رام الله - خاص قدس الإخبارية: بعد 18 عاما لم تستطع زرد السلاسل أو قضبان السجن أن تلغي حلم الأسير عبد الكريم الريماوي، لتقرر ابنته رند استكمال حلمه في دراسة تخصص صحافة وإعلام في جامعة بيرزيت، عقب نجاحها في نتائج الثانوية العامة "انجاز"، لتزرع الفرح في قلب والدها الأسير.
ثمانية أشهر كان عمر رند عندما اعتقل جيش الاحتلال والدها عبد الكريم الريماوي، وحكم عليه بالسجن 25 عاما، لتمر تلك الأعوام بحلوها ومُرها دون وجود والدها بجانبها، إلا أن صورته لم تفارق خيالها، وهي التي كبرت وتعرفت على والدها في غرف الزيارة بالأسر.
لم يكن سهلا على رند أن تكبر دون وجود والدها معها، لكنها ومنذ صغرها قررت أن تدرس الصحافة والإعلام، لتستكمل حلم والدها الذي لم يستطع أن يحققه، فالأسير عبد الكريم الريماوي كان طالبا في كلية الإعلام بجامعة بيرزيت قبل أن يعتقله الاحتلال، ليكن هذا دافعها في النجاح والتفوق.
بعد اثني عشر عاما من الاجتهاد والمثابرة، حصدت رند ثمرة تعبها بحصولها على معدل 92.4 في نتائج الثانوية العامة "انجاز"، ففي منزلهم الكائن في بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله اجتمعت عائلة الأسير عبد الكريم الريماوي وجيرانهم وأصدقاءهم، ليشاركون رند ووالدتها ليديا فرحة النجاح، إلا أن تلك الفرحة كانت منقوصة لغياب الوالد القسري.
تقول رند لـ قدس الإخبارية، "كنت أتمنى أن يكون والدي معنا ويشاركني هذه الفرحة واحتضنه هو ووالدتي، لكن الاحتلال دائما يسرق فرحة شعبنا، لكن ورغم هذا إلا أن نجاحي هو نوع من التحدي، فإذا كان الاحتلال يظن أنه باعتقال أبائنا ينغص على حياتنا فهو واهم، فنحن انتزعنا الفرح من قضبان الأسر وأدخلناها إلى زنازين الأسرى، وأتمنى أن يكون والدي بجانبي في تخرجي من الجامعة".
ووجهت رند رسالة إلى والدها، "ان شاء الله تكون فخورة فيّ، وأكون وصلّت الرسالة اللي انت كنت حابب توصلها، وأكون حققت حلمك اللي انت ما قدرت تكمله لما كنت بالجامعة، وبتمنالك الفرج القريب وتكون بينا".
منذ بداية العام الدراسي 2017/2018 كانت رند حريصة أن تبذل كل ما في وسعها حتى تصل إلى النتيجة التي تدخل الفرحة على قلب والدها ووالدتها، فكانت من أصعب السنوات عليها، إلا أن عائلتها كانت دائما تدعمها وتساندها وترفع من معنوياتها.
لم تستطع رند أثناء الثانوية العامة زيارة والدها في الأسر نتيجة منعها من قبل الاحتلال، وتمكنت من رؤيته مرتين، خلالها كان عبد الكريم حريصا أن يشجع ابنته ويغرس بداخلها التحدي والإصرار والإرادة الذي يستلح به هو أيضا داخل الأسر، فكانت في لحظات ضعفها تستذكر كلمات والدها لها.
في حفلة التخرج التي نظمتها مدرسة بنات قاسم الريماوي لطلبات الثانوية العامة، ارتدت رند ثوب التخرج وكانت تسير لاستلام الشهادة بينما والدتها كانت تبكي فرحا لابنتها وحزنا لعدم وجود زوجها الأسير معهم، وهو الذي كانت يتمنى أن يشاهد ابنته بثوب التخرج، لكن رند أصرت أن يكون والدها معهم وكانت تحمل صورته طيلة الحفلة، والتقطت صورة لها ولوالدتها وهي تحمل صورة والدها بينهم.
والدة رند، لم تتوقف اليوم عن البكاء، فبعد 18 عشر عاما تحتفل بنجاح ابنتها البكر بينما زوجها بالأسر، لكن أمل عائلات الأسرى بتحررهم يبقى مزروعا في قلوبهم، فهي تتمنى أن يتحرر في القريب ليشاركهم فرحة تخرج ابنتهم من الجامعة.
غياب عبد الكريم كان صعبا على ليديا، فكانت هي تلعب دور الأب والأم لابنتها، وهو في كل زيارة له كان حريصا أن يذكر زوجته بالاهتمام بابنتهم رند وتلبية كل احتياجاتها، ففي غرف الزيارة في سجون الاحتلال كان عبد الكريم وليديا يخططان لمستقبل رند.
بضعة كلمات وجهتها ليديا لزوجها بمناسبة نجاح ابنتهم والدموع تسيل على وجنيتها:" كنت بتمنى يكون معنا في هذا اليوم بس".