إيمان وعواد قصة معاناة تنتظر فجر المصالحة البعيد
لا عبارة لديّ لأصف فيها إيمان الأطرش وزوجها عواد الرجبي سوى أنهم "ضحايا الانقسام..ضحايا الاحتلال"، منذ 9 أعوام لم يجتمع الزوجان إيمان وعواد تحت سقفٍ واحدٍ سوى لأشهر قليلة، فالسجن عرف عواد أكثر مما عرفته زوجته إيمان.
عواد الرجبي (36 عاماً) اعتقل لدى الأمن الوقائي في مدينة الخليل منذ 20 يوماً على ذمة التحقيق، وحسب ما قالت زوجته فإنه معتقل على نفس التهمة التي اعتقل عليها لدى قوات الاحتلال، ويجري التحقيق معه بناء على "لائحة إتهام" اسرائيلية تتعلق بنشاطه المقاوم ضد الاحتلال، أما لجنة الحريات فلم تستطع الإفراج عنه ووصفت الاعتقال السياسي بأنه "جريمة وكارثة وطنية"، واعترفت بقصورها وعدم تمكنها من القيام بدورها الحقيقي.
25 يوما الفارق بين اعتقال الاحتلال والسلطة
تروي إيمان لـشبكة قدس اعتقالات زوجها لدى الاحتلال وتقول: "بعد زواجنا بشهرين في العام 2006 اعتقل الاحتلال زوجي وأمضى نحو عامين وعدة أشهر، وأعيد اعتقاله بعد الإفراج عنه وحكم عليه بالسجن 4 أعوام ونصف، ليخرج بعدها من الاعتقال بتاريخ 18/2/2013".
أمضى عواد نحو 25 يوماً في منزله قبل أن يرسل إليه الأمن الوقائي استدعاءً بتاريخ 14/ 2/ 2013 يطالبه بضرورة الحضور لإجراء مقابلة معه، وتكمل زوجته: "أجلت مقابلته عدة أيام بعد تدخل عدداً من الوسطاء كونه لم يشعر بطعم الحرية بعد، وبعد 4 أيام وبتاريخ 18/ 2/ 2013 ذهب عواد إلى مقر الوقائي في الخليل وأخذ معه ملفه الذي اعتقل عليه لدى الاحتلال حسب طلب السلطة لكنه لم يعد !!، وبعد أن طال وقت الانتظار، اتصلت بقريب لي في الوقائي، فرد الأخير أن الأمر سيأخذ وقتاً كونهم يترجمون الملف، وبعد ساعات أخبروني أنه حول للتحقيق وتم اعتقاله".
ما الذي جرى في سجن الخليل؟
ذهبت إيمان لزيارة زوجها لكن حراس المقر رفضوا السماح لها لأن اسمها غير مدرج على لائحة الزيارة، ارتفع صوتها وقالت لهم: "عليكم أن تخجلوا قليلا زوجي أسير محرر من المعيب بالأساس أن يتم احتجازه ساعة واحدة، عليكم تكريمه فهو اعتقل لدى الاحتلال لدفاعه عن الوطن"، وبعد 3 ساعات من منعها من الدخول وبسبب إصرارها سمحوا لها بالدخول لرؤيته وحدها دون والدته وأبيه اللذان كان يرافقانها.
تصف إيمان ما جرى وتقول: " أدخلوني إلى غرفة صغيرة، ولما شاهدت زوجي ارتعبت من منظره، كان يسير بخطوات صعبة تجاهي، ووجهه أصفر ويبدو عليه النحول"، تتلعثم إيمان وتقول: "فقدت السيطرة على أعصابي كنت أريد أن أسئله ماذا سنفعل بعملية زراعة الأجنة التي كنا ننوي القيام بها قبل اعتقاله، صرخ عليّ احد السجانين لبعدين بتسألي، وأرادوا إخراجه، حاولت جاهدة أن أمنعهم ولم أستطع، كل ما جرى لم يستمر لأكثر من خمس دقائق هكذا سمحوا لي برؤيته، وبعد مشادة كلامية صرفوني من المكان". وبعد ذلك لم يسمح لها بزيارته من جديد.وبعد مضي عدة أيام على اعتقال الرجبي شاركت إيمان في اعتصام مناهض للاعتقالات السياسية، تقول إيمان: "كنت صاحبة الفكرة، اتصلت بالناس الذين اعتقل أولادهم لدى السلطة، رسالتي كانت فقط أن تطلق السلطة سراح المعتقلين خاصة أنهم أسرى محررون من سجون الاحتلال، وهم يعتقلون على لائحة الإتهام التي يحاكمون عليها في سجون الاحتلال."
لجنة الحريات ترفض الاعتقالات السياسية
من جانبه اعتبر رئيس لجنة الحريات في الضفة الغربية خليل عساف أن اعتقال عواد الرجبي بناء على نفس لائحة الاتهام لدى الاحتلال كارثة حقيقية وجريمة وطنية بحق الأسير نفسه إن ثبت أنه معتقل على شيء معادي "لإسرائيل"، وأضاف عساف: "إن الاسير مهما كان توجهه فقط قدم شيئا للوطن، ولأجل حياةٍ أفضل للشعب الفلسطيني، فكيف يحاكم في محاكمنا الفلسطينية لمعاداته للمحتل"، وطالب عساف بضرورة اتخاذ وقفة وطنية جادة ضد الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأوضح عساف لـشبكة قدس أن بنود اتفاقيةأوسلو قد أقرت أن من يحاكم على "جريمة" لا يعاقب عليها مرة أخرى، فكيف تحتجز السلطة عواد على لائحة اتهام قضى عليها 4 سنين ونصف في سجون الاحتلال.
ويرى عساف أن الاشكالية في الاعتقالات السياسية هي رفض الاعتراف بأن هناك اعتقالات سياسية، موضحاً أن الحل الوحيد لإشكالية الاعتقالات السياسية هي باعتراف سلطتي الضفة وغزة بتعريف المعتقل السياسي، مطالباً بممارسة ضغط شعبي في الضفة وغزة لإنهاء الاعتقالات السياسية وضمان تطبيق تعريف المعتقل السياسي.
واختتم عساف حديثه بقوله: "إن هناك قصورٌ لدى لجنة الحريات التي انبثقت على لقاءات المصالحة في القاهرة، وأداء لجنة الحريات بالضفة الغربية ضعيف حيث أنها لم تستطع القيام بدورها بالشكل المطلوب، ولا يوجد تجاوب من قبل الدعوة التي أطلقتها لزيارة المعتقلين في السجون والتحقق من خلفيات اعتقالهم الحقيقية ولماذا يتم اعتقالهم ".