غزة - خاص قدس الإخبارية: تشبث يوسف مجدداً بالحياة، بأقلامه ودفاتره، بكرته، بفكرة ضرورة عودته باكراً اليوم إلى المنزل، بوصايا والده اليومية، بمخططاته وأصدقائه ورحلة إلى بحر غزة وحفل شواء بسيط.
لكن.. الرصاصة كانت سريعة، لم يسمعها يوسف الداية (15 عاماً)، أحاطته رغم أنها واحدة، حاصرته حد الاختناق، واستقرت في صدره، لم يأن، ولم يصرخ، ولم يرى الدم الذي لطالما خاف منه.
يضغط المسعف بيديه على على صدر يوسف الذي لم يعد يرى سوى صفاء السماء وزراقها.. تعلو الصرخات مجدداً لتفتح الطريق: مصاب.. مصاب. يفتح يوسف عينيه مجدداً، يتلفت يميناً، شمالاً.. ثم يغمضها.
انتشر الخبر: استشهد يوسف.. وما زال يوسف يتشبث بالحياة، بأشيائه، بأحلامه، بنداءات والدته.
اسمه ما زال مجهولاً، لم يصل الخبر لعائلته بعد، وما زالت محاولات الإنعاش مستمرة، ليأتي الخبر الجديد: الطواقم الصحية تتمكن من إنعاش قلب الطفل الذي أعلن استشهاده".
تتنفس غزة الصعداء وكأنها كائن واحد: لا موت في بيوتنا الليلة، لا عزاء، لا وداع.
مجدداً، قلب يوسف يتوقف عن النبض، ولكن هذه المرة الأخيرة، لا عودة ولا تراجع.. مات الولد، وضع في الثلاجة الباردة، لا لون لوجه، ساكناً، هادئاً، لن يفتح عينيه مجدداً، لن يتلفت لأشيائه كلها التي ستتبدد الآن.
يصرخ الوالد المكلوم: يوسف.. يوسف، ويوسف لا يرد النداء، تتلقفه الأيادي تحاول إسناده، والوالد ينهار، وما زال ينادي: يوسف.. يا يوسف.