غزّة- خاص قدس الإخبارية: "ليش الاحتلال بيقصفنا واحنا أطفال وما معنا سلاح؟ وما بنشكل أي خطر عليه؟". هذا السؤال طرحه علينا واحد من مجموعة أطفال تحدثنا معهم عن التصعيد في جولات العدوان الإسرائيلية التي تشتد من حين لآخر ضد قطاع غزة، وتحصد العديد منها أرواح أطفال، أو توقع منهم جرحى، سواءً بالرصاص قرب السياج الفاصل، أو بغارات جوية، هذا عدا عن حالات الهلع نتيجة أصوات المدافع وأزيز الطائرات.
لا يبحث الأطفال الذين تحدثنا إليهم إلا عن حياة تُشبه حياة أطفال العالم، هذه الحياة التي لا يعرفون عنها شيئًا وهم الذين وُلدوا خلال سنوات حصار غزة.
ولا ينفك جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استهداف المدنيين في قطاع غزة، بمن فيهم الأطفال، إلا أنه يزعم بين الحين والآخر بأن له "بنك أهداف" يتعامل معه، لكن حقيقة الأمر تُنذر بغير ذلك، فكل هدف يستهدفه بآلة الحرب العدوانية، ينجم عنه طفل شهيد أو آخر جريح.
ونظرًا لطبيعة غزة الجغرافية، فإن كل هدف تشن طائرات الاحتلال غارة عليه سيكون الأطفال جزءًا منه، وفق ما تؤكده تحرير صافي، مدير فريق الصحة النفسية في مجمع الشفاء الطبي بغزة.
تقول صافي لـ "قدس الإخبارية"، "منذ يوم الأربعاء يتعرض القطاع للقصف تحديدًا في ساعات النوم الاعتيادية، لكن يبقى التساؤل هنا: أين سينام أطفالنا دون أن يتعرضوا لأي خطر مدقع؟! فكونك فلسطيني يعني أنك مستهدف في كل مكان وزمان".
وتضيف، "الأطفال يركضون في حال الخطر وبطريقة لا شعورية صوب الباب أو تحت الطاولة وما إلى ذلك، محاولين البحث عن الأمان".
وتؤكد صافي أن الخوف لدى الأطفال يسبب أشياء غير اعتيادية، كالتفكير في الانتحار والجبن والعدوانية والخوف والتوتر والقلق والعصبية والجوع العاطفي والحاجة إلى الصراخ وتقمص شخصية ضد المجتمع "السايكو ثلاثية"، مبينة أن عنصر "الأمن والأمان" يتأتى في المرتبة الثانية من الاحتياجات التي يجب توفرها، كما ذكر عالم النفس"ماسلو".
من جهته، يقول الطبيب النفسي ياسر مطر أبو جامع (44 عامًا) إن الأطفال الذين تم تقديم العلاج لهم سابقًا، سرعان ما يستعيدون مجريات الأحداث وتعود بهم الذاكرة إلى ما حدث آنفا، ما يؤثر سلبا على نفسيتهم".
ويُبين لـ "قدس الإخبارية"، أن أي طفل يبلغ من العمر (14 عامًا) يكون قد عايش ثلاثة حروب شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بما صاحبها من ويلات وتدمير وشعور بعدم الأمان، "فعند حدوث أي عدوان جديد سيتذكر الطفل السيناريوهات السابقة وهنا تكمن مسألة المعاناة من جديد".
ونصح أبو جامع بضرورة البقاء بجوارهم وطمأنتهم قدر المستطاع، والتأكيد على أنهم آمنين حتى ولو كانوا لا يشعرون بذلك، من أجل الحد من معاناتهم وعدم ظهور أية أعراض جانبية.
وأضاف، "يجب الانتباه إلى أن لحظات الخوف والهلع قد تظهر بشكل آخر، فالطفل لا يترجم ما بداخله كالكبار مثل أن يقول (أنا متوتر أو خائف)، ولذلك يجب على الأهل الانتباه لحالتهم ومراعاة شعورهم وعدم توبيخهم، وإنما توفير الدفء لهم واحتضانهم".
وكانت الطفلة بيان محمد خماش هي آخر ضحايا الغارات الإسرائيلية - حتى الآن - على قطاع غزة، إذ ارتقت فجر الخميس مع والدتها إيناس خماش، إثر غارة على منزل العائلة في دير البلح وسط قطاع غزة؛ أدت أيضًا لإصابة والدها بجروح متوسطة.
يشار إلى أن الطفلة وأمها وصلتا، أشلاء للمستشفى، ولا ملامح لهما، وبعد ساعات قليلة عُثر على الجنين بين ركام المنزل مقطعًا، وقد التصقت بعضًا من أشلائه بألعاب الطفلة بيان. يُذكر أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف في 14 تموز من العام الجاري متنزه الكتيبة غرب مدينة غزة ما أدى لاستشهاد الطفلين أمير النمرة (15 عامًا)، ولؤي كحيل (16 عامًا).
وتزامن قصف المتنزه وجود العشرات من المواطنين والأطفال الذين يلهون على الأراجيح والسيارات بجوار ذويهم، ما تسبب في ارتفاع عدد الجرحى وإصابة آخرين بحالات هلع.