غزة- خاص قُدس الإخبارية: ما زالت الخريجة الجامعية آلاء الجعبري (23 عامًا) حبيسة جدران منزلها دون فرصة عمل أو حتى تدريب، لإكسابها الخبرة بعد إنهاء دراستها وحصولها على درجة البكالوريوس في تخصص "الإدارة الصحية".
ما حدث معها لم يكن في الحسبان فبدل أن تجلس الخريجة بين المرافق الصحية لتطبق ما تعلمته طيلة أربعة سنوات فوجئت أن مصيرها المكوث حبيسة المنزل، وبالرغم من أمنياتها بأن تشق طريقها نحو الحياة العملية كما هو حال الخريجين في مختلف أنحاء العالم.
أنهت الجعبري دراستها من جامعة القدس المفتوحة عام 2016، لتبدأ رحلة البحث عن مهنة في تخصصها الذي شجعتها إعلانات الجامعة نفسها على التسجيل فيه، متذرعة بعدة أسباب أهمها أن سوق العمل الفلسطيني بحاجة له، ولم يسبق أن فتحت الجامعات الأخرى القبول والتسجيل فيه، وذلك تكون من أوائل الدفع التي ستلحق ببرامج التوظيف على إثر دراستها بعد التخرج.
بيد أن ما حصل مع الفتاة عكس ما روجت له جامعتها فصدمت بواقعها المرير وتقول لـ "قُدس الإخبارية" إن ما حصل مأساة حقيقة فقد أوهمتهم الجامعة بالتخصص ومدى أهميته على صعيد واقع العمل، لكن بعد تخرجهم اكتشفوا أنه لا اعتراف به.
وتضيف: "لا تكمن المشكلة بعدم حصولي على وظيفة فأنا أدرك أنني يجب أن أحصل على خبرة واسعة في هذا المجال، لكن التخصص نفسه غير متعارف عليه من قبل الجهات التي كنت أقدم لها شهاداتي التي تحمل اسم التخصص، بدعوى أنه "غير مفهوم أو واضح" وبهذا يكون مستقبلي التعليمي "قد ضاع".
وأقام طلاب الدفعة نفسها العام الماضي اعتصامًا أمام بوابة الجامعة ووزارة التربية والتعليم، لإيجاد الحلول المناسبة لهم، إذ تخرج الجامعة منذ فتح باب الانتساب لهذا التخصص عام 2009 حتى هذا العام الحالي قرابة الـ 100 طالب/ة سنويًّا جميعهم ضحية تخصص مجهول الهوية.
بدروه، يؤكد مساعد عميد القبول والتسجيل زكريا ساق الله، أن فتح باب القبول والتسجيل في الجامعة بناءً على توصية من وزارة الصحة وتمت الموافقة عليه من قبل وزارة التربية والتعليم، وكان بالبداية محصورا على العاملين في وزارة الصحة ثم كان القرار باستقطاب طلاب جامعيين حاصلين على معدل ثانوي 65%.
وأضاف لـ"قدس الإخبارية" أن كثير ممن يعملون في مجال الإدارة داخل المرافق الصحية لا يعرفون الكثير من المصطلحات الطبية، لأن دراستهم اقتصرت على الإدارة فقط، لذلك وجدوا أن سوق العمل بحاجة لهذا التخصص.
وحول الاشكالية التي تعصف بالتخصص يوضح، أنه تم اغلاق باب التسجيل والقبول في تخصص الإدارة الصحية هذا العام، لمنع تفاقم الأزمة أكثر بعد المشاكل التي واجهت الطلاب بسببه، وتم دمجه كمساق فرعي بجانب تخصصات المحاسبة، الإدارة، التسويق وليس تخصص رئيسي.
ووفق احصاءات رسمية؛ فإن الجامعات بغزة تضخ أكثر من 30 ألف خريج وخريجة سنوياً للسوق المحلي، في ظل ارتفاع معدل البطالة بين فئة الخريجين الشباب إلى أكثر من 60%.
أما الطالب يحي جبر (24 عامًا) والذي تخرج من كلية الدراسات المتوسطة بجامعة الأزهر بغزة بتخصص الإعلام والعلاقات العامة، حيث قرر السفر خارج قطاع غزة لاستكمال الحصول على درجة البكالوريوس لدى إحدى الجامعات بقطر، لكن شهادته لم تسعفه بسبب رفض أحد الجامعات الكندية الاعتراف بها بسبب عدم وضوح التخصص.
ويقول جبر لـ "قدس الإخبارية" إن عراقيل عديدة عايشها حتى أتيجت له فرصة السفر لاستكمال دراسته، لكنه صدم لأن الجامعة لم تعترف بالتخصص نفسه، وراجع الجامعة وكانت إجابتها أن الأمر يرجع للدول نفسها وليست وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
ووصف الطالب الجامعات بأنها ربحية استثمارية، فهنالك قرابة 100 وأكثر تخرجهم الجامعة كل عام من نفس التخصص رغم أنه غير معترف به خارج فلسطين، لذلك سيضطر الطالب بدء سنوات تعليمية من الصفر دون الاعتماد على شهادته التي حصل عليها من جامعته ودفع مقابل دراسته فيها مالا يقل 2500 دينار أردني لمدة عامين.
التعليم توضح
من جانبه، يرجع الوكيل المساعد لشئون التعليم العالي في وزارة التربية والتعليم العالي د. أيمن اليازوري ما يحدث من جدل حول مدى صحة الاعتراف ببعض التخصصات الجامعية التي تدرسها الجامعات خاصة إلى الانقسام الفلسطيني الذي أثّر على الحياة التعليمية.
ويضيف اليازوري لـ "قدس الإخبارية" أن هناك عدد من التخصصات يتم بالاعتراف فيها بقطاع غزة، ولا تدرج ضمن وزارة التربية والتعليم في الضفّة وهنا يقع الطالب الضحية خاصة إذا أراد استكمال دراسته خارج قطاع غزة.
ويشير إلى أنّ هناك رقابة من قبل وزارته على الجامعات من قبل ولا يطرح أي تخصص جامعي ضمن مساقات التعليم إلاّ بعد موافقة لجنة تشرف مختصة من خبراء تقوم بالتقييم، إلا أن هناك تضخم ناجم عن ارتفاع عدد الخريجين الذين يحملون تخصصات معينة لا تتوافق مع حاجة السوق.