تزداد الشكوك يوماً بعد يوم حول أداء القبة الحديدية فقبل أيام انطلق من غزة صاروخين، سقط الأول على منزل في بئر السبع، أما الثاني فقد سقط قرب "تل أبيب"، وكان اللافت في ذلك أن القبة الحديدية لم تعترض الصاروخين، مع أن مداهما وقوّتهما كانت مفاجئة للاحتلال.
أداء النظام الدفاعي عالي التقنية والقدرة على إسقاط الصواريخ أثار جدلاً لدى صحافة العدو والمراقبين والكتاب، "يورام يوفال" رئيس معهد الأبحاث الانفعالية في جامعة حيفا كتب مقالاً في "يديعوت احرنوت" حول الوهم الخطير للأمن المطلق، يتساءل فيه هل القبة الحديدية والوسائل الدفاعية التكنولوجية قادرة على توفير الحماية للمجتمع الصهيوني؟
وذكر "يورام يوفال" في مقاله، نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن أي نظام دفاعي عالي التقنية لا يمكنه أن يوفر الأمن المطلق، حتى إذا كان سياسيونا يقودوننا مرة أخرى إلى الاعتقاد بغير ذلك، هذا الأمر هراء وخطير وسينفجر في وجوهنا، نحن يجب أن نصغي ونعمل على استيعاب تعليمات قيادة الجبهة الداخلية، مثل ما فعلت "ميري تامانو"، في بئر السبع عندما أصاب صاروخ منزلها.
وأشار الكاتب، يجب على كل من يعيش في "إسرائيل" أن يسمعها، وأن يستوعبها أيضاً، إن الحقيقة هي أن سياسيينا لا يريدون أن يخبرونا عن القبة الحديدية، والحاجز الأرضي ضد الانفاق وغيرها من أنظمة الدفاع الباهظة: "إن قدرة النظام الدفاعية ليست محكمة. ما أنقذنا في بئر السبع كان التصرفات الصحيحة للمواطنة"، هذه هي الحقيقة ونحتاج ونستطيع أن العيش مع هذه الحقيقة، أي حماية، لن تكون مثالية أبداً، إن وهم الأمن المطلق، الذي يتظاهر ويعدنا به السياسيون يظهر لنا مراراً وتكراراً، أنه وهم خاطئ وخطير.
وأوضح ليست هذه هي المرة الأولى التي يضطر الجيش للقيام بهذا العمل القذر والتي لا تحظى بشعبية عند الجمهور الإسرائيلي، ومن شبه المؤكد لن تكون المرة الأخيرة، حتى أعضاء التحالف، الذين لا يقولون ذلك صراحة، يؤكد باستمرار أن القدرات الدفاعية الرائعة لـ"إسرائيل"، تقودنا إلى الاعتقاد بأن الجبهة الداخلية الإسرائيلية في طريقها إلى الحماية الكاملة، وأننا سوف نعيش جميعا قريبا في أمان تحت درع الدفاع متعدد الطبقات من القبة الحديدية، والحاجز التكنولوجي في جميع أنحاء قطاع غزة وغيرها من الأنظمة الدفاعية المكلفة والتي ستحمينا من الأذى.
وقال "يورام يوفال" يقودنا سياسيونا إلى الاعتقاد بأنه عندما يصل وقت الأزمة، ستضمن القبة الحديدية أن مئات الآلاف من صواريخ حزب الله وحماس لن تؤذينا، هذا ليس مجرد خطأ، إنه هراء مطلق، هراء سيصدمنا في وجهنا خلال المواجهة العسكرية الكبرى المقبلة، كما حصل هذا الأسبوع في شقة "ميري تامانو" وأطفالها الثلاثة في بئر السبع.
أي شخص يقترح أنه بإمكاننا، الآن أو في المستقبل، أن نكون محميين تمامًا من الأذى على الجبهة الداخلية، وذلك بفضل منظومات الدفاع الصاروخية لدينا- هو ببساطة يكذب علينا.
يتساءل يورام: لماذا يصرّ السياسيون بالكذب علينا؟
قبل حوالي شهرين، قدّم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "المفهوم الأمني 2030". هدفه الرئيسي هو إضافة أموال هائلة إلى أنظمة الدفاع الجوي والدفاع السيبراني على حساب القوات البرية، بعبارة أخرى: "تعزيز دفاعات الجبهة الداخلية، على حساب تآكل قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق انتصار سريع وحاسم على الأرض"، يقول لنا السياسيون: "كن مطمئنا ، نحن نراقبك"، صوت لنا، ولن ندخر أي مبلغ من المال حتى تكون محميًا تمامًا.
لكن لماذا؟ لماذا يصر السياسيون على الكذب علينا مراراً وتكراراً بإخبارنا عن عجائب تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية التي لا يمكن اختراقها؟ لماذا يخبروننا أن الصواريخ ذات التقنية العالية ستحمينا من كل شر وإحباط أي إمكانية للإضرار بمواطني "إسرائيل"؟ الجواب هو بالطبيعة البشرية نحن نريد سماع ذلك كثيرا ونصدقه، وسياسيونا، أذكياء وفعّالين في التسويق.
وأشار إلى أن هناك مشكلة: لا يوجد شيء اسمه الأمن المطلق. ولن يكون هناك. نحن نعيش دائما تحت مستوى معين من الخطر، ومن الصحة العقلية هي القدرة على العيش مع هذه المعرفة، العيش مع شك وفي ظل الخطر، وتعمل بشكل طبيعي، وتشعر بالراحة.
ما نحتاجه في الجبهة الداخلية ليس إيمانًا أعمى في أننا محميون تمامًا، بل الاستعداد للعمل عند مهاجمتنا. ستقوم أنظمة الدفاع الجوي بنجاح باعتراض الصواريخ التي ستضربنا، لكن ليس كلها. لا يوجد بديل عن جبهة داخلية مدربة جيداً تم إعدادها لأي تحدي.
وأوضح صحيح 100 ٪. لدينا الوسائل للتعامل مع تهديد الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهي في الواقع إنجاز تقني جدير بالاعتزاز، وعنصر مهم في حماية الجبهة الداخلية. لكن لديهم شروخ، وستظل هناك دائما شقوق، الرغبة في الأمن المطلق، والدفاع عن الجبهة الداخلية، هو وهم خطير. وبما أن سياسيينا لن يخبرونا بهذا ، فينبغي أن نكون مستعدين لتنفيذ تعليمات قيادة الجبهة الداخلية، وهو ما فعلته ميري تامانو، وبذلك أنقذت حياة أطفالها. هذا هو دفاعنا الحقيقي، الذي يجب تغذيته وممارسته، حتى لو لم يضف نقاطًا إلى السياسيين في استطلاعات الرأي.
ومن خلال متابعتنا لعمل القبة الحديدية فإن أي نظام تكنولوجي يوجد فيه من الثغرات والعجز ما يمكن المقاومة من تجاوزه واختراقه، المقاومة الفلسطينية خبرت هذا النظام منذ انطلاقه عام 2011 حتى اليوم وهي تعمل على كل المجالات بما فيها الالكتروني والتكنولوجي للتقليل والحد من فعاليته وعجزه بما يمكنها من الإضرار بالجبهة الداخلية الصهيونية بشكل ملموس في أي مواجهة قادمة.
الاحتلال الصهيوني نفسه يعي أن القبة الحديدية باتت غير كافية لصد الهجمات الصاروخية، سيّما مع تطور قدرات المقاومة خلال السنوات الماضية وامتلاكها صواريخ تصل إلى أي نقطة من فلسطين المحتلة، وكأني برسالة فصائل المقاومة بعد التهديد الصهيوني أتت لتذكرهم وتحطم جبروت "إسرائيل" وغبائها الذي قد يتكرر بالاستخدام العسكري والعدوان وأنه سوف يحل لهم كل المشاكل مع المقاومة لتقول لهم إن أخطأتم التقدير، هل أنتم قادرون على حماية جبهتكم الداخلية؟ هل انتم قادرون على حماية مطارتكم، قواعدكم العسكرية، موانئكم؟!