من سجن بيتونيا في رام الله، بدأت سلطات الاحتلال تطارد الأعرج الذي وصفه جهاز مخابرات الاحتلال عام 2016 بأنّه أحد أبرز قادة الحراك الشبابي الفلسطيني بعدما صنّف هذا الحراك تنظيمًا إرهابيًا، وقد نعاه الحراك لاحقًا عقب استشهاده واعتبر أحد مؤسسيه.

ومن الجدير بالذكر أن أجهزة أمن السلطة، بعد أيامٍ من استشهاد الأعرج، قمعت وقفة احتجاجية أمام مجمع المحاكم التابعة للسلطة في رام الله، رفضًا لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج ورفاقه الأسرى، اعتدت خلالها على والده وعدد من المشاركين من بينهم الأسير المحرر خضر عدنان.

عقب استشهاده مشتبكًا

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي وصية تركها الشهيد داخل البيت الذي تحصن فيه، قال فيها: "تحية العروبة والوطن والتحرير، أما بعد فإن كنت تقرأ هذا فهذا يعني أني قد مِتُّ، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلب سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا ذرة رياء".

وأضاف الشهيد الأعرج في وصيته: "لكم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة.. وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيا مقتنعا وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني! وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد. وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة، إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء، فلماذا أجيب أنا عنكم، فلتبحثوا أنتم... أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله".

اليوم

بعد عامين على استشهاده، لا زال الشهيد الأعرج، حيًا في ذاكرة الشعب المقاومِة، ونموذجًا ثوريًا مطروحًا في كل نقاش اجتماعي سياسي وشعبي، ولا زالت جماهير واسعة من رفاقه والمتأثرين به، يكتبونه ويبكونه على مواقع التواصل الاجتماعي وفي قلوبهم وحياتهم، ربما امتثالًا لقول الكاتب والباحث الفلسطيني محمد خير موسى، يقول "أيها الشباب: احفظوا هذا الاسم جيدًا (باسل الأعرج)، احملوه معكم في عقولكم وقلوبكم، ربما لم تسمعوا به من قبل لكن من الآن يجب أن يكون أيقونةً لكلّ من يتوق إلى الانخراط في عالم الثقافة.

واعتبره موسى، بأنه رائد من رواد الشباب المثقف في الضفة الغربية، والذي كان في مقدمة المظاهرات الشعبية ضد الاحتلال، رافضًا عربدة التنسيق الأمني، لذلك قضى ردحًا من الزمن في سجون سلطة عباس، كما أن باسل الأعرج الشهيد المثقّف المشتبك، حجّةٌ عليكم يا عناوين الثقافة التي لا اشتباك فيها، وفعلا لا منكم ولا من ثقافتكم.