المقابلة التي تحدث بها يوم أمس الاثنين 19/2/2018 القاضي عبد الله غزلان في "برنامج المنتدى القضائي" الذي تعده وتقدمة الهيئة الاهلية لاستقلال القضاء، وتم بثها على إذاعة 24 اف ام كان بمثابة صرخة مدوية خرجت على الملأ وعبَّرت عن ما كان يجول بخاطر الكثير من الناس ويتداولونه القانونيون وغيرهم في صالاتهم الخاصة، ومثل هذه الصرخة يجب أن تستقبل من مجلس القضاء الأعلى بروح رياضية عالية، لا بإجراءات عقابية يمكن أن تساهم في جر القضاء إلى مزيد من السوء.
فالجمهور الذي هزه ما آلت إليه الأمور بحاجة إلى خطوات عملية تقع ضمن صلاحيات مجلس القضاء الأعلى، تشكل بادرة لأن يبادر القضاء لإصلاح نفسه، ومن ثم تعزز الدعم المجتمعي للقضاء بدل استمرار حالة التدهور في ثقة الجمهور بالقضاء، فإعلان مجلس القضاء الأعلى عن عدة خطوات فورية من شأنه أن يشكل مخرجاً وبداية حل للأزمة التي يعاني منها القضاء.
وعليه أعتقد أن على مجلس القضاء، واستجابة للتحركات المجتمعية والشعبية التي يقوم بها المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني من أجل ضمان بناء قضاء مستقل ونزيه أن يبادر اليوم قبل غد باتخاذ الخطوات التالية:
- دعوة مجلس القضاء الأعلى للانعقاد بكامل عضويته وبحضور عضو المجلس القاضي عبدالله غزلان.
- إلغاء كافة القرارات التي أحيل بموجبها قضاة للتحقيق معهم على خلفية حرية التعبير، وعلى الخصوص قضية إحالة القاضي عبد الله غزلان إلى مجلس تأديبي وإحالة القاضي عزت الراميني إلى التحقيق بعد مشاركته بحضور مبادرة الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء والهيئة المستقلة لحقوق الانسان لتأسيس الائتلاف الشعبي لحماية استقلال القضاء.
- تاكيد مجلس القضاء الأعلى على حق القضاة بالتعبير عن آرائهم بحرية في كافة الأمور المتعلقة بالشأن القضائي.
- وقف أية إجراءات تهديدية لنادي القضاة وإعضائه على خلفية الدور الذي يقوم به بالدفاع عن استقلال القضاء ومد يد العون له.
- عدم قبول عقد ورشات للقضاة على نفقة مؤسسات لها قضايا في المحاكم للخروج من أية شبهات، خاصة المؤسسات التي لبعض القضاة علاقة معها وتنحي أي قاضي شارك بأية ورشة من هذه الورشات عن أية قضية تخص الجهات التي أنفقت على هذه الورشات.
- إطلاع الهيئة العامة من القضاة على مجرىات الحوارات والقرارات التي تتخذ في لجنة تطوير القرار التي شكلها السيد الرئيس، وتعزيز مشاركتهم كي يعكس الموقف الذي يقدمه سعادة رئيس مجلس القضاء موقف الجسم القضائي بكامله.
- تعديد وتدوير تشكيل الهيئات القضائية في محكمتي العدل والنقض واختيار هذه الهيئات بناء على الكفاءة المهنية والنزاهة دون أية حسابات برغماتية.
- الاستقرار بنظر القصايا وعدم تغيير الهيئات القضائية لما يؤثره التغيير من إطالة في أمد التقاضي.
- تشكيل مجلس تأديب القضاة وفق ما نص عليه القانون، باعتباره ضمانة من ضمانات استقلال القضاء.
- وضع ضوابط مهنية وسلوكية من مجلس القضاء تزيل أية شبهة بتناقض المصالح في النظر بالقضايا التي يتوكل بها محامون من أبناء القضاة.
- مطالبة الرئيس بإلغاء قانون محكمة الجنايات الكبرى والإبقاء على الآلية المتبعة في الفصل في الجنايات ورفض أي تعديل على أي قانون يتعلق بعمل المحاكم.
- وضع نظام إلكتروني لتسجيل القضايا، يظهر بشكل فوري للمدعي ووكيله بناء على رقم تسجيل القضية الهيئة القضائية التي ستنظر بالقضية بناء على رقمها.
- اتخاذ خطوات عملية لتوحيد القضاء مع قطاع غزة، والكف عن إدارة الظهر لموضوع القضاء في قطاع غزة.
إن اتخاذ هذه الخطوات بصورة سريعة، يفتح الباب لحوار وطني ومجتمعي مع القضاء ويعيد الثقة من جديد بأن القضاء قادر على إصلاح نفسه بنفسه، وبغير ذلك تكون السبل المعهودة لإصلاح القضاء قد سدت بالكامل ولا مجال لأية مبادرات لإصلاحه وتطويره، بل يكون القضاء قد وضع نفسه بنفسه في مسار لا يتمناه له أحد.