شبكة قدس الإخبارية

رغم أنه قرار مؤلم.. لماذا يجب على صلاح اعتزال اللعب دوليًّا؟

عبد الله الشيخ
شبكة قدس - رياضة:قال الكاتب بنديكت سبنس في مقال له في صحيفة «الإندبندنت»: إن موسم النجم المصري محمد صلاح –الذي كان استثنائيًا بكل المقاييس– انتهى نهاية مؤسفة على ميدان استاد فولجوجراد في روسيا، بعد أن مُني منتخب مصر بهزيمة في اللحظات الأخيرة من نظيره السعودي في آخر مباريات الفريقين في بطولة كأس العالم لكرة القدم.

لكن سبنس أشار إلى أن خروج مصر من مرحلة المجموعات، بعد تلقي ثلاث هزائم، ليس أسوأ جزء في الصيف بالنسبة للفراعنة. إذ تتحدث تقارير من معسكر الفريق في جروزني عن أن «الملك المصري» سيعلن اعتزاله اللعب الدولي عن عمر 26 عامًا، بعد أن شعر أنه تعرض للاستغلال السياسي المستمر من قبل حكومته وحكومات أخرى.

كان اختيار مصر مكان إقامة المنتخب في روسيا قد أثار الكثير من علامات الاستفهام –يشير سبنس–، فمنطقة الشيشان ذات الحكم الذاتي والأغلبية المسلمة، شهدت تمردين، وتقودها حكومة قمعية لها سجل سيئ في حقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بالمثلية الجنسية. لقد فرض الرئيس الشيشاني رمضان قديروف نفسه في صورة الرجل القوي في المنطقة. فبعد أن قضى على التمرد الشيشاني، لعب دورًا حاسمًا في تقوية الروابط بين الدول الإسلامية وموسكو مع انخراط روسيا بثقلها في الشرق الأوسط، حتى وصل الأمر إلى إرسال قوات أمن شيشانية إلى سوريا.

وفي الوقت نفسه، أصبح صلاح الشخصية الأكثر شهرة وشعبية في العالم الإسلامي. لقد أصبح محبوبًا في الداخل والخارج ليس فقط بسبب براعتة في كرة القدم، ولكن أيضًا بسبب سلوكه المتواضع والودي، فقد أصبح رمزًا للإسلام المعتدل السائد في أوروبا التي لا تزال تعاني من سلسلة من الهجمات الإرهابية في جميع أنحائها منذ عام 2017.

ولكن هذه الشعبية جلبت عليه الكثير من المتاعب –يستدرك سبنس–؛ ولهذا السبب فهو في مثل عمره الصغير وبداية رحلته نحو النجومية العالمية، بات على وشك اعتزال اللعب دوليًّا.

بات من الواضح أن صلاح قد استُخدم بوصفه أداة دعائية من قديروف أثناء إقامته في جروزني، إذ أيقظه الزعيم الشيشاني في فندق الفريق ليعطيه جولة في المدينة، ومنحه «المواطنة الشرفية» في حفل عشاء خلال عطلة نهاية الأسبوع. ويرى سبنس أن الأمر منطقي؛ فمن ذا الذي لا يريد الاستفادة من شعبية أيقونة رياضية؟ لقد كانت هذه عادة السياسيين والديكتاتوريين، من موسوليني إلى توني بلير. لكن يبدو أن صلاح لا يتقبل الأمر بصدر رحب. فحقيقة أن الاتحاد المصري اختار جروزني مكانًا لإقامة المنتخب، وتواطأ في الترويج لصور قاديروف وصلاح، تشير إلى أن الأمر معد له سلفًا.

يضيف سبنس: ليست هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الاتحاد المصري لكرة القدم صلاح بوصفه أداة ترويج. ففي وقت سابق من هذا العام، اشتكى صلاح علنًا من كيفية استخدام اتحاد كرة القدم صورته لإعلان شركة الاتصالات WE، على الرغم من معرفتهم بأن صلاح قد أبرم اتفاقًا مع منافستها فودافون، وبالتالي من المحتمل أن يعرضه ذلك للمقاضاة. لكن الاتحاد المصري لكرة القدم تراجع بعد رد فعل عنيف من المشجعين المصريين، وخوفهم من أن يخرج صلاح من تشكيلة المنتخب قبل كأس العالم.

وفي عام 2014، هُدد صلاح بالخدمة العسكرية بعد انتقاله إلى تشيلسي. وأُبلغ بأن عائلته، التي لا تزال تعيش في مصر، لن يُسمح لها بمغادرة البلاد إذا لم يؤدِ الخدمة العسكرية. وفي النهاية، مُنح صلاح إعفاءً استثنائيًّا لتقديمه تبرعًا سخيًا إلى صندوق «تحيا مصر» التطوعي، الذي تم إنشاؤه في العام نفسه.

يواصل سبنس حديثه قائلًا: لا يعتبر صلاح أول لاعب كرة قدم يعاني من تعارض المصالح مع الحكومة المصرية وغيرها من الحكومات الاستبدادية، فقد اتهم محمد أبو تريكة، الصبي الذهبي السابق للحكومة المصرية، بعلاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين، ووضع على قائمة الإرهابيين المطلوبين في مصر. وبعد أن انتقد حكومة الرئيس السيسي، أوقف لاعب آخر، أحمد الميرغني، بسبب وصفه السيسي بأنه «عديم الفائدة» على وسائل التواصل الاجتماعي. أبعد من ذلك، اضطر نجم تركيا السابق هاكان شوكور إلى الفرار إلى كاليفورنيا بعد أن أثار غضب الرئيس أردوغان.

يوضح سبنس: لطالما تداخلت السياسة مع الرياضة. وُجهت إلى بطولة كأس العالم المقامة حاليًا في روسيا انتقادات شديدة بسبب استخدامها أداة دعائية للحكومة الروسية، وتبييض صورة النظام في ملفات مثل الشيشان والمواطنين الروس المثليين. وعلى الرغم من أن صلاح قد تعرض لانتقادات بسبب تصرفاته في الشيشان، وسيتعرض لانتقادات أخرى إذا ما اعتزل بعد أن استخدم أداةً سياسية لصالح أشخاص ومعتقدات لا يعترف بها، فما هو الخيار الذي لديه؟

يُعرف عن صلاح أنه رجل شجاع ومتواضع من حيث المبدأ. واحتجاجه باعتزاله اللعب دوليًّا، متحديًا رغبات حكومة استبدادية، هو أمر أكثر شجاعة بكثير. إذا فعلها، سيكون أمرًا مؤلماً له، ولكن سيكون هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.

المصدر: ساسة بوست