شبكة قدس الإخبارية

أوصاها بالحذر فاستشهد هو... مسعفة فلسطينية تواري زوجها الثرى وتعود "لميدان الموت"

أحمد قنن
غزة - خاص قدس الإخبارية: "ما تروحي على الحدود اليوم قلبي ناقزني" كانت هذه آخر العبارات التي وجهها الشهيد غازي أبو مصطفى "43 عاماً" إلى زوجته المسعفة لمياء أبو مصطفى "35 عاماً" من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، قبل أن يرتقي شهيداً خلال مشاركته في مسيرات العودة الكبرى.

نشأت وترعرعت معه

"هو ليس زوجي فقط بل كان مرشدي ومعلمي في الحياة فعلى يديه نشأت وترعرعت" بهذه العبارات بدأت المسعفة أبو مصطفى حديثها لـ "قدس الإخبارية" عن زوجها الذي قضى شهيداً خلال مشاركته في الجمعة الأخيرة من مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار على حدود غزة. وتضيف أنها حينما تزوجته لم تكن تتجاوز الـرابعة عشرة من عمرها وواصلت طريقها العلمي حتى أنهت دراسة التمريض بعد تشجيع متواصل منه للمواصلة في هذا المجال خصوصاً مع بداية مسيرات العودة والعمل على إنقاذ المصابين. وتشير إلى أن زوجها أصيب أكثر من مرة خلال حياته فإصابته الأولى كانت عام 1992 بالعين اليسرى خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة خان يونس جنوبي القطاع وكان دائماً يحلم بالشهادة. وتتابع:" أما إصابته الثانية كانت في شهر رمضان المنصرم أثناء مشاركته بفعاليات مسيرة العودة الكبرى قرب الحدود الشرقية وكانت بعيار ناري في أسفل القدم، أما إصابته الثالثة كانت في منطقة الركبة في ذات المنطقة ما أفقده القدرة على الحركة دون عكاكيز يتكئ عليها". وتردف: "رغم الإصابات المتتالية، لم يتراجع زوجي ولو للحظة عن تأدية واجبه الوطني والديني فواصل عمله في فعاليات المسيرة السلمية وأصيب أيضًا بالاختناق جراء استنشاقه الغاز المسيل للدموع وفي كل مرة كان يعود وبشكل أقوى".

لحظة الاستشهاد

وتستذكر أبو مصطفى اللحظات الأخيرة لارتقاء زوجها شهيداً قائلة إنه خاطبها بالقول: "ما تروحي اليوم على الحدود قلبي ناقزني" ثم مضى مسرعاً نحو الحدود الشرقية حيث أعلن في وقتٍ لاحق على استشهادها بنيران الاحتلال. وتستكمل المسعفة: ""بعد ما وصل منطقة الحدود كلمني وقال لو بدك تعالي أنا موجود في الخيمة تبعتنا" لبست وأخذت عدة التمريض الخاصة بي ووصلت عنده فوجدته محضرًا الشوكولاته والكوكا كولا كعادته وجلسنا جلسة يقال عنها (استراحة مقاتل) وبعدها رحت أنا على شغلي في وحدة الإسعاف والطوارئ". وتتابع لمياء وعيناها اغرورقت بالدموع: "ذهبت وليتني لم أذهب فلحظتها تلقيت اتصالا هاتفيًا يؤكد نبأ استشهاد زوجي، (الرجل صاحب العكازين) المعهود عليه بأن يتقدم الصفوف الأولى غير آبه لغطرسة الاحتلال الوحشية". وتعتبر أبو مصطفى أن زوجها تمت صفيته وبشكل مقصود من قبل قوات الاحتلال على الحدود الشرقية لقطاع غزة فما حصل بحقه هو اغتيال مباشر من عدو لا يعرف للإنسانية أي سبل.

على نهج والدي

"كنت أصلي العصر في المسجد بمنطقتنا، قبل أن يبلغني أحد أصدقائي بأن والدي استشهد" بهذه العبارات بدء محمد أبو مصطفى حديثه عن اللحظة الأولى لمعرفته بنبأ استشهاد والده والتي تعتبر بمثابة اللحظة الأصعب بالنسبة له. ويقول الفتى أبو مصطفى "16 عاماً" لـ "قدس الإخبارية" إن والده استشهد وترك عائلة كاملة بمثابة أمانة في عنقه ومسؤولية كبيرة، كونه الأكبر من الفتيان في صفوف إخوانه إلى جانب أخواته الثلاثة وأمه. أما شروق أبو مصطفى "19 عامًا"، فتقول لـ "قدس الإخبارية": " أفتقد أبي في كل لحظة ومكان فزوايا المنزل تشهد على مدى عطاءه وحبه لنا وكان خير معيل لنا حيث قام بتربيتنا أفضل تربية وكان لا يتهاون لحظة عن توفير كل ما يلزم". واختتمت حديثها بالقول، وإجهاش صوتها من شدة البكاء كان واضح الملامح: "بابا عريس وراح على الجنة وارتاح من معاناته نتيجة الإصابات المتتالية ولنا لقاء في الفردوس الأعلى بحصبة الأنبياء والشهداء".