شبكة قدس الإخبارية

الاحتلال يهدم مباني "بير عونة" وبلدية بيت جالا ترفض ترخيصها رغم مطالبتها الأهالي بشروط الترخيص

شذى حمّاد

بيت لحم – خاص قدس الإخبارية: من شرفتها المطلة على مستوطنة غيلو وشوارعها التي تربطها بمستوطنة افرات وتطوق بيت لحم، تقف باسمة عيسى تترقب عودة جيش الاحتلال مجدداً، متخيلة كيف ستطبق آلياته على منزلها الجديد الذي سيصبح وكأنه لم يكن.

باسمة تعيش وعائلتها في دائرة الخوف، بعد أن داهمت قوات الاحتلال منزلهم بمنطقة بير عونة في بلدة بيت جالا جنوب القدس وأخطرت العائلة بقرار هدم نهائي لمبناها الجديد الذي ما زال قيد الإنشاء، فيما سلمت عائلات أخرى في القرية قرارات هدم ووقف بناء وصل عددها إلى 11 منشأة حتى الآن.

وبينما يتخوف أهالي بير عونة من مجزرة جديدة قد يرتكبها الاحتلال قريباً بحق منازلهم ومبانيهم، يشتكون من إهمال بلدية بيت جالا وتجاهلها الخطر الذي يتهدد المنطقة المسلوخة من حدود من مدينة القدس منذ إقامة الجدار الفاصل.

باسمة عيسى تتهم رئيس بلدية بيت جالا بالتقصير والإهمال اتجاه المنطقة، "الأمر الذي أغرى الاحتلال ببدء هجمة جديدة على أهالي المنطقة" وفق تعبيرها، "لم تواجهنا أي مشكلة من مجلس بلدية بيت جالا من السابق إلا عندما تنصب نقولا خميس رئاسة بلدية بيت جالا، الذي تجاهل نداءات الأهالي"، مبينة لـ قدس الإخبارية أنه خلال العام الأخير تفاجئ أهالي المنطقة بوجود إخطارات صادرة عن بلدية بيت جالا أمام منازلهم ومبانيهم.

وقالت إن البلدية استعانت بالشرطة الفلسطينية لتسليم العائلات قرارات وقف البناء، "مجلس البلدية يقول لنا أنه يجب أن نمشي على المخطط التنظيمي... ولكن سؤالنا: هل يمتلكون مخططا تنظيميا هيكليا للمنطقة؟ من يلقي أوامر عليه أن ينفذ واجباته".

إلا أنه وبعد أيام قليلة من حضور طاقم بلدية بيت جالا ووزارة الحكم المحلي إلى منطقة بير عونة وتسليمه إخطارات الهدم  في 26 أيار المنصرم، اقتحمت قوات الاحتلال وطاقم الإدارة المدنية الإسرائيلية المنطقة وقد سلمت عائلة باسمة قرار هدم إداري وأمهلتها حتى بداية شهر آب، "قال لنا الضابط الإسرائيلي بالحرف الواحد: لماذا لم تحصلوا على ترخيص من بلدية بيت جالا"، رغم أن "البلدية لا تمنح تراخيص في المنطقة بحجة أنها خارج مخططاتها التنظيمية".

فيما يبين المهندس علاء بربراوي – المشرف على مبنى عائلة باسمة عيسى – لـ قدس الإخبارية أن بلدية بيت جالا طالبت العائلة الالتزام ببعض الإجراءات وتنفيذها، "طلبت بلدية بيت جالا الكثير من المخططات والأوراق التي نفذناها كلها وقدمناها خلال عدة لقاءات جمعتنا مع طواقم البلدية"، مشيراً إلى أن البلدية لا تمتلك صلاحيات منح تراخيص في المنطقة إلا أنها تحاول تنظيمها .

وأكد على أنه تم المضي بكافة الإجراءات القانونية والحصول على موافقة لاستكمال البناء بعد شهر من إيقاف البناء وحضور الشرطة الفلسطينية إلى المكان عدة مرات، "ما قمنا به يقع ضمن متطلبات الحصول على الترخيص إلا أن بلدية بيت جالا لا صلاحية لها في المنطقة لإعطاء تراخيص.. والإجراءات التي خضعنا لها هو بهدف الحصول من البلدية على خدمات المياه والكهرباء".

في شهر كانون ثاني المنصرم، نفذ الاحتلال تهديداته وبدأ بأول عمليات الهدم في المنطقة، بهدم مبنيين أحدهما لخالد خليل قوار، "الهدم هدفه إذلال الشعب الفلسطيني فقط.. ولكن المطلوب من السلطة الفلسطينية الآن حمايتنا، بداية من تنظيم المنطقة ولو كان ذلك بطريقة إرشادية فقط"، يقول خالد.

ويضيف لـ قدس الإخبارية أن موضوع منح التراخيص في منطقة بير عونه هو ليس إلا أكذوبة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، مشيراً أنه أليات الاحتلال هدمت مبناً كان من المقرر أن يحتوي على 40 شقة سكنية ممتد على ثلاث دونمات، "الهدم لم ينفذ لعدم وجود الرخصة وإنما بناء على سياسة تعسفية يتبعها الاحتلال في المنطقة التي لا يمنح فيها أي ترخيص بناء".

وبين أن المطلوب من بلدية بيت جالا أن تحمي أهالي المنطقة بالاحتكام إلى قوانين وزارة الحكم المحلي وخرائطها الهيكلية وليس محاربة أهالي بير عونة كما تقوم بلدية بيت جالا، على حد تعبير خالد، مؤكداً على أن بلدية بيت جالا تتجاهل المنطقة وتقصر في توفير الخدمات لها، "منذ ما يقارب الشهرين والمياه مقطوعة بشكل كامل عن منازل بير عونة".

قدس الإخبارية حاولت الوصول إلى رئيس بلدية بيت جالا نقولا خميس، ولم نتمكن من الحصول على رد منه لوجوده خارج البلاد، إلا أن مسؤولة قسم الهندسة في بلدية بيت جالا، سامية خليلة أكدت لـ قدس الإخبارية أن منطقة بير عونة خارج المخطط الهيكلي للبلدية ولكنها ضمن أراضيها، "البناء يتم في المنطقة بطريقة عشوائية، وبقرار من وزير الحكم المحلي توجهنا للمنطقة بهدف تنظيم البناء فيها بهدف مساعدة السكان للعيش في المنطقة"، مؤكدة على أن البلدية لا تمتلك صلاحية منح التراخيص، فيما تتمكن فقط من منح إذن الإشغال لسكان المنطقة بناء على قرار سابق من وزارة الحكم المحلي.

وأضافت أن سلطات الاحتلال سلمت مؤخراً مجموعة من قرارات الهدم ووقف البناء لأهالي المنطقة، بعد أن هدمت مبنيين، "نحن نساند أهالي بير عونة ونحرص على أن لا تحدث عمليات هدم جديدة في المنطقة.. ولذلك نطلب منهم الالتزام بتوجيهات وإرشادات بلدية بيت جالا والحكم المحلي".

فيما أوضح مدير دائرة الحكم المحلي في مدينة بيت لحم، شكري ردايدة لـ قدس الإخبارية أنه حسب تقسيم اتفاقية أوسلو، فتقع منطقة بير عونة في منطقة (ج) إلا أن الاحتلال يعتبرها ضمن حدود بلدية القدس التي تهمل المنطقة ولم تقم بتنظيمها ولا تقدم أي خدمة ما عدا الماء الذي يصل لبعض المنازل فقط وليس معظمها، مبيناً أن المنطقة أخذت طابع البناء العشوائي لعدم التزام أصحاب المباني بالقوانين التنظيمية التي تخضع لها مناطق السلطة الفلسطينية من حيث الارتدادات الجانبية والأمامية والخلفية وتوفير المواقف المطلوبة،

وأضاف أنه "في السابق كنا نمنح إذن الإشغال للحصول على الكهرباء والماء وذلك لدعم صمود هذه المناطق، إلا أن البلدية أخبرتنا أن هذا يزيد من عشوائية البناء، وقد بدأنا بترتيب اجتماعات بين البلدية وأهالي المنطقة لتنظيم البناء"، مشيراً إلى أنه تم اقتراح تشكيل لجنة مكون من البلدية وأهالي المنطقة تشرف على تنظيم البناء للحرص على توفر المتطلبات الدنيا والأساسية، وقد وافق وزارة الحكم المحلي على طلب بلدية بيت جالا بتطبيق إجراءات النظام في بير عونة.

وأوضح أنه وخلال هذه الترتيبات بدأ الاحتلال بتنفيذ عمليات هدم في المنطقة وتسليم إخطارات للأهالي، "تصورنا أن الاحتلال سيأخذ حجة العشوائية في هذه المنطقة ومناطق أخرى ويجبر السلطة على ضمها بعد إخراجها من حدود القدس"، لافتاً إلى أنه لا يوجد صلاحيات للسلطة لتنظيم البناء إلا أنها تسعى لعمل مخطط توجيهي يلتزم به الناس من ناحية أدبية.