إذا كانت كل جهودك موجهة لمنع أي شكل من أشكال المقاومة، والآن أنت بذاتك تتبني شكل ركيك من أشكال المقاومة أتعتقد أن أحداً سيصدقك؟!
والمقاومة في اللغه هي الرفض، أو رفض كافة الظروف الواقعه بفعل جهة أو شخص بشكل واحد من أشكال الرفض أو بعده أشكال بشكل متناسق ومتناغم.
وأكثر الأشكال تأثيراً هي حالة الرفض بالفعل العنيف، أي ممارسة أفعال عنيفة بشكل فردي وجمعي لتجبر الفاعل على العدول عن أفعاله، ما أعني بأكثرها تأثيراً أي أنها ذات نتائج مباشرة في أغلب الأوقات.
وتعتبر المقاومة العنيفة باهضة الثمن جداً على من يمارس الفعل، فالاحتمالات محدودة بنهايه ما، اعتقال أو شهادة، وهذا عطفا على الرفض في سياق الحاله الفلسطينية، وأيضا باهضة الثمن من حيث الامكانيات المطلوبة.
الرفض بأشكاله الأخرى متعدد و متشعب ويجب أن يصب في تشكيل حالة داعمة وبيئة حاضة للرفض العنيف بحيث تهيئة العمق الداخلي ليكون قادراً على احتضان الحالة الثورية ودعمها وحمايتها.
وهنا نقطة مهمة لا يستطيع أي شعب تحت الاحتلال التخلي عن شكل من أشكال الرفض، هذه خسارة كبيرة جداً لأي قضية تقرير مصير، كما قال ابو اياد"مين الحمار الي بترك سلاحه وبيروح يفاوض"
وكمثال للتكامل المنشود بين اشكال الرفض: مقاطعه منتجات الاحتلال الاسرائيلي ، هي خلق حالة من رفض منتج الاحتلال و بالتالي خلق حاجز اما انتاج الاحتلال وحاجز يؤسس لما بعده من رفض الاحتلال بصورته العامة ، ولكن لا تكون مقاطعه منتجات الاحتلال ناحجة بذاتها او باتخاذها شكل وحيد لرفض المحتل "لتخصصها بالجانب الاقتصادي"، تكامل أشكال الرفض وتناغمها هو الطريق الوحيد للوصول لنتائج حقيقية ومؤثرة على أرض الواقع .
وأعتقد أن خلق حالة من الرفض "المقاومة" يعمل على تأهيل الشعب و خلق وعي حقيقي، و توحيد الشعب واذابة الفوراق والاختلافات، ولنا في مواكبة أحداث حرب غزة ٢٠١٤ دليل على كيفيه تحكم الحاله المقاومة بتشكيل الشعب الفلسطيني وإعادة تاهيل الحاضنة الشعبية للحالة
وأعتقد أن قضية البوابات الالكترونيه عام ٢٠١٧ التي جائت اثر عملية الشهداء الثلاثة من ام الفحم في ساحات المسجد الاقصى شهدت رفض شعبي، ورفض عنيف بشكل منتشر وواسع وكانت النتيجة انتصار الشعب في قضية اتسمت بالبساطة و المباشرة.
أعتقد أنها كانت مثال عن كيفية تشكيل الوعي بفعل الحاله ونجحت الجماهير الفلسطينية التي جعلت الأرض المحتله زلازل متفرقه تهز كيان المحتل، وأصبح الاحتلال اما خيارات ضيقه جداً ونهاية الامر ورضخ للمطالب التي كانت محكومة بالجماهير المنتفضه بحيث كانت قرارات الجماهير عمض الجماهير وبدون الحاجة لقائد ! وهنا فارقه مهمة جدا، لان المتابع لقضية البوابات يعلم محاولات حثيثة دعت لقبول البوابات الالكترونيه ، وحاولت جهات ما ادعاء قدرتها على توجيه الجماهير، لكن الاداء الشعبي الرافض كان في حالة الخان الاحمر - اخلاء البدو -
تجد أن السلطة الفلسطينية المحكومة باتفاقيه أوسلو - عملت وتعمل على إنهاء أي حالة رفض عنيفه أو شعبية حقيقيه وتحاول ايجاد حالة رفض نخبويه و انتقائية لتسطتيع السيطرة على حاله من الشحن والتفريغ دون الاضرار بمصالحها وبشكل واضح عملت على افراغ الحالة المقاومة وجعلها حالة تابعه للسلطة وورقة ضغط ، وجُعلت حالة نفعيه ليست حالة تضحية بالمقام الأساسي.
وللاسف السلطة - كسرت كافه أشكال الرفض مثلاً لم تساهم في منع دخول المنتجات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية بشكل فعلي، التساهل والتماهي مع مشاريع التطبيع وكسرت قواعد رفض التطبيع، وأنهت أي شكل عسكري للمقاومة - إنهاء عسكرة الانتفاضه والآن تطالب باعتماد حالة رفض سلمية.
وهنا يقف الانسان الفلسطيني حائرا امام هذه المفارقة ، ذات الجهة التي تقضي على كافة اشكال المقاومة ، وتحاول زج الشعب في عملية "المقاومة السلمية" التي لم تحقق أي جدوى حقيقية حتى اللحظة، وتحولت لمشروع نفعي فقط تابع لسياسات.