غزة-خاص قدس الإخبارية: بدت الشقيقتان الكفيفتان "نسمة" و"إيمان"، متوحدتان في الدم والنجاح، وهما كذلك منيرتا البصيرة وقويتا الإرادة، صنعتا قصصًا من النجاح والعزيمة.
فهذه نسمة الغولة (30 عامًا) التي كانت أول كلماتها "لم أكن أحلم أن أعمل في هذا المكان وأن أتعامل مع شريحة مثلي"، وذلك بعد إصابتها بإعاقة دائمة بعد أيام من ولادتها، إثر حمى شوكية سلبتها بصرها.
وتعتبر "نسمة" الكفيفة الأولى التي تلتحق بمركز التقنيات المساعدة للأشخاص المعاقين بصريًا في الجامعة الإسلامية منذ سبع سنوات من تأسيسه، وسرعان ما عينت كمنسقة لقسم الطالبات بالمركز خلال دراستها الماجستير.
وتقول لـ"قُدس الإخبارية"، "إن عملي في مركز التقنيات شكّل نقطة بداية وانطلاق لتحقيق ودعم هذه الشريحة التي تعاني من إهمال وتقصير سواء على الصعيد المحلي والمؤسساتي"، مضيفة "حققت دمجًا غير اعتيادي بين الأشخاص الأسوياء والمعاقين بصريًا من خلال الموازنة بين تقديم الدورات والعمل كمنسقة لقسم الطالبات، بالإضافة إلى التنسيق مع أعضاء الهيئة التدريسية لتوفير احتياجاتهم".
وتابعت، "هناك انسجام كامل بيني وبين الطلبة كوني من نفس الشريحة أشعر بهم وبما يفكرون وأحاول قدر المستطاع تجريدهم من العقبات التي يمرون بها في الدفاع عن حقوقهم ومطالبهم، لافتة إلى أن مركز التقنيات المساعدة توفر كل التقنيات المساعدة من برامج ناطقة وكتب مكبرة وخصائص نمائية للطالبات من ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى الاندماج في المجتمع.
واستذكرت نسمة بعض المواقف والقصص التي ما زالت عالقة في ذهنها، إن إحدى الطالبات من ذوي الإعاقة قالت لي "في حدا مثل شريحتنا يلبي احتياجاتنا ويفهمنا" وهذا ما زادني إصرارًا وثقة على مواصلة هذه الطريق.
وتضيف، "كنتُ أول كفيفة تحصل على الماجستير في قطاع غزة، فقد كانت تجربة صعبة لطبيعة الدراسة التي تحتاج لقراءة الكثير من الكتب والأبحاث وكل ما يتعلق في مجال رسالتي وبحمد لله حصلت على درجة الماجستير بتفوق".
وتتابع "تعرض منزلي للقصف خلال العدوان الإسرائيلي عام2014، وخرجت من المنزل بملابسي فقط وحرقت كتبي ومراجع رسالتي، مضيفةً أن كل الظروف الصعبة التي مررت بها لم تثن عزيمتي ولم تمنعني من مواصلة مسيرتي التعليمية".
ووجهت رسالة إلى الطلبة من ذوي الإعاقة قائلةً: "لا إعاقة أمام الإرادة والتحدي وإننا قادرون على تحقيق أهدافنا من توعية قانونية وحقوقية في حال أزيلت المعيقات المجتمعية.
أما عن أحلامها، فتوضح "حلمي بأن أحصل على لقب المدرب المحترف عالميا ونيل درجة الدكتوراة والالتحاق في طاقم المحاضرين في الجامعة الإسلامية".
من جهتها، تقول شقيقتها "إيمان"، "درستُ في المراحل الدراسية في مدراس المكفوفين، وعند وصولي الثانوية العاملة "التوجيهي" التحقت مع الطالبات الأسوياء في مدرسة دلال المغربي حينها واجهت عدة صعوبات".
وتضيف لـ"قُدس الإخبارية"، "تخرجتُ من الثانوية العامة التوجيهي بمعدل 85% ثم التحقت في الجامعة الإسلامية تخصص الدعوة والإعلام وحصلت على معدل امتياز في السنة الدراسية الأولى".
وتابعت، الطلبة والمعلمات زرعوا بداخلي اليأس والإحباط خلال مراحل دراستي، ولكن بالإرادة والتحدي أثبت لهم عكس ذلك، وتغيرت الصورة النمطية التي أخذوها عني، موجهة رسالة إلى الأشخاص الأسوياء قائلةً، " إن لدينا إرادة وتحدي والقوة الكاملة للتفوق على الجميع، داعية إياهم إلى الاقتداء من قصص نجاحنا.
وأعربت عن أملها أن تصبح إعلامية في المستقبل لفضح جرائم الاحتلال ونقل رسالة ذوي الإعاقة الذين يتعرضون للتهميش في قطاع غزة، بالإضافة إلى إكمال دراسة الماجستير بعد الانتهاء من مرحلة البكالوريس.