شبكة قدس الإخبارية

بسبب البطالة.. خريجو الجامعات يلجؤون إلى الأشغال اليدوية

إسلام الخالدي

غزة - خاص قدس الإخبارية: " خريج ميكروبيولوجي".. هذا الاسم الذي أطلقه الشاب أمجد مقداد على عربته للمشروبات الساخنة، متخذاً من أمام بواب جامعته التي تخرج منها ركناً للعمل، ومنذ عامين حاول خلالهما البحث عن وظيفة كان يحلم بها كغيره من الخريجين، إلا ان محاولاته باءت بالفشل، فقرر كسب رزقه بطريقة أخرى تحمل رسالته لكل من يراه، وقد علق شهادته الجامعية على عربته؛ ليلفت أنظار المسؤولين صوب هذا الوضع السيء.

وبعد عناء طويل للشاب أمجد عقب تخرجه من جامعة الأزهر، في إيجاد فرصة عمل يؤسس بها مستقبله، وجد طريقه في مكان أبعد ما يكون لتخصصه، مما أجبرته الظروف الصعبة التي يعيشها الخريجون في قطاع غزة باللجوء إليها، بالبيع على عربة متنقلة للمشروبات الساخنة، ليكون مشروعه الأول والأخير؛ علة بأن تفي بسد حاجته هو وعائلته.

وأشار مقداد مجد الذي أرهقته البطالة شهور عديدة، إلى فكرته بتعليق شهادته الجامعية على عربته لـ "قدس الإخبارية"، قائلاً: "الفكرة جاءت من خلال التفكير المعمق بكيفية ايصال رسالة قد يكون لها صدى في نفوس المسؤولين عن هذا الوضع الراهن، والمنعكس سلباً على نفوس الخريجين والطلبة الجدد، حتى الجامعات التي هي المسؤول الأول عن تخريج أفواج من الطلبة سنوياً دون وعي وإدراك حقيقي لمستقبلهم في ظل أزمات اقتصادية، تبعدنا عن واقع العمل وتحيل بنا إلى البطالة".

مشروع بسيط 

ففي كل صباح يتجه بعربته صوب الأماكن التي يراها مزدحمة بالمارة وطلبة الجامعات، ففي النهار يتخذ من أمام بوابة جامعة الأزهر ركناً له، ويبقى متنقلاً بأماكن عدة فور انتهاء الطلبة من دوامهم الجامعي، فهو حبيس تلك المهنة التي يعتاش منها حالياً على حد وصفه، منوهاً إلى أن العائد المرتد إليه من هذه العربة بسيط جداً، ولا يفي بكل الاحتياجات.

ويؤكد لـ "قدس الإخبارية"، على أن هناك الآلاف من الخريجين والخريجات لم يجدوا فرصاُ حقيقة ونصيباً لهم بالعمل، فعملوا على سد احتياجاتهم بالبحث حثيتاً عن مشاريع صغيرة وبمجالات أخرى قد تفي بمتطلباتهم، لتكون ملاذاً لهم في اوهن الظروف التي يمر بها القطاع من أزمات عديدة.

ويضيف: "في ظل انتشار العربات المتحركة التي تقل الأطفال، إضافة إلى مشاريع عربات المشروبات الساخنة، وانتشار السائقين من الخريجين، بات الوضع كئيباً للكثير من الطلبة الجدد، الذي أضحى كل تفكيرهم في مستقبل مرهون بالضياع".

وتعد البطالة من أكبر المشكلات الاقتصادية، التي يعاني منها قطاع غزة أخيراً، حيث يبلغ عدد الخريجين سنوياً من الجامعات ما يقارب 30 ألف طالب وطالبة، في ظل عد المقدرة الاستيعابية لغزة في المجالات الخاصة والحكومية.

شهادة دون عمل

ومن ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، التقت مراسلة "قدس الإخبارية" بالشاب محمد جرس (24عاماً) خريج كيمياء تخصصية، والذي يعمل على سيارة مضيئة لترفيه الأطفال منذ عام ونصف، لتكون مصدر رزق له ولعائلته في ظل الظروف المستعصية، والتي يعاني منها كل الخريجين الذين لم يحظوا على فرصة عمل تناسب تخصصاتهم الجامعية.

"الظروف التي مريت بها صعبة جداً، فلم أجد نتيجة بعد التخرج، وما في حد بقدر تعبنا"، هذه الكلمات التي استهل بها الشاب محمد جرس حديثة، ليعبر عن مدى استيائه وعدم رضاه في ظل وضع مادي متردي يعيشه هو وأقرانه من الخريجين العاطلين عن العمل، مشيراً إلى حجم الكارثة غير المتوقعة التي وجدوها بعد التخرج، من عدم توفر فرصة عمل مناسبة، كون تخصصه الذي اختاره كان يهدف من وراءه تحقيق مصدر دخل يجدي نفعاً، إلى جانب مكانة علمية وعملية ممتازة.

ويقول: "حتى العمل على السيارة المضيئة، لم يفي بحاجتي كوني شاب وأحتاج للمزيد من المصاريف، فأنا الابن الأكبر بالعائلة، وضعوا كل طموحهم على منذ اختياري هذا التخصص؛ كونه سيحقق لي مصدراً وظيفياً ومكانة اجتماعية عالية مستقبلاً، لكن الحياة الصعبة بغزة حالت دون ذلك"، منوهاً إلى أنه مجرد بداية العام الدراسي سيحاول البدئ بالعمل في مراكز تعليمية لإعطاء دروس تخصصية للطلبة، مقابل أجر مادي، إن توفر ذلك.

ويوجه رسالة لأصحاب القرار، بأن يضعوا كافة الخلافات السياسية جانباً، والعمل حثيتاً على رفع مستوى اقتصاد غزة الصعب، فالانفجار بات قريباً جدا، والجميع سيخرج عن صمته..، على حد وصفه.

وضع كارثي وخطير

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي مازن العجلة  لـ "قدس الإخبارية": "نسبة البطالة في قطاع غزة أخيراً وصلت إلى نسبة 53%، أي أكثر من نصف القوى العاملة عاطلة عن العمل، فهذا ينذر إلى وضع كارثي غير مسبوق، فبطالة الشباب أكثر من 50%، والبطالة في أعداد الخريجين أكثر من 50%، حيث أنها تختلف من تخصص لأخر، سواء في التخصصات التربوية والإنسانية".

ويضيف: "وبالتالي حينما يتخرج الطالب ولا يوجد فرصة عمل مهما كانت، يجعله يقبل على العمل في مشاريع بسيطة، فأصبحت التخصصات غير آمنة، في ظل أعمال غير منتجة اقتصادياً، حيث أن جميع المشاريع التي يلجأ إليها الطلبة الخريجين العاطلين عن العمل، لم تفي بالغرض المطلوب ولم تسد حاجتهم".