أكد النائب العربي السابق في "الكنيست" (البرلمان) الإسرائيلي ورئيس لجنة التوجيه العليا لفلسطينيي النقب طلب الصانع، أن مصادقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على مسودة قانون "برافر" وتقديمه للكنيست من قبل الحكومة الإسرائيلية للتصويت عليه، "هو بداية التأكيد على نكبة جديدة لعرب النقب".
وأضاف الصانع في تصريحات خاصة لـ "قدس برس"، أن مخطط "برافر" يعتبر الأخطر الذي يواجه فلسطينيي 48 منذ احتلال أرضهم قبل خمسة وستين سنة، "لأنه في حقيقته مخطط تهجير جديد وعملية ترحيل جديدة، ومصادرات جديدة لأراضي عرب النقب، وهذه الممارسات تشابه بمأساويتها وكارثيتها ما حل بفلسطينيي النقب عام 1948، فتنفيذ هذا المخطط يعني مصادرة 90 في المائة مما تبقى من أراضي بأيد عرب النقب، أي حوالي 860 ألف دونم، وهذا يشمل كل الأراضي العربية في منطقة النقب الغربي، وفي منطقة النقب الجنوبي، وتهجير عشرات القرى العربية وترحيل ما يقارب من 36 ألف مواطن فلسطيني وهدم آلاف البيوت".
وأشار الصانع إلى أن الجديد في مخطط "برافر"، أنه يتم بقوة القانون، "أي أننا نتحدث عن عملية تطهير عرقي بقوة القانون وترانسفير من قبل حكومة إسرائيلية عنصرية ضد مواطنين يحملون هويتها، وهذا انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق التي تعنى بحقوق الإنسان وخاصة حقه في التملك والسكن"، مطالبًا بتدخل مجلس حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية في الاتحاد الأوروبي.
وحذر الصانع من أن سياسة الإملاء والقوة التي تتبعها حكومة الاحتلال في تعاملها مع فلسطينيي النقب، "ستؤدي إذا ما استمرت إلى وضع طارئ وإلى انتفاضة حقيقية في النقب، لأنه لم يبق لأهل النقب ما يخسرونه"، مؤكدًا تصميمهم على إفشال هذا المخطط الذي يهدف إلى محو النقب ومحو فلسطينيي النقب عن الخارطة.
عصيان مدني
وقال الصانع إنه "في حال إقرار هذا المخطط من قبل الكنيست، فسنلعن العصيان المدني في النقب، ولن نحترم القانون ولن نسمح بتنفيذه حتى لو كان الثمن اعتقال الآلاف من سكان النقب في سجون الاحتلال".
ووصف ادعاء سلطات الاحتلال بأنها أدخلت تعديلات على الخطة لصالح عرب النقب، بأنها "غير جدية"، مطالبًا بالاعتراف بكل القرى الفلسطينية في النقب بدون استثناء. وتابع قائلا: "لا يعقل أن تقوم سلطات الاحتلال بإقامة مزارع فردية للمستوطنين اليهود في النقب، وفي المقابل تقوم بترحيل وتهجير السكان الأصليين الذين يقيمون في النقب منذ آلاف السنين".
واستهجن الصانع إصرار سلطات الاحتلال على تهجير القرى الفلسطينية في النقب، رغم المساحة الكبيرة للنقب والتي تبلغ نحو 12 ألف كيلومتر مربع، ويشكل 60 في المائة من مساحة الدولة العبرية، وضعف مساحة الضفة الغربية المحتلة، مشيرًا إلى أن 85 في المائة من أراضي النقب خالية من السكان وغير مأهولة، ومع ذلك لا تستهدف سلطات الاحتلال هذه الأراضي.
وقال: "ما يطالب به عرب النقب والذين يشكلون 30 في المائة من سكان النقب لا يتجاوز الـ 5 في المائة، من أراضي النقب، وعلى هذا الأساس لا يوجد أي مبرر لعدم التجاوب مع هذا المطلب الشرعي والعادل والمنصف والاعتراف بالقرى العربية في النقب".
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية "مستمرة في غيها، وتعمل من خلال توجهات الحركة الصهيونية التي تريد تهويد الجليل والنقب والقدس والمسجد الأقصى، وجزء من توجهات الحركة الصهيونية تركيز العرب في غيتوات وعلى اقل مساحة من الأرض، ومصادرة أي إمكانية لتطورهم المستقبلي".
تلاعب بالمصطلحات
وحول ادعاء سلطات الاحتلال بأن خطة "برافر" أعدت لتنظيم إسكان البدو، قال الصانع: "إن إسرائيل فنانة في عملية استخدام المصطلحات، فهي تشن الحرب على لبنان تحت اسم سلامة الجليل، وتعد خطة لتهويد الجليل الفلسطيني وتطلق عليها خطة تطوير الجليل، وتطلق على عملية تهويد النقب تطوير النقب، فهذه مصطلحات لا تمت للواقع حقيقة بصلة".
وأضاف "إذا أرادت تطوير النقب فعلا، فعليها الاعتراف بالقرى العربية، وعمل مخططات هيكلية وتنظيمية ورسمية لها، وهذا ما لا يتحدث عنه مخطط "برافر" الذي يتحدث 99 في المائة من بنوده عن مصادرة الأراضي، مقابل واحد في المائة من بنود المخطط تتحدث عن إمكانية دراسة قضية القرى العربية غير المعترف بها، دون تحديد المشكلة وكيفية الحل، وكل المؤشرات في هذه الخطة تؤكد أن الحل هو الترحيل والتهجير".
ونوه إلى أن تمرير مخطط "برافر" العنصري سيشكل النهاية لملكية الفلسطينيين لأراضيهم في النقب، مشيرا إلى أن المخطط المذكور سيقضي على مخزون الأراضي الوحيد المتبقي للفلسطينيين في الداخل، كما قال.
قانون عصابات
ورأى القيادي العربي في النقب، أن "تعيين وزير البناء والإسكان المستوطن أوري أريئيل للإشراف على تنفيذ قانون "برافر"، يعني أن الجلاد هو الحكم، والسارق هو القاضي، فهؤلاء المستوطنين يسرقون الأراضي العربية في كل مكان، وهذا المستوطن هو المرجعية الآن لتنفيذ المخطط، فكيف ستكون النتيجة، عندما نحتكم لقانون العصابات، واللصوص لا يعيدون المسروقات، وهذا يعني أن سرقة الأراضي العربية سيستمر".
وحول الادعاء بأن الخطة أقرت بالتنسيق مع بعض وجهاء عرب النقب، أشار الصانع إلى أنه "دائما يوجد للاحتلال عملاء هنا وهناك"، مؤكدا عدم وجود موافقة من قبل عرب النقب على الخطة، وأن 100 في المائة من سكان فلسطينيي النقب ضد خطة "برافر" وبالتالي فالادعاءات الإسرائيلية مجرد أكاذيب".
حراك لمواجهة المخطط
وكشف الصانع عن خطط لعرب النقب لمواجهة مخطط "برافر"، من بينها تفعيل الحراك الجماهيري داخل فلسطين المحتلة عام 48، والتوجه للمؤسسات الدولية والمرافعات أمام المحاكم ، بهدف إفشال المخطط.
وأضاف "نحن نعول على صمود ووحدة عرب النقب والفلسطينيين في الداخل للتصدي لهذا المخطط العنصري، كما قررنا إعلان الإضراب العام وتنظيم مسيرة للقدس واعتصام أمام الكنيست في اليوم الذي تبدأ فيها الكنيست مناقشة المخطط، والتوجه للمفوضية لأوروبية، والسفارات الأجنبية والعربية وتفعيل كل المسارات الممكنة للتصدي لهذا المخطط ، وفي حال لم يكن هناك تجاوب، سنعلن رفضنا للمخطط وعدم احترامنا له".
وطالب الصانع من الدول العربية دعم موقف أهالي النقب، واصفاً مخطط برافر بـ "العنصري غير الديمقراطي وبالمشروع الاستعماري"، لأنه يأخذ من العرب لصالح اليهود، ويتجاهل الآخر، ويسطو على الأرض، كما قال.
وشدد على أن "مخطط "برافر" مشروع قومي صهيوني، بكل ما يخص الوجود العربي في الداخل، وليس مجرد نزوات، فمسودة القرار هي أقرب ما يكون لقوانين الطوارئ بمنحه صلاحيات مطلقة لرئيس الحكومة لمصادرة أراضٍ وطرد سكان، ويلغي التوجه للمحاكم الإسرائيلية، بحيث تكون دائرة أراضي إسرائيل هي الحاكم والمنفذ وبالتالي يعيش المواطن العربي تحت رحمتها".
وأضاف أن قضية الأرض بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أهم من إيران ومن ما يحدث في العالم العربي، ويعتبرها قضيته المركزية. ورأى الصانع، أن "حرب عام 1948 لم تنته، بل بدأت عام 48 وما زالت مستمرة مع فلسطينيي الداخل، وليس مع الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، ولكن بأشكال أخرى مثل مصادرة الأراضي وتشريع القوانين العنصرية"، على حد تعبيره.