غزة - خاص قدس الإخبارية: طفل خديج لم يكمل شهره الثامن، تركته نازك اليازجي ( 29 عاماً) مجبرةً بعد فارقت الحياة خلال خضوعها لعملية ولادة مبكرة في إحدى مشافي قطاع غزة، لتبقى مجموعة من الأسئلة مشرعة أمام تحقيقات اللجان المختصة، التي تطالبها عائلة نازك بتقديم إجابات واضحة، فهل توفت نازك نتيجة خطأ طبي؟ ومن المسؤول الأول عن فقدانها الحياة؟
ففي السابع من تشرين أول 2018، توجهت نازك اليازجي الحامل في شهرها الثامن إلى مشفى الخدمة العامة لإجراء فحوصات روتينية، إلا أن الطبيب المختص أخبرها بضرورة إخضاعها لعملية الولادة حاليا، محمد اليازجي - زوج نازك - يقول لـ قدس الإخبارية، إنه وبالرغم أن نازك لم يظهر عليها أعراض الولادة إلا أن الطبيب أخبرها بارتفاع نسبة ماء الرحم ما سيعرض حياة الجنين للخطر، وهو ما يتوجب خضوعها لعملية ولادة سريعة.
نازك الأم لخمسة أطفال طالبت الطبيب أن تخضع لعملية قيصرية إلا أن أخضعت "لطلق صناعي"، يبين محمد أن نازك أثناء ولادتها طفلها أصيبت بنزيف حاد وذلك نتيجة لخروج بيت الرحم وانفجار بالمثانة، "نهضت نازك للسير على قدميها بناء على طلب الممرضة، ولكنها سقطت علي الأرض، بسبب فقدانها الكثير من الدماء، حتى وصل نسبة دمها إلى 4 وحدات فقط".
ولفت إلى أن إدارة المشفى نقلت نازك إلى مشفى الشفاء الحكومي بمدينة غزة، يقول محمد "تم نقل نازك عبر إسعاف غير مؤهل وكان يفتقر للوازم الصحية اللازمة لإنعاش أي مريض بما فيها أنبوب الأكسجين"، مبيناً أنه ورغم تقديم ما يقارب 40 وحدة دم لها.
استمرار تراجع الوضع الصحي لنازك دفع العائلة لنقلها إلى إحدى المشافي في الضفة المحتلة على حسابها الشخصي، إلا أن ذلك لم ينقذها من الموت ليصل خبر وفاتها سريعاً بعد ساعات قليلة، يعلق محمد، "خبر وفاتها وصل بعد ساعات، وأكدت التقارير الطبية لوجود أخطاء طبية أثناء وبعد الولادة أدى لفقدانها حياتها".
صدمت عائلة اليازجي بخبر فقدان ابنتها نازك، إذ فقدت إحدى شقيقتها ذاكرتها من هول الصدمة، أيمن اليازجي - شقيق زوج نازك والمطلع على حالتها يقول، "ليست لدينا أية تقارير طبية تؤكد الخطأ الطبي، ولكن المتواجدين لحظة الحدث استوحوا ذلك نظرًا لسوء الخدمة التي قدمتها مستشفى الخدمة العامة قبل وأثناء الولادة ولحظة نقلها لمشفى الشفاء".
وأضاف لـ قدس الإخبارية، "نطالب بتوفير لجنة تحقيق تقوم بواجبها الانساني والوطني وتستمع لكافة الأطراف وتحقق معهم، وتعاقب من المخطئ فيهم.. هدف مطالبتنا ذلك للحد من تكرار هذه الأخطاء وعدم فقدان مزيد من الأرواح بسببها"
عائلة اليازجي نعت في بيان لها نازك، وجاء في بيانها، "بمزيد من الحزن والأسى ننعي نحن، ابنتنا شهيدة الإهمال الطبي، والتي وافتها المنية يوم الثلاثاء الموافق 9أكتوبر الجاري، بعد حدوث مضاعفات في حالتها أثناء وبعد الولادة، أدت لانهيار حاد في صحتها، وبشكل متسارع نتيجة تقصير مهني واضح من قبل مستشفى الخدمة العامة، في إسعافها وتأخير نقلها إلى مستشفى آخر".
وطالبت العائلة في بيان تلقت قدس الإخبارية نسخة منه، وزارة الصحة بسرعة تشكيل لجنة تحقيق في ظروف وفاة فقيدتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق كل من يثبت تقصيره في إسعاف حالتها، مردفة: "كلنا ثقة بالله أولا ثم بالقائمين على الأمر لإحقاق الحق، ونحن ننتظر قرار اللجنة بأسرع وقت ممكن".
فيما امتنعت وزارة الصحة بغزة، الإدلاء بأية تفاصيل عن الحادثة لحين انتهاء التحقيقات الجارية بحيث تم تشكيل لجنة تحقيق مختصة، لكشف ملابسات الحادثة والوقوف على حيثياتها واتخاذ الإجراءات اللازمة. فيما أعلن الناطق باسم وزارة الصحة بغزة د.أشرف القدرة، عن تشكيل لجنة مختصة للتحقيق في ملابسات وفاة السيدة نازك اليازجي، خلال الولادة في إحدى المشافي داخل القطاع.
المشفى: سنحقق بما جرى
من جانبها، قالت مستشفى الخدمة العامة في بيان لها، "تلقينا ببالغ الأسى نبأ وفاة السيدة المرحومة، وقد تمت الولادة طبيعيا في المستشفى، ورزقت بمولود سليم وبعد الولادة تعرضت لمضاعفات صحية طارئة تعاملت معها الطواقم الطبية بكل مهنية، ومن ثم تم نقلها للمستشفى الحكومي المركزي المخول باستقبال مثل هذه الحالات".
وأكدت مستشفى الخدمة العامة على تشكيلها لجنة تحقيق فورية للوقوف على حيثيات ما حدث مع نازك قبل تحويلها للمستشفى الحكومي، كما أعربت عن دعمها لقرار وزارة الصحة بتشكيل لجنة تحقيق إضافية للحادث بعد وفاة المريضة في مستشفيات الضفة وصولا للحقيقة الكاملة، مهيبة بالجميع انتظار نتائج التحقيق وتحري الدقة فيما يشاع من معلومات أو تعليقات وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي قبل انتهاء التحقيق.
وقالت إدارة المشفى إن "سيارة الإسعاف التي نقلت بها المريضة هي سيارة إسعاف عناية فائقة ومجهزة بكافة التجهيزات الطبية اللازمة حسب المعايير والمواصفات الفنية المطلوبة وهي تعمل بشكل متواصل وكان لها أثر مشهود في إنقاذ مئات الجرحى والمصابين في مسيرات العودة".
وأكدت على أنه "لم يتم أي إجراء أو تدخل جراحي للحالة داخل مستشفى الخدمة العامة وإنما حدث مضاعفات للحالة وارد حدوثها في أي مكان مما استدعى نقلها بشكل عاجل للمستشفى المركزي لعمل اللازم حسب النظام المتبع".
نزاهة وحيادية في القانون
المستشار القانوني بوزارة الصحة بغزة سعيد البطة قال لـ قدس الإخبارية، إن "تكون اللجنة من خارج المكان المشكو ضده دليلا ما يدلل على النزاهة الحيادية، علمًا بأن اللجنة تتكون من أصحاب الخبرة كالأطباء الاستشاريين ووحدة التمريض والإدارة العامة للرقابة الداخلية".
وكشف، أنه يتم في بداية الأمر تدوين إفادة المشتكي والاطلاع على كل ما لديه من أوراق ومستندات وبعد ذلك يتم إفادة الطاقم الطبي الذي تعامل مع الحالة، مشيرًا إلى أنه بعد انتهاء اللجنة من التحقيق يتم المداولة والاطلاع على الأوراق وإعداد تقريرها للسيد وكيل الوزارة موضحا فيه التفاصيل.
وأضاف البطة، "لو لاحظت اللجنة أن هناك إشكاليات أو نواقص، يتم توضيح ذلك من خلال توصيات عامة، على أن تكون مدونة في التقرير، علمًا بأن ذلك يتم سواء كان الأمر متعلقًا بالطاقم البشري أو المعدات الطبية"، مشيرًا إلى أنه في حال ورود الخطأ الطبي يتم مجازاة الموظف وفقا لحجم المخالفة وهذا كله وفقا لقانون الخدمة المدنية بحسب نص المادة (68).
وتعقيبًا على قضية "نازك اليازجي، قال، "لا نستطيع أن نقول هناك خطأ طبيًا من عدمه إلا بعد التحقيق، علما بأن الصحة متحفظة على الملف الطبي بحسب الأصول"، مشددًا على أنه لو ثبت هناك خطأ ستقر اللجنة وتبين وجود الخطأ وسوف يتم إعطاء مقدمي الشكوى كتابًا في الخلاصة التي وصلت إليها اللجنة".
ونوه إلى أنه من المعروف أن القطاع الخاص يقع تحت إشراف ورقابة الصحة، وفقا لقانون الصحة العامة رقم 20، لافتًا إلى أن "هناك عدة قضايا مرفوعة بالمحاكم، وصدر الأحكام في الأمر لإلزام الجهة المتسببة بالخطأ بالتعويض".