القدس المحتلة - خاص قدس الإخبارية: "والله عيب.. عيب على شرفنا، كلنا بنعرف مين باع"، ارتفع صراخ أحد الشبان بينما يجتمع اثنين من المتورطين بتسريب عقار في البلدة القديمة بالقدس المحتلة للمستوطنين، ليتبادل الطرفان الاتهامات ويواصلا التهرب من الاعتراف بتورطهما بجريمة التسريب، فيما تظهر أسماء شخصيات سياسية من التيارين الفتحاويين، تشير أصابع الاتهام لتورطها أيضاً، "هذه الأشكال باعت لليهود.. جابوا شلومو على بيوتنا"
ويواصل الشاب صراخه، "أنا ابن البلد وهو الجاسوس الخائن.. ستبقون مطرودين لشباب القدس وكل حر وشريف"، في إشارة إلى رجل الأعمال الفلسطيني لخالد عبد الحميد العطاري ولأديب جودة الحسيني، الذين كانا يجتمعان ومجموعة من الأهالي في مدينة القدس، محاولان تقديم تبريراتهم حول تسريب العقار.
ففي الرابع من تشرين أول الجاري، استولى المستوطنون على عقار ضخم مكون من ثلاثة طوابق في عقبة درويش بحارة السعدية، وللمنطقة موقع استراتيجي مهم إذ أنها تؤدي لمحاور عدة أهمها المسجد الأقصى وباب حطة وشارع الواد في بلدة القدس القديمة، وذلك بعد اقتحامه في ساعات الفجر الأولى، ليقوموا باستبدال مفاتيح العقار، ووضع مفاتيح جديدة ستكون بين ايديهم فقط بعد هذا اليوم
يذكر أن العقار كان تحت سيطرة عيادة طبية تابعة لصندوق المرضى الإسرائيلي "كلاليت"، قبل أن يتم مؤخراً إخلاؤه بصورة مفاجئة.
واستولى المستوطنون على العقار بعد عام من بيعه من قبل صاحبه أديب جودة الحسيني إلى رجل الأعمال خالد العطاري، وحسب التصريح الأول الذي أدلى فيه وكتبه على صفحته في فيسبوك، "بخصوص العقار الكائن في عقبة درويش في القدس، والذي كانت تعود ملكيته لعائلة جودة، وقبل أكثر من عام تم بيع العقار لشخص من مؤسسي إحدى الشركات الكبيرة في رام الله، ومدير أحد البنوك في رام الله سابقا، وصاحب عقارات في القدس ورام الله، وقد قمنا قبل بيعه العقار بالسؤال عن شخصه، وهو من الشخصيات الفلسطينية البارزة، وقد أشادوا جميعا بأخلاقه وبعائلته، وبالأخص بإخوته ذوي السمعة الطيبة، وبعد ذلك تم بيع العقار لشخصه، وتم تسجيل العقار باسمه في دائرة الطابو".
العطاري وجودة يتبادلان الاتهامات .. ولا أدلة لصدق إدعاءاتهم
وبين أديب جودة الحسيني خلال الاجتماع أن القصة بدأت عندما تدخل العطاري لحل الإشكالية التي نتجت بين العائلة وفادي السلامين - وهو رجل سياسي مقرب من القيادي محمد دحلان المفصول من حركة فتح - وقد اشترط العطاري أن يوقع العقد باسمه فيما يسجل العقار بالطابو باسم شركته، كما اشترط أن يستلم محاميه - إسرائيلي - ملف فسخ الشراكة بين عائلة الحسيني والسلامين، وقد نجح في ذلك ووضع الأموال التي كان قد دفعها السلامين في المحكمة الإسرائيلية، "تمت الصفقة بينا وبين خالد العطاري، وقبل انتهاء تسجيل العقار في الطابو، طلب منا التوقيع على وكالة دورية غير قابلة للعزل بين والدتي وشركته، وهو ما تم في مكتبه".
وبين الحسيني أن العطاري قال إن هدفه من شراء العقار هو تورثيه لبناته الخمسة، مؤكداً على مجموعة شخصيات قامت بتزكيته على أنه أهل أن يباع له هذا العقار، مثل المحافظ عدنان الحسيني، وزياد الحموري، وشخصيات آخرى، "عدم إتمام الصفقة بيننا وبين السلامين كانت بسبب حجز السلطة على أمواله، فأخل بالعقد ولم يستطع الالتزام بدفع باقي المبلغ المترتب عليه".
إلا أن العطاري أقسم أمام الجمع على أنه لم يوقع بشكل نهائي على الصفقة وقد كذب بذلك إدعاء أديب الحسيني، "القول أن سند الملكية قد سجل باسمي بعد أيام وشهور، ثم أعيد تسجيله بنفس الوقت لشركة داغو فهذا من سابع المستحيلات، لا يمكن أن يتم نقل ملكية من بائع لمشتري، وهذا من البديهيات"، مؤكداً على أنه تم أخذ وكالة دورية من لمياء الحسيني إلى محامي شركة "داغو" لإتمام عملية البيع، التي لم يوقع عليها.
وأضاف أنه دفع ما يقارب مليونين شاقل ونصف، مؤكداً على أن البيع النهائي تم بناء على الوكالة الدورية المقررة من لمياء إلى المشتري "شركة داغو"، ما يعني أنه العقد المبدئي الموقع عام 2016 الذي يمتلكه العطاري بالعقار لا يمكنه من بيع العقار، نافياً أن يكون قد تم تسجيل العقار باسم شركة داغو في ذات اليوم الذي تم تسجيل العقار باسمه، "لم أتملك العقار في أي لحظة من اللحظات"، وقد شكك العطاري باحتمال أن يكون السلامين هو مالك شركة داغو.
وعلق أديب - الذي عرض العقار للبيع منذ عام 2016 مقابل مليون ونصف دولار - على ذلك أنه مستعد للكلام ما يخالف ما صرح به العطاري إذا وافق على ذلك، وقد طالبه بالجلوس في اجتماع آخر ومع عدد أقل من الشخصيات والكشف عن المعلومات الحقيقة والتي تخالف التي أدلاها.
وتابع العطاري أنه طلب منه من قبل السلطة الفلسطينية شراء العقار للحفاظ عليه من المستوطنين وحتى لا يتم بيعه لفادي السلامين الذي على خلاف معها، "من منطلق وطني تقدمت لشراء العقار، وقد جرت المفاوضات وبدأت الصفقة وقد تم دفع مجموعة من المبالغ، وكان فادي السلامين على علم بما يجري"، إلا أن الوثائق - نشرها موقع العربي الجديد - تكذب إدعاءات كل من العطاري وجودة.
السلامين ينفي
فيما نفى فادي السلامين وجود أي علاقة بينه وبين العطاري، مطالباً إياه أن يعترف بمن يقف خلفه، مضيفاً، "يوجد عصابة كبيرة خلف العطاري تتجار بالمقدسات والعقارات في القدس.. لم أسمع باسم العطاري إلا عندما رأيته في ملفات الطابو حيث توجهت لإلغاء الصفقة كما طُلب مني".
ووجه السلامين في شريط فيديو نشره على صفحته الرسمية الاتهامات إلى شخصيات في السلطة الفلسطينية من بينهم رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بالوقوف وراء تشويه سمعته واتهامه بالوقوف خلف تسريب العقار إلى المستوطنين، مشيراً إلى أنه وبعد مراسلته من قبل رئيس مجلس أمناء جامعة الخليل نبيل الجعبري لشراء العقار لأنه مهدد بالتسريب، "توجهت إلى الإمارات، وقد توجهت إثر ذلك إلى بنك فلسطين وأودعت مليون ونصف دولار وقد تم دفعه كعربون لأديب جودة وكانت السلطة على علم بذلك، ثم قام ماجد فرج والنائب العام بتلفيق قصة التسريب لي على الرغم أنه في تلك الفترة كان العقار ما زال مسجلاً في اسمي".
وأضاف، "أنا فشلت بحماية هذا العقار بسبب أبو مازن وماجد فرج والمدعي العام... وقد كنت على استعداد على التوقيع على ورقة تحويل العقار إلى وقف إسلامي وقد أبلغتهم بذلك مقابل أن يفرجوا عن أموالي التي احتجزوها"، متهماً أن السلطة دفعت بالعطاري لشراء العقار وأجبرت أديب جودة على بيعه، إلا أن السلامين لم يقدم أي توضيح حول كيف وصل العقار ليد المستوطنين.
القدس تتهم العطاري وجودة
من جانبها، أكدت القوى الوطنية والإسلامية في القدس، خلال بيان أصدرته، مساء الجمعة، على الفتوى التي أصدرها مؤتمر علماء فلسطين الأول عام 1935 لتجريم بيع الاراضي لليهود وبما يشمل تحريم الدفن في المقابر والصلاة على من يسربون الاراضي . والتبرؤ منهم عشائريا .
وطالب البيان بمحاسبة المتورطين في بيع العقارات والاراضي في بلدة سلوان " وادي حلوة، أبناء فتيحة وكذلك منزل جودة في البلدة القديمة الذي تم تسريبه على يد الساقط والمأجور خالد عبد الحميد العطاري هو الرأس المدبر والمتورط في تسريب العقار بالتوافق والمشاركة مع سيْ السمعة اديب جودة وعدد آخر من الساقطين والمأجورين ستتم ملاحقتهم وكشف اسمائهم"، مطالباً السلطة واجهزتها بمحاسبة المتورطين استناد الى تعديل الرئيس محمود عباس على قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة 1960 ، حيث فرض في التعديل الجديد الاشغال الشاقة المؤبدة على كل من يقوم بتسريب او تأجير او بيع الاراضي لدولة معادية او احد رعاياها .
وقال البيان، "ندرك تماما أن أحد أهداف تضخيم عملية تسريب وبيع العقارات والاراضي في مدينة القدس وضواحيها، هو ضرب وقتل الروح المعنوية عند جماهير شعبنا، ودفعها رلى خانات اليأس والاحباط وعدم الوثوق في الحركة الوطنية والمؤسسات الرسمية. ولذلك ندعو اهلنا وجماهير شعبنا في القدس الى الصمود والثبات وعدم التعاطي مع البيانات المتضاربة والاشاعات المغرضة وزج الاسماء وخلط الاوراق الهادفة لحرف الانظار عن المتورطين والمشاركين الحقيقين في عمليات البيع والتسريب . بهدف خلق حالة من الارباك والفوضى العارمة في المدينة"
وتابع، "نهيب ونطالب كل ابناء شعبنا في المدينة لحل خلافاتهم حول قضايا الميراث في العقارات والاراضي وايضا في نزعاتهم الداخلية بعدم التوجه إلى المحاكم الاسرائيلية بل التوجه إلى لجان التحكيم والقوى الوطنية والمحافظة للفصل في تلك الخلافات حيث تلك الخلافات تشكل احد المداخل الهامة للتسريب، وتجميد بيع المنازل، وعدم بيع اي منزل إلا بعد الحصول على أذن خطي من محافظة القدس".
هآرتس: العطاري باع العقار لجمعية استيطانية مقابل 17 مليون دولار
في التاسع من تشرين أول الجاري، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن خالد العطاري باع العقار للجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهين" مقابل 17 مليون دولار، وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر فلسطينية في تقرير نشرته، أن أسرة جودة الحسيني، استأجرت سمساراً يدعى خالد عطاري، الذي يقال إنه له صلات بأشخاص كبار في السلطة الفلسطينية، وبحسب ما يسمى "السجل العقاري الإسرائيلي"، اشترى عطاري المنزل في أبريل الماضي، وفي اليوم نفسه، نقل ملكيتها إلى شركة مسجلة في منطقة الكاريبي ، تحمل اسم Daho Holdings.
وأشارت الصحيفة أن المستوطنون انتقلوا إلى العقار، الذي يقع على مقربة شديدة من المسجد الاقصى، ما أحدث ضجة في الصحافة ووسائل الإعلام الاجتماعية الفلسطينية. تتهم مصادر مقربة من دحلان السلطة الفلسطينية بإحباط الصفقة الأصلية مع فادي السلامين لتسهيل البيع للمستوطنين.
وأضافت، نشر كل من أديب جودة و عطاري إعلانات في وسائل الإعلام الفلسطينية ترفض الادعاءات بأنهم كانوا على علم بنقل المنزل إلى اليهود أو كانوا متورطين فيه، لكن رسائلهم لم تفعل الكثير لتهدئة الشارع الفلسطينيو "في الأسبوع الماضي، أصبحت هذه الاتهامات أوسع وظهرت أسماء جديدة لأفراد السلطة الفلسطينية الذين ربما تورطوا في الكارثة، من بينهم ماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطينية، وعدنان الحسيني، محافظ القدس السابق"، بحسب ادعاء صحيفة "هآرتس".
وأضافت الصحيفة "ذكر فرج على أنه خليفة محتمل للرئيس محمود عباس، جاء ارتباطه في هذه القضية لأن عطاري بعتبر واحد من أصدقاءه، بحسب ادعاء "هآرتس"، أما بالنسبة لعدنان الحسيني، فبموجب منصبه، كان ينبغي أن يمنح موافقته على صفقة بيع العقار، وهو ما حصل.