لمى خاطر، فلسطينية قررت ألا تكون امرأة عادية حصنت نفسها بالفكر والعلم والقلم، جادت بكتاباتها ما يمكن أن يؤسس لجيل تحرير واعٍ يرفض فكرة الاحتلال، ويعمل لأجل حرية الانسان و الأوطان، كانت أيقونة الحق في زمن الضياع و الهوان، كلمة الحق والقوة في زمن التخاذل والانصياع والخيانة لمى خاطر – أم أسامة- هي والدة لخمسة أبناء، أصغرهم يحيى ابن العامين و4 أشهر فقط، لم يشغلها البيت العائلي عن مناصرة القضية الفلسطينية وتأييد المقاومة بكل أشكالها، ودغدغة عقول المتابعين لها وتوجيههم نحو الفكر السليم والتحرري من قبضة احتلال يعمد على ضرب المحتوى الفلسطيني إنسان كان أم بناء، فكانت لمى إحدى محطات استهداف الاحتلال للبيت الفلسطيني الذي يحمل فكر المقاومة ويجند نفسه لخدمتها مبدأً ودرباً مشرفاً.
ليس هذا الاستهداف الأول الذي تعرضت له لمى في مشوارها الصحافي، إنما تعرضت لضغوطات عبر الملاحقة الأمنية لها، و اعتقال الاحتلال لزوجها على فترات متتالية، و مواصلة اقتحام منزلها في الخليل وترويع أطفالها، و كذلك تعرضها للضغوطات من أجهزة السلطة الفلسطينية التي اعتقلت زوجها مراراً، و نجلها البكر أسامة ضمن منهجية الاعتقال السياسي التي تحاول من خلاله إفشال مساعي الشباب الفلسطيني بالتحرك لأجل مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل.
ودّعت لمى عائلتها الصغيرة واحتضنت طفلها يحيى، ثم قادها جيش الاحتلال الاسرائيلي إلى السجون، تتعرض منذ اعتقالها لتحقيق قاسِ ومكثف، من شأن الاحتلال ضمن هذه الخطوات الضغط عليها لتشتيت وعيها، و ممارسة الضغط النفسي عليها وتهديدها بعائلتها وأطفالها، ولن نبالغ في القول أن لمى وغيرها من الأمهات الأسيرات لن تكويهنّ الابتلاءات خاصة إذا طالت عوائلهنّ، وأن ذلك يمرّ وكأن شيئاً لم يكن، إنما لا بد أنه يترك في أنفسهنّ بضعاً من القلق على ما يمكن أن يفعله الاحتلال بعد عملية الاعتقال، فالاحتلال غادر من شأنه أن ينكل بالشعب الفلسطيني وفق رؤية غير متوقعة، فمن يعتقل الأمهات ويختطفهنّ من بين أحضان أطفالهن يسهل عليه القيام بأي عمل شنيع آخر، و من يقتل المسعفين على حدود قطاع غزة وكذلك الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة يشهل عليه القيام بأي شيء.
مروراً على حجم التفاعل مع قضية اعتقال لمى، وغيرها من الأسيرات اللواتي وصل عددهن في سجون الاحتلال 64 أسيرة، نلحظ أن ثمّة تقبل لدى المجتمع إزاء اعتقال الحرائر، الأمر الذي كان مستهجناً في الماضي بات أمراً عادياً اليوم، وذلك لحجم ممارسة الاحتلال لفعل اعتقال الفلسطينيات، وتكرار الأمر غالباً ما يجعله أمراً معتاداً لدى المتلقي لضربة الاعتقال، فرادى كانوا أو جماعات.
اعتقل الاحتلال ، الكاتبة والصحافية لمى بتهمة "التحريض عبر السوشال ميديا على الاحتلال وأعوانه" لأنها كتبت ما لا يجرؤ آخرين على قوله وطرحه من تأييد مطلق للمقاومة الفلسطينية، وتقديم حلول لأزمات يمرّ بها الشعب الفلسطيني على يد احتلال يحاول التأصيل لنفسه على أرضنا، وسلطة قمعية باتت تفرض عقوباتها على شعبها أيضاً، الأمر الذي لم يرق للكثيرين فكان الاعتقال محاولة لاسكات صوت لمى وقلمها، لمى التي كانت صوت العدل ضد كل قصة ظلم، وكانت صوت المظلوم الذي يكابد صلف العيش.
الاحتلال إنما يخشى لمى وأمثالها لأنه يدرك حجم تأثير الأم والمرأة على مجتمعها، فهي ليست نصف المجتمع فحسب ، إنما كله ، هي الأم والزوجة والصديقة والمربية للأجيال، وهي المدافعة بفكرها وثقافتها وقلمها عن القضية الفلسطينية، ويتوعد الاحتلال أمثال لمى بالاستهداف بشتى الطرق، لأنهنّ بتنّ يشكلن أيقونة المقاومة والصبر في طريق الحرية، بل باتت المرأة الفلسطينية المخلصة هي إحدى دعائم طريق تحرير الوطن من براثن الاحتلال.
أخجلتي القاعدين بثباتك يا لمى، أخجلتي المفاوضين بمقاومتك يا لمى، أخجلتي الوطن الذي بخل عليكِ بالأمان يا لمى، أخجلتينا وأخجلتي أقلامنا