نابلس - خاص قدس الإخبارية: بعد عدة شهور على إحالته للتقاعد القسري، وانتقاله من عمله كأستاذ في مدرسة إلى عامل في إحدى المجال التجارية في مدينة نابلس، قرر صامد صنوبر مجبراً الهجرة من البلاد التي لم يفكر يوماً بتركها، إلا أن قرار وزارة التربية والتعليم معاقبته على خلفية نشاطه النقابي دفعه للسفر وهو يردد "قررتُ يا وطني اغتيالك بالسفر".
صامد صنوبر (31 عاماً) أحالته ومعلمين آخرين وزارة التربية والتعليم إلى التقاعد القسري في شهر آذار المنصرم، وذلك على خلفية نشاطه النقابه ودوره في إضراب المعلمين في شهر شباط 2016، عبر اتصال هاتفي سريع، "لقد تم إحالتك للتقاعد.. أحضر غداً لإتمام الإجراءات الرسمية"، وذلك بعد سبعة أعوام على عمله في سلك التدريس.
يقول صامد لـ قدس الإخبارية، "أنا رب أسرة ولي طفلين وهو ما يتوجب علي البحث عن فرصة عمل أخرى"، مشيراً إلى أنه عمل في الأشهر الماضية كعامل في إحدى المحال التجارية، "لا أخجل من قول ذلك، فلقد عملت في محال لبيع المكسرات والهدايا.. وقد واصلت البحث عن عمل وصولاً إلى دولة الأمارات حيث وقعت مؤخراً عقد عمل في سلك التدريس، وسأذهب هناك أنا وعائلتي".
وأكد صامد على أن إحالته للتقاعد كان بصورة مفاجئة بعد عامين على إضراب المعلمين، ولم يمهله أي فرصة للبحث المسبق عن العمل أو الاعتراض قانونياً على القرار، "الأمر كانت انتقامي، تم تأجيل تنفيذه حت لا يكون له أي صدى وهو ما يفهمه الكبير والصغير"، متابعاً، "لم يتم مراعاة الجانب الإنساني لي كموظف ورب أسرة، ولم يتم إشعاري مسبقاً بذلك.. حتى لو ارتكبت ذنباً كان يجب أن يتم إشعاري، إلا أن الأمر كان مباغتاً وظالماً لي ولطلابي".
وأشار إلى أن المعلمين الذين تقدموا للحصول على التقاعد المبكر وفق القانون وتم الموافقة على طلباتهم اعتباراً من شهر آب، "ما صدر بحقنا من قرار إحالة للتقاعد فورياً يؤكد على أن التربية والتعليم سعت للانتقام منا، حيث لا نستطيع الحصول على فرص عمل أخرى ولو في مدارس خاصة".
وقال صامد، "لم أفكر يوماً بمغادرة البلاد ولم أتخيل يوماً أني سأقتنع بفكرة الهجرة رغم أنها كانت متاحة لي منذ كنت في الجامعة.. مؤلم جداً أن أدفع ثمن موقف الإقصاء لموقفي النقابي، أمر مؤسف أن يشعر الانسان أنه لا مفر أمامه إلا الخروج من وطنه"، مشيراً إلى أن المؤسسات الحقوقية تقدمت إلى المحاكم الفلسطينية للاعتراض والطعن بقرار إحالة عدد من المعلمين إلى التقاعد القسرى إلا أنها لم تتلق أي إجابة حتى الآن.
وودع صامد أصدقائه في رسالة نشرها على صفحته في فيسبوك وذلك قبل أسبوعين من سفره المقرر من البلاد، جاء فيها، "سأغادر وطني بجسدي وقلبي على وطني وشرفائه ولكن لا بد من النضال من أجل مستقبل شريكتي وأولادي (يحيى وأحمد جرار) ولستُ أدري أي صدفة هذه التي جعلت الضفة تضيق بفدائي وسيم كالشهيد جرار وتضيق على طفلي الذي حمل اسمه فضاقت الضفة به بوالده أيضا بعد ثلاثة أسابيع فقط من ولادته حيث تلقيت قرار إحالتي إلى التقاعد". إلى قرية يانون المحاصرة بالمستوطنات جنوب نابلس، يجلس عائد أبو هنية باحثاً في أكوام الأوراق والمعاملات الرسمية التي يمتلكها عن سبب واضح لرفض التربية والتعليم تعينه كأستاذ رغم تفوقه بكل امتحانات القبول وحصوله على المرتبة الأولى عدة مرات، فيما ما زال موظفاً بصيغة العقود التي شملت 100 معلم في المناطق الفلسطينية المهمشة والمستهدفة.
عائد أبو هنية يروي لـ قدس الإخبارية، أن قصته بدأت منذ عام 2008 إذ اتهمته وزارة التربية والتعليم بعدم استكمال مصوغات التعيين، إذ رفضت وزارة الداخلية منح عائلة ملف خلو السوابق، رغم عدم ارتكابه أي جنحة جنائية وعدم تعرضه لأي اعتقال في السابق، كما رفضت مديرية أريحا منحه قرار المباشر بالعمل،"عجزت من الحصول على ملف خلو السوابق، وقد أمهلتني التربية مدة شهر فقط.. واستمريت بعملي مدة سبعة شهور قبل أن تخبرني الوزارة بقرارها وقف "السلف" التي تصرف له شهرياً لعدم انتظام راتبه( وهو نظام تتبعه الوزارات الفلسطينية مع الموظفين الجدد)".
وأضاف أنه بعد توقف "السلف" تفاجئ أنه أصبح صفته الآن "مدين" لوزارة التربية والتعليم، رغم أنه كان ينتقل من يانون إلى عمله في مدينة أريحا، "مرضت في تلك الفترة، وقد تغيبت عن العمل مدة أسبوع رغم إحضاري تقارير طبية تثبت أني أعاني من أمراض عصبية وكنت أتلقى العلاج وأني بحاجة لفترة من الراحة"، مشيراً إلى أنه قرر ترك العمل بضعة أيام وبعد أن عاد مجدداً تم إخباره "لقد انتهى أمرك، وقمنا بتوظيف آخر مكانك".
وأكد على تقدم لامتحانات القبول في عام 2009 وقد حصل على المرتبة الأولى على مستوى مديرية أريحا، إلا أنه تم التجاوز عنه، "في عام 2012 تقدمت للعمل في مديرية جنوب نابلس، وقد أخبروني أنه لا يوجد لي أي ملفات في وزارة التربية والتعليم.. وقد عملت كأستاذ بديل لعدة شهور ولكن دون راتب، وكان رد الوزارة أن تقوم باسترداد السلف التي كانت قد دفعتها لي عام 2008، فيما رفضت مديرية أريحا تقديم ملفاته لمديرية جنوب نابلس".
وأضاف أنه في عام 2016 أصدر وزير التربية والتعليم قراراً تضمن توفير عقود عمل بلغت عددها 100 عقد يسكنون في المناطق والقرى المهمشة ويجدد لهم سنوياً، "حصلت على عقد العمل بالصدفة، رغم كل التجاوزات التي حصلت"، مشيراً إلى أنه ما زال مديونا لوظيفة عام 2008، وما زالت الوزارة تخصمها من راتبه.
وبين أنه طيلة السنوات الماضية واظب على التقدم للامتحانات التعيين وقد حصل على مراتب متقدمة في كل مرة، "ما أن أصبح لدي سيولة مالية توجهت إلى القضاء الذي يواصل تأجيل النظر في القضية.. فقد كنت في تلك الفترة أعمل كعامل براتب لا يتجاوز 1800 شاقل وقد كنت على خط الفقر".
ولفت أنه فور صدور نتائج امتحان التعيين هذا العام تم إبلاغه بتفوقه بالامتحان ونجاحه فيه، "قال لي الموظف وهو يقلب الآوراق.. أعتذر لك أنا أسحب المبروك، فاسمك ليس ضمن المعلمين الذين تم تعيينهم"، مؤكداً على أنه تم مطالبته بالسكوت حتى يتم تعيينه، "أنا ألتزم الصمت منذ تسعة سنوات.. وهو يقولون لي: كف حتى نكف".
وأوضح أنه يتوقع أن خلف ما يعانيه خطأ إداري تم ارتكابه بحقه ولا يوجد أي خلفية سياسية لذلك على الرغم أن النيابة الفلسطينية ردت على أنه كان مفصولاً على خلفية سياسية، "النيابة لم تجد أي مصوغ قانوني، رغم أن قانون الخدمة المدنية يعتبرني أنني على رأس عملي منذ عام2008"