شبكة قدس الإخبارية

الهدف: تصفية الوكالة في القدس وإلغاء المنهاج الفلسطيني

57
راسم عبيدات

حكومة الإحتلال في جلسة سريّة ومغلقة لمجلس "الأمن القومي الإسرائيلي" عقدت قبل أسابيع في مكتب رئيس حكومة الاحتلال، كما نقلت القناة العبرية الـ(13)، وتنفيذاً لقرار رئيس البلدية السابق المتطرف "نير بركات" بالعمل على تصفية عمل وخدمات ومؤسسات وكالة الغوث واللاجئين في مدينة القدس، بما يشمل إغلاق مدارس وكالة الغوث واللاجئين السبعة في المدينة، التي تقدم خدماتها لـ 1800 طالب من بداية العام الدراسي المقبل، وإغلاق مراكزها الطبية وخدمات الأطفال والأمومة والخدمات الصحية والرياضية والمجتمعية.

كما يشمل العمل على مصادرة أملاك ومؤسسات الوكالة، وكل ما له صلة بالبنية التحتية في مخيم شعفاط، ومركز التدريب المهني في قلنديا، وتحويلها إلى أملاك بلدية وبما يشمل استئجار مباني جديدة لمدارس طلبة وكالة الغوث تابعة لبلدية الإحتلال، وبما يصفّي وجود مخيم شعفاط في المدينة، بعد مصادرة الأرض المقام عليها، لكي يصبح حياً من أحياء مدينة القدس.

وهذه العملية ستكون بهدف شطب وتصفية عمل الوكالة بشكلٍ نهائي في المدينة، بما يشمل ترحيل مقرّها الرئيسي في منطقة الشيخ جراح، تصفية عمل الوكالة ومؤسساتها في مدينة القدس، جزء من ما يسمى بصفقة القرن الأمريكية لتصفية قضية اللاجئين وحق العودة، حيث توقفت الولايات المتحدة عن دفع حصتها المالية كاملة لوكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين ودعت إلى تصفيتها، وإلى تقييد تعريف من هو لاجئ، بحيث يقتصر التعريف على الجيل الأول، أي الذين طردوا وهجروا قسراً من أرضهم في عام 1948 من أبناء شعبنا، دون أن ينسحب ذلك على الأباء والأبناء وليصبح عدد لاجئي شعبنا يقترب من الستة ملايين.

رئيس بلدية الاحتلال السابق، نير بركات، صرّح بداية أيلول/ سبتمبر الماضي، أنه سيعمل على طرد الأونروا من المدينة المحتلة، وعبّر عن ذلك في المؤتمر الذي عقدته "شركة الأخبار"، حينها، بالقول إن "إزالة الأونروا ستقلص التحريض والإرهاب، وستحّسن الخدمات للسكان، وستزيد من أسرلة شرقي المدينة، وستساهم في السيادة الإسرائيلية ووحدة القدس"، مدعيًا أن "الأونروا هي كيان أجنبي وغير ضروري فشل فشلًا ذريعًا، وأنه يعتزم إبعاده من القدس، كل جانب من أونروا يعاني من خلل وظيفي وفشل إداري".

وأشارت القناة الإسرائيلية (13) إلى أن المحرك الرئيس للمخطط طويل الأمد الذي أطلقت عليه بلدية الاحتلال في القدس اسم "خطة العمل من أجل القضاء على مشكلة اللاجئين في المدينة"، يكمن في البيت الأبيض، إذ إنّ الخطوات التي اتخذها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بحق المدينة المحتلة الموجهة بصورة مباشرة ضد الفلسطينيين، شجّعت الاحتلال على المضي قدمًا في مواجهة الوكالة الدولية.

وتسعى البلدية لنقل الخدمات والمؤسسات التي تقدمها الأونروا، للاجئين الفلسطينيين إلى يد ما وصفته القناة بـ"السيادة"، وبالتالي إلى سلطة بلدية الاحتلال بالقدس، على اعتبار أن "نهج الأونروا تجاه السكان كلاجئين يمنع نموهم ولم يعد ذا صلة، يجب وقف التعامل معهم كلاجئين، والنظر إليهم كسكان والعمل على إعادة تأهيلهم".

وسيتم عرض الخطة التي تمت صياغتها بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، خلال الفترة القريبة المقبلة على الحكومة؛ التي من المتوقع أن تصادق عليها بشكل تلقائي، إذ ستصدر وزارة التعليم ووزارة الصحة بحكومة الاحتلال، أوامر فورية بإغلاق جميع المؤسسات التابعة لـ"أونروا"، في حين سيتم العمل على استيعاب الطلاب والمرضى في إطار المؤسسات التابعة لبلدية الاحتلال في القدس.

ومما تجدر الإشارة إليه بأن حكومة الاحتلال أقرّت خطة خماسية لدمج سكان القدس العربية في المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي ( 2018 – 2023)، رصدت لها ملياري شيكل منها (875) مليون شيكل من أجل أسرلة العملية التعليمية في القدس، وبما يشمل فتح مدارس جديدة تعلم وفق المنهاج الإسرائيلي، صيانة الأبنية القائمة، تعليم اللغة العبرية، النشاط اللامنهجي بعد التعليم الرسمي، التوسع في التعليم المهني والتكنولوجي، والتوسع في تعليم الفتيات ضمن برامج مهنية وتكنولوجية وغيرها، وربط التعليم ما بعد الثانوي بالمؤسسات التعليمية الإسرائيلية من مراكز تعليمية وجامعات، بحيث رصد 260 مليون شيكل لهذا الغرض، وخصصت (500) منحة للطلبة العرب من القدس للدراسة في الجامعات الإسرائيلية.

والشيء الأخطر مما يحدث بحق العملية التعليمية في مدينة القدس، حيث تجري عملية تفريغ ممنهجة للمدارس المؤجرة لبلدية الاحتلال في البلدة القديمة من مدينة القدس، أو المدارس التي سيطرت عليها بعد عدوان عام 1967، والتي كانت تديرها وتشرف عليها الحكومة الأردنية، تلك المدارس يجري تفريغها وتحويلها إلى مؤسسات تابعة لبلدية الاحتلال، إما مراكز جماهيرية أو مؤسسات تتبع لدائرة الأثار الإسرائيلية ،أو تمنح للجمعيات التلمودية والتوراتية الإستيطانية "العاد" و "عطريت كوهونيم" ، حيث يجري التخطيط لإغلاق مدرسة القادسية والتي تحول اسمها إلى مدرسة المربي خليل السكاكيني في البلدة القديمة وتحويلها إلى مؤسسة تابعة لدائرة الأثار الإسرائيلية، اعتباراً من العام الدراسي القادم، وبما يضع مصير 350 طالبة في مهب الريح، وهذا المخطط يستهدف مدارس العمرية والمالوية في البلدة القديمة، وسيمتد المخطط ليشمل تفريغ المزيد من المدارس في البلدة القديمة من طلابها.

هذه المدارس والمؤسسات مبنية قبل أن توجد "إسرائيل" ويكون لها دولة على أشلائنا وأن ما يجري حدث خطير جدً، أين سيذهب آلاف الطلاب ومعلموهم في الشوارع؟ ليزداد الفساد والضياع وهذا الأمر يتطلب جهات مسؤولة تدافع عن حقوق المقدسيين، مدارس البلده القديمة بنيت من زمن المملوكيين والأيوبيين والعثمانيون هي صروح أثرية وتاريخية بالاضافة إلى كونها مؤسسات تعليمية. أين القدس من أجندات السلطة والعرب والمسلمين؟

نحن عندما قلنا بأن المباني المقدسية التي يجري تأجيرها لمدارس ومؤسسات إسرائيلية من بنوك ومؤسسات تعليمية وغيرها، فإن خطر ضياعها وارد وكبير جداً، ولكن وجدنا أصوات ناعقة تدافع عن ذلك تحت جشعها وطمعها، والمخطط لأسرلة التعليم بشكلٍ كلي في المدينة، كما خطط له المتطرف "بينت" وزير التعليم العالي يشتمل على تصفية وإغلاق المدارس التابعة لوزارة الأوقاف الإسلامية، حيث نشهد تناقص أعداد الطلاب في مدارس دار الأيتام الإسلامية وغيرها من المدارس الأهلية والخاصة في البلدة القديمة، نتيجة لسياسات وإجراءات الإحتلال بحق البلدة القديمة من القدس وتلك المدارس، وكذلك بسبب إهمال السلطة الفلسطينية لتلك المدارس، وعدم وضع خطة ذات بعد استراتيجي تضمن بقاءها وتطورها وزيادة أعداد الطلبة فيها، وتوفير كل ممكنات الدعم لها.