فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: تجديد انتخاب محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية، ومنح الحكومة الحالية شرعية تدعم استمرارها، هو المخرج الوحيد من مخرجات الجلسة الـ 23 للمجلس الوطني الذي نُفذ فوراً، وهو الذي أكد عليه عنوان الذي عقدت الجلسة تحته: "حماية الشرعية الفلسطينية".
ليتخوف الفلسطينيون من تخصيص جلسة المجلس الوطني لمنح الشرعية للرئيس محمود عباس وحكومته، أنها قد تُنذر منظمة التحرير الفلسطيني التي تعتبر – الممثل المعنوي الجامع للفلسطينيين في الوطن والشتات- بانقسام قد ينخر بها، بعد الانقسام الفلسطيني الداخلي عام 2007 على مؤسسات السلطة.
وخاصة أن الجلسة عُقدت برئاسة واستفراد من حركة فتح، في ظل مقاطعة الأحزاب الكبرى والفاعلة على الساحة الفلسطينية – حركة حماس، حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – واستبعاد مجموعة من الشخصيات الفلسطينية، التي ترفض الاعتراف بقرارات ومخرجات الجلسة، فيما ما زالت الجدالات والخلافات حول القرارات وصياغتها تدور بين المجتمعين.
فرغم تأكيد مجموعة من الأوراق السياسية البحثية واللقاءات التي أعدتها مراكز الأبحاث والدراسات في فلسطين قبل انعقاد المجلس الوطني، من تخوفها انعقاده في ظل استمرار حالة الانقسام وإقصاء الأحزاب الأخرى، إلا أن حركة فتح عقدت المجلس الوطني دون الالتفات للتحذيرات، ودون تطبيق الاتفاقيات التي وقعت عليها الأحزاب في اجتماعات سابقة عقدتها في القاهرة وموسكو وبيروت، بخصوص عقد المجلس.
مدير البحوث والسياسات في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية- مسارات، خليل شاهين، أوضح أنه رغم المطالبة الشعبية والأهلية والسياسية لعقد المجلس الوطني، إلا أن انعقاده بعد سنوات طويلة من الغياب لم يكن له الأهمية المرجاة فهو لم يعكس التوافق الوطني الشامل الذي يقرر كيفية انعقاد الدورة، والآليات اللازمة لها، واختيار الأعضاء، والمشاركة في تحضيرات أليات التوافق على البرنامج السياسي الوطني، وصولا إلى تشكيل هيئات منظمة التحرير.
وقال شاهين لـ "قدس الإخبارية" إن الحالة التي جرى فيها التحضير للمجلس الوطني بشكل انفرادي وعدم الالتزام بمخرجات اجتماع اللجنة التحضيرية في بيروت، أدى إلى غياب فصائل أساسية وهو الأمر الذي أفضى مزيداً من القلق حول الشعار الذي عقد تحته المجلس الوطني والذي دعا لحماية الشرعية الفلسطينية.
وأكد شاهين على أن الشعار الذي عُقد تحت المجلس الوطني قد يعكس نتائج عكسية ويفتح مجال لصراع جديد داخلي فلسطيني ينتقل من مستوى الانقسام على مستوى مؤسسات السلطة إلى مستوى الانقسام في منظمة التحرير، مضيفا: "ذلك يعني أن الطعن بشرعية منظمة التحرير ما سيفتح المجال لتشكيل أطر موازنة لمنظمة التحرير قد لا يكون من الأحزاب وإنما من قبل تجمعات في شتات يشعرون أن منظمة التحرير مجحفة بحقهم".
ورأى شاهين أن ما جرى من هندسة مناصب قيادية على مستوى عضوية مجلس وطني ثم لجنة مركزية إلى اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، "ما شهدناه هو تعيين يقترب من كونه هندسة الرئاسة القيادية لتصبح موالية للرئيس عباس، هو لا يعني استمرار الحالة السابقة بل تحديدها كحالة اتسمت بالنزعات الفردية في عملية اتخاذ القرار الوطني"، مشيراً إلى ضرورة عمل القوى على محاصرة التداعيات المتوقعة من خلال الوصول إلى حوار وطني شامل يؤدى إلى مجلس وطني جديد بشرط أن يكون مجلساً توحيدياً".
من جانبه، بين رئيس تحرير الشؤون الفلسطينية الصادرة عن مركز الأبحاث الفلسطيني، سميح شبيب لـ "قدس الإخبارية"، أن مخرجات المجلس الوطني تضمنت تحدياً واضحاً لمخطط ترامب وللموقف الإسرائيلي بشأن عملية السلام، متابعاً: "المجلس الوطني فيما قرره رفع حالة الاشتباك مع المخطط الأمريكي الإسرائيلي.. وعليه فنتوقع أنه سيتم اتخاذ إجراءات وعقوبات إقليمية ودولية ستشابه ما فرض على الرئيس السابق ياسر عرفات".
وأضاف شبيب أن مقاطعة الأحزاب الفاعلة على الساحة الفلسطينية للمجلس الوطني لها انعكاسات سلبية، لو أن المجلس الوطني مثل الجميع الفلسطيني لكان الوضع أفضل بكثير، ولكن مقاطعة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية بات يفرض تساؤل كبير حول المستقبل الفلسطيني ومستقبل المصالحة ووحدة الأداة الفلسطينية".
ولفت إلى أن ترك الباب مفتوحاً للأحزاب لتعود وتنضم للمجلس الوطني يجب أن يتم استغلاله، مستكملاً: "على الأحزاب البحث عن نقاط الالتقاء والمسارعة للانضمام للمجلس الوطني.. أما الخطط المناوئة لعقد مجلس آخر في الخارج لن تنجح والقوى الإقليمية والدولية لن تسمح بعقد مجلس وطني يتجاوز القيادة الشرعية للفلسطينيين".
فيما يوضح رئيس مركز دراسات أبحاث المستقبل إبراهيم المدهون لـ "قدس الإخبارية"، أن انعقاد المجلس الوطني في حالة عدم التوافق التي تسود العلاقة بين الأحزاب الفلسطيني يشير إلى أنه "مؤسسة خاوية على عروشها، غير قادرة على الوقوف ومواجهة الإشكاليات كما أنها غير قادرة على تقديم الحلول للمشاكل السياسية".
واستبعد المدهون أن تعقد الأحزاب المقاطعة للمجلس جلسة موازنة للتي تم عقدها، مؤكداً على أنه سيتم مقاطعة القرارات الصادرة عن المجلس الوطني وعدم الاعتراف بها، إضافة لبقاء حالة الانقسام على ما هي.
وقال، "إن عقد مجالس وطنية أخرى رداً على المجلس الوطني لن يكون رداً عميقاً ومناسباً.. الرد يجب أن يكون باستنهاض الشعب الفلسطيني والعمل على تدعيم ركائز مواجهة الاحتلال"، مشيراً إلى أن نجاح مسيرة العودة مقارنة بالمجلس الوطني يتمثل بأنها ستفرز قيادات شعبية وجماهيرية ستتبع سياسة مغايرة وبعيدة لسياسات المجلس الوطني كما أنها ستفرز وقائع جديدة على الأرض، وخاصة في ظل استمرار التفرد بمنظمة التحرير وعدم الاستجابة لمتطلبات المرحلة من تطوير وتهيئة وهو الذي سيكون له نتائج عكسية.
وعن مخرجات المجلس الوطني والتي تمثلت بوقف التنسيق الأمني والانسحاب من اتفاقية أوسلو وغيرها من الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين السلطة الفلسطينية وكيان الاحتلال، ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس محمود عباس على غزة، قال، "التعامل مع القرارات سيكون بانتقائية وهو ما نلمسه من عدم دفع الرواتب لموظفي غزة والاستمرار بفرض العقوبات وهو الذي يأتي بناء على ضغوطات من الاحتلال والمجتمع الدولي.. ما نحتاجه اليوم هو قرارات جريئة من الجميع وكسر احتكار القرار الفلسطيني".