غزّة- خاص قُدس الإخبارية: مساءً، اتفق الفتية الثلاثة على موعدٍ يذهبون فيه سويّة صوب الحدود الشرقية القريبة من منطقة سكنهم، بوادي السلقا، بين دير البلح وخانيونس جنوب قطاع غزة، فانطلقوا ولكنّهم لم يعودوا.
"خالد، عبد الحميد، ومحمد" ارتديا ملابس ثقيلة خوفًا من أن تمسّهم نسمة البرد قرب الحدود، وصحبوا معهم أدوات الرحلة، في محاولة لنصب شبكة صيد للعصافير هناك، فأحلام الفتية الصغار هناك تتمثل في الحصول على عصفور والإمساك به.
صواريخ الاحتلال دخلت أجواء أحلامهم، لقد استهدفت طائرات الاحتلال العصافير البشرية وهم ينسجنون الأمل لاصطياد عصفور يتحدثون عنه كإنجازٍ لهم، كانوا سيتباهون به أمام أقرانهم "صدناه عن الحدود، عصفور من هناك، جاي من الأراضي المحتلة".
بدأت طائرات الاحتلال تدوّي بالقرب منهم، ازدادت دقّات قلوبهم خوفًا، تجولت نظراتهم المتبادلة لبعض البعض، ودعوا بعض، وهاجس في الروح يتساءل :" هل سنموت قبل أن نصطاد العصفور"، والإجابة جاءت نهائية "3 شهداء أطفال" في أبشع مجازر الاحتلال وأكثرها دموية.
الاحتلال نسج الروايات المكذوبة حول ماكينته الإعلام، فزعم أنهم كانوا يخططون لزرع شيء قرب الحدود، وذلك بالتزامن مع منع سيارات الإسعاف من التقدم لإنقاذهم، وهو ما استمر لساعاتٍ دون جدوى، حتى انتشلتهم الطواقم الطبية وقد استشهدوا جميعًا بالفعل، كانوا أشلاءً، وتسبب منظرهم الصادم بانهيار لأحد ضباط الإسعاف خلال عملية الانتشال.
والدة الشهيد عبد الحميد ظاهر (14 عامًا)، قالت إن نجلها هو الأغلى عندها لأنه الأصغر بين أخوته، وهو يطيع الجميع بكل شيء، فجلب الماء وروى الشجر بالمنزل قبل أن يذهب.
وأضافت، "حضنني وقالي إنتِ حنونة يمّا، بحسّ فيك بالحنان"، متابعة "راح ما شفته ولا بعرف عنه إشي"، أما الشهيد محمد فهو وحيد أهله، وصديقهم خالد اتفقوا بعدما عمّروا دراجاتهم وانطلقوا.
وتابعت، "طفل بريء، لا معه حجر ولا عصا ولا معاه حدا، يقتلوه متل هيك؟!، وين دم الفلسطينية؟ فش حدا بيساعدنا ولا بيوقف معنا، كلّ يوم بنموت، ومحدش سامع، عالفاضي".
جماهير غفيرة شيعت بعد ظهر الإثنين، جثامين ثلاثة أطفال ارتقوا مساء أمس بقصف إسرائيلي استهدفهم في المنطقة الشرقية الواقعة بين مدينتي دير البلح وخان يونس جنوب قطاع غزة، بمشاركة قيادات الفصائل الفلسطينية، ونواب المجلس التشريعي.
وشارك في موكب التشييع، الذي انطلق من أمام مستشفى شهداء الأقصى في المدينة، آلاف الأهالي، وممثلو القوى، والفصائل، والمجتمع المدني والأهلي في القطاع، إلى منازل ذويهم في قرية وادي السلقا، حيث ألقيت نظرة الوداع من قبل الأهل، والمحبين، والأصدقاء، وسط حالة من الغضب والتنديد بجرائم الاحتلال بحق الأطفال العزل.
وحمل المشيعون جثامين الشهداء خالد بسام محمود بن سعيد(13 عامًا)، وعبد الحميد محمد عبد العزيز أبو ظاهر ( 13 عامًا)، ومحمد إبراهيم عبد الله السطري (13 عامًا)، ملفوفين بالعلم الفلسطيني على الأكتاف، وتوجهوا إلى مسجد القرية لأداء صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر، وواروهم الثرى في المقبرة شرق القرية.
وردّد المشاركون في الموكب الجنائزي هتافات تطالب بالرد على جرائم الاحتلال، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا من بطش الاحتلال، ومعاقبة الاحتلال على جرائمه ضد الأطفال.
كما ساد الحزن والغضب الشديدين وجوه زملاء الشهداء في مدرسة بلال بن رباح الأساسية في مديرية تعليم الوسطى، الذين استشهدوا إثر قصفهم من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وهم يقومون بنصب شباك لصيد العصافير على الحدود الشرقية بين مدينتي دير البلح وخان يونس، ورفعوا صور الشهداء، ووضعوا صورهم على مقاعد الدراسة، التي توشحت بالسواد على فراقهم.